وجهت شركة "أمازون" انتباه المستثمرين خلال الأشهر الأخيرة إلى الاعتقاد بأنها لم تكن مهتمة على الإطلاق بسوق الأدوية وأنها ستواصل الاقتراب فقط من أعمال الرعاية الصحية، وأظهرت تجاهلًا للتراخيص الصيدلية التي حصلت عليها.
وبعد ذلك أبدت الشركة اهتمامًا فقط ببيع بعض مستلزمات طبية للمستشفيات ومقدمي خدمات الرعاية الصحية من خلال عملياتها الأساسية للتجارة الإلكترونية، ومنذ ذلك الحين انحسرت المخاوف من دخول "أمازون" الوشيك إلى سوق الأدوية، وتنفست أسهم الصيدليات الصعداء، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
لكن "أمازون" التي تملك أعمالًا في مجال متاجر التجزئة والأجهزة الإلكترونية والحوسبة وغيرها، فاجأت الجميع باستحواذها على الشركة الناشئة "بيل باك" لبيع الأدوية عبر الإنترنت في الثامن والعشرين من يونيو/ حزيران، ما تسبب في محو مليارات الدولارات من القيم السوقية للصيدليات.
ومن خلال هذه الصفقة بعثت الشركة برسالة تعكس طموحاتها الصيدلانية غير الحميدة –بالنسبة للمنافسين- وغير الصريحة أيضًا، كما أن من شأنها منح "أمازون" موطئ قدم على الفور في سوق الأدوية الأمريكي.
سوق ضخم وخوف من المنافسة
- كانت الأدوية التي لا تُمنح دون وصفة طبية واحدة من الأشياء التي اعتقدت الصيدليات طويلًا أن "أمازون" لن تتاجر بها، على أمل أن تظل الكعكة السوقية مقسمة عليها دون منافسة من كيان ضخم كعملاق التجارة الإلكترونية، خاصة أن هذه الأدوية تشكل جزءًا كبيرًا من مصدر الإيرادات، بجانب كونها طريقة لجذب العملاء إلى الصيدليات وبالتالي يتم إغراؤهم لشراء منتجات أخرى مثل مستحضرات التجميل.
- تشكل هذه الأدوية 72.5% من مبيعات الصيدليات في الولايات المتحدة، بينما تشكل مبيعات التجزئة الصيدلية الأخرى الباقي، وترغب "أمازون" في اقتناص حصة من إنفاق المستهلكين بالانسجام مع هذا السوق الغني.
- انخفض الطلب على الأدوية عبر البريد في السنوات الأخيرة، وإذا تمكنت "أمازون" و"بيل باك" من جعل هذا السوق أرخص وأسهل وأكثر جاذبية فهناك احتمال لانعكاس هذا الاتجاه، لكن ستكون الضغوط على الحصص السوقية وهوامش الأرباح سيئة لأي شخص يشارك في سوق بيع الأدوية عبر البريد، لكن الأثر الأسوأ ستشعر به صيدليات التجزئة.
- من ناحية أخرى، قد تكون الصفقة بمثابة دعم لمشروع الرعاية الصحية الذي تتعاون فيه "أمازون" مع "بيركشاير هاثاواي" و"جيه بي مورجان"، فتأمين مصدر للمنتجات الصيدلية والأدوية طريقة فعالة للتخلص من الوسطاء المكلفين.
الإصرار جاء بعد فشل
- لم تكن هذه المحاولة الأولى لـ"أمازون" في قطاع الصيدلة، ففي أواخر التسعينيات قامت الشركة بالاستحواذ على "Drugstore.com" وهي واحدة من أوائل بائعي المستلزمات الصيدلانية عبر الإنترنت، لكن هذه الخطوة كانت لا تبدو مدخلًا لعملاق التجارة الإلكترونية إلى السوق.
- كانت معظم مبيعات "دراج ستور" متعلقة بالمواد التي لا تحتاج لوصفة طبية ويمكن شراؤها مباشرة من أي صيدلية دون توصية من الطبيب، وبعد فترة باعتها "أمازون" لمشغل سلاسل الصيدليات في الولايات المتحدة "Walgreens".
- رغم انخفاض الطلب إلا أن تجارة الأدوية التي تستلزم وصفة طبية عبر الإنترنت أصبحت أكبر مما كانت عليه في أواخر التسعينيات، كما أن شخصية "أمازون" وأسلوبها، يجعلان التجربة الجديدة مختلفة تمامًا، حتى أن البعض يعتقد أنها قد تبيع المنتجات الدوائية من خلال متاجر "هوول فودز".
الجميع يخشى أمازون
- يتحدث المسؤولون التنفيذيون اليوم في أرجاء الصناعات المختلفة عن محاولات "أمازون" لاستقطاع أجزاء من حصصهم السوقية، ويمضي قادة قطاعات عدة بداية من البنوك الكبرى وشركات التأمين على المنازل والشحن والسفر عبر الإنترنت وقتًا وفي صياغة الخطط للتصدي إلى توسع شركة التجارة الإلكترونية على حساب تواجدهم وكيفية تجنب ابتلاعها لأعمالهم.
- أخذت "CVS" للمنتجات الصيدلانية هذه المخاوف في الحسبان وبدا ذلك جليًا عندما أعلنت عملية شراء (كخطوة دفاعية) بقيمة 68 مليار دولار لمقدم خدمات التأمين الصحي "Aetna"، فيما بذل معظم رواد قطاع الصيدلة الآخرين قصارى جهدهم لإقناع المستثمرين بأن تهديد "أمازون" مبالغ فيه.
- لكن من الآن فصاعدًا سيواجه المستثمرون أوقاتًا عصيبة، وسيكون من الصعب على التنفيذيين تهدئتهم بعدما ثبت عدم صدق توقعاتهم، ولعل الصدمة الأخيرة لأسهم القطاع الصيدلي كانت خير دليل على ذعر المستثمرين.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}