نبض أرقام
09:08 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

في ظل تزايد عمليات الدمج والاستحواذ.. هل أصبح الاقتصاد لـ"العمالقة فقط"؟

2018/07/06 أرقام - خاص

"شهد هذا العام عمليات دمج واستحواذ قياسية بين عدد من الشركات الكبرى حول العالم".. أصبحت هذه عبارة معتادة خلال الأعوام الماضية في غالبية التقارير التي ترصد واقع الاقتصاد حول العالم، بما يعكس توجهًا متصاعدًا نحو فكرة دمج الشركات مع بعضها البعض.

 

للعولمة دور

 

ولا شك أن تعظيم الأرباح هو السبب الأول للدمج بين الشركات، حيث إن دمج شركتين مع بعضهما البعض يتيح لهما التخلص من جزء من المنافسة وتكوين كيان أكثر تنافسية من خلال استفادة الشركة الوليدة من المزايا النسبية التي تتمتع بها كل شركة منفصلة في كيان واحد يجمع تلك المزايا مما ينتظر (في غالبية الحالات) أن يكون له تأثير إيجابي على الأرباح.

 

 

وتشير دراسة لكلية "هارفارد" لإدارة الأعمال إلى أن النمو المضطرد في عمليات الدمج والاستحواذ يعكس الصورة الطبيعية عن نمو ظاهرة العولمة التي تنحاز بشدة لفكرة "الإنتاج الضخم" أو الوفير الذي يعطي الشركات العملاقة مزايا تنافسية كبيرة للغاية على مثيلتها الصغيرة.

 

وتقدر مؤسسة "طومسون-رويترز" أن هناك أكثر من  50 ألف عملية استحواذ تمت خلال عام 2017 حول العالم، والعدد المقارب للغاية خلال الأعوام السابقة بما يجعل العقد الأخير يشهد أكثر من نصف مليون عملية استحواذ ودمج، في رقم غير مسبوق في تاريخ البشرية.

 

وخلال العام الأخير أيضًا بلغت عمليات الدمج أرقامًا قياسية لعل أبرزها قيام شركة "أمازون" بشراء "هول فوود" مقابل أكثر من 13 مليار دولار، في صفقة وصفت بأنها ستغير صناعة الأغذية في الولايات المتحدة بالكامل خلال الأعوام المقبلة بسيطرة العملاق الإلكتروني على سلسلة غذائية منتشرة بالفعل في أمريكا بما يتيح له بيع منتجات غذائية بصورة أوسع بكثير.

 

ولا شك أن موقع "أمازون" نفسه أصبح يمثل توجهًا جديدًا في عمليات الاستحواذ والتشعب، فمن خلال شرائه لتلك السلسلة التجارية، ولبعض الشركات المتخصصة في تصنيع الأجهزة التكنولوجية المتقدمة، وأخرى في صناعات شتى بما فيها حتى الصيدليات يبدو أن الشركة لا تتوسع في مجالها أو المجالات القريبة ولكن "في أي شيء مربح" وهو ما يختلف عن توجه أغلب عمليات الدمج بشكل عام.

 

للدمج أسبابه

 

وتسعى "أمازون" من خلال التوسع في استثماراتها إلى استغلال الفوائض المالية الكبيرة التي تحصل عليها نتيجة لنمو حجم أعمالها من 136 مليار دولار عام 2016 إلى 178 مليار دولار عام 2017، ونمو أرباحها بنسبة 28% خلال عام واحد أيضًا، بما يفرض على الشركة البحث عن مجالات جديدة للاستثمار.

 

 

وفاقت صفقتان فقط في 2017 استحواذ "أمازون"على "هول فوود"، من خلال صفقة أبرمتها شركة "سينشري لينك" الأمريكية للاتصالات بقيمة 34 مليار دولار مع " ثري ليفل كومينكيشنز" لتصبح واحدة من أكبر شركات الاتصالات في الولايات المتحدة والعالم أجمع، واستحواذ "إنتل" على شركة "موبايل أي" مقابل 15.3 مليار دولار.

 

وعلى الرغم من اعتبار الاستحواذ والدمج جزءا من ملامح العولمة "الطبيعية"، إلا أن هناك بعض مظاهر المقاومة لتلك الظاهرة، ومنها ما أشارت إليه صحيفة "نيويورك تايمز"  أن شركة "أوبر" سعت للاستحواذ على منافسين محليين في أكثر من دولة من أجل الانفراد تدريجيًا بالسوق العالمي، غير أن عروضها السخية واجهت الرفض في غالبية الأحيان.

 

عالم للعمالقة

 

ووفقًا لموقع "إنفستبيديا" فإن الشركات التكنولوجية والمعلوماتية تأتي في صدارة القطاعات التي تشهد عمليات دمج قياسية لا سيما بعد صفقات الاستحواذ المتعددة التي أبرمتها "أمازون" و"ألفا بيت" (جوجل)،  وذلك في ظل هيمنة تتزايد من قبل الشركات التكنولوجية العملاقة على مؤشر "ناسداك".

 

والسبب الرئيسي وراء ذلك هو ارتفاع تكلفة البحث والتطوير في تلك الشركات، حيث إن أول 9 من أكثر 10 شركات إنفاقا عليها شركات تكنولوجية، بمتوسط يبلغ 10 مليارات دولار، بما تعجز الشركات الناشئة عن مواكبة النفقات القياسية للشركات العملاقة التي تتفوق باستمرار في منتجاتها، فضلًا عن نفقات الدعاية والإعلان أيضا.

 

 

وتشير دراسة لـ"هارفارد" إلى أن "الخريطة" التي يتعامل معها المستهلكون تتغير باستمرار بحيث تتقلص مساحة الاختيارات، لا سيما في ظل عمليات الاندماج والاستحواذ التي أبرمت في قطاعات التكنولوجيا والصحة والإعلام والحواسب وخطوط الطيران والشركات الصناعية والمالية، ليبدو أن عالم الغد سيكون لـ"العمالقة فقط".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.