نبض أرقام
10:18 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

سندات الشركات.. هل تمثل فعلا نار "أزمة منتظرة" تحت الرماد؟

2018/06/30 أرقام - خاص

على الرغم من تعدد الأسباب التي أدت لوقوع الأزمة المالية العالمية عام 2008، إلا أن ارتفاع معدلات الديون العالمية سواء للشركات أو الحكومات أو حتى الأفراد كان السبب الأبرز، حيث وصلت الديون حول العالم إلى 97 تريليون دولار عام 2008، وفقًا لتقدير مركز "ماكنزي" العالمي للأبحاث.

 

انتهت الأزمة.. والسبب مستمر

 

وعلى الرغم من انتهاء الأزمة المالية منذ سنوات إلا أن مسببها الرئيسي استمر في النمو، حتى أن التقديرات تشير إلى ارتفاع الديون حول العالم من 97 تريليون في 2008 إلى 169 تريليون عام 2017، لترتفع بنسبة 75% خلال 10 أعوام فحسب.

 

 

وعلى الرغم من أن ارتفاع الديون حول العالم جاء بسبب الحكومات والأفراد والشركات على حد سواء، إلا أن مساهمة الأخيرة في ذلك كانت قياسية، حيث تشير دراسة "ماكنزي" إلى أن الشركات توسعت في إصدار سندات الديون 2.5 ضعف ما كانت تصدره قبل 10 أعوام.

 

واللافت هنا أن التوسع هذه المرة لم يكن من الولايات المتحدة والدول المتقدمة فحسب، بل جاء أيضًا من الأسواق الناشئة أيضا ، حيث إن الصين أصبحت خلال سنوات قليلة من أعلى الدول التي تعاني شركاتها الديون قياسًا بحجم الناتج المحلي الإجمالي.

 

والملاحظ هنا ارتفاع نسبة ديون الشركات من السندات التي أصبحت ملجأها للحصول على القروض بعد أن زادت شروط البنوك تعقيدًا بالنسبة لها في أعقاب الأزمة المالية العالمية، حيث ارتفعت نسبة السندات إلى 19% من إجمالي قروض الشركات خلال العام الماضي، بينما تضاعف مبلغ قروض السندات التي حصلت عليها الشركات إلى 11.7 تريليون دولار ليتضاعف 2.7 مرة مما كان عليه قبل 10 أعوام.

 

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال في طليعة الدول المصدرة لسندات الشركات حول العالم بـ4.8 تريليون دولار في 2017 إلا أن نسبة نمو السندات فيها لا تتعدى 8% فيما تبلغ السندات المصدرة في الصين في العام نفسه تريليوني دولار إلا أن نسبة النمو في إصدارها تصل إلى 40%.

 

حقائق مقلقة

 

ولعل الجانب الإيجابي في هذا الأمر هو أن التوسع في إصدار السندات يشير إلى قدرة الشركات على تمويل المزيد من الأنشطة إلا أن هناك عددا من الحقائق المقلقة التي لا ينبغي إهمالها في هذا الصدد:

 

- 40 من السندات التي أصدرتها الشركات الأمريكية مصنفة "بي.بي.بي" (BBB) (أدنى تصنيف للديون "المقبولة") والكثير منها يصنف على أنها "ديون مشكوك في تحصيلها".

 

قيمة السندات المصدرة في الصين عام 2007 كانت 69 مليار دولار فحسب، بينما وصلت إلى تريليوني دولار عام 2017، كما تزايدت النسب في دول أخرى نامية مثل البرازيل وتشيلي والمكسيك وروسيا.

 

الكثير من "الديون السيئة" اقترب موعد تحصيلها بين عامي 2020-2022 بما يزيد المخاوف من تعثر الكثير من الشركات وعجزها عن السداد، لا سيما أن سندات قيمتها 7.9 تريليون دولار ستستحق السداد بين عامي 2018-2022.

 

 

وعلى الرغم من أن أداء الشركات عالميًا يبدو "رائعًا" في ظل تحقيقها لأرباح قياسية إجمالًا بعد 30 عامًا من النمو المتواصل بما يقدم مؤشرًا مطمئنًا حول قدرة الشركات على سداد ما عليها من التزامات إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة.

 

فالنمو والأرباح ليست موزعة بشكل عادل بين مختلف شركات العالم، ففي الوقت الذي تزدهر فيه شركات التكنولوجيا والخدمات بشكل عام لا تحقق شركات الصناعة والزراعة نفس الأرباح بما يؤشر لاحتمالية كبيرة لعدم قدرة الأخيرة على سداد ما عليها من التزامات.

 

وتزداد الأزمة تفاقمًا أيضًا مع ارتفاع معدلات الفائدة بشكل عام عالميًا، بما يؤشر إلى أن الشركات التي تعاني من المديونية لن يكون بوسعها أن تقترض بسهولة لكي تمول سداد ديونها الحالية التي تستحق الوفاء، وهو ما اعتادت الشركات القيام به مع تدني أسعار الفائدة.

 

قيود جديدة

 

ويفرض الوضع الحالي في سوق الإقراض والسندات العديد من القيود على أطراف المعادلة كلهم كما يلي:

 

- البنوك: مع توجه الشركات الكبرى للحصول على ما تحتاجه من تمويل من خلال إصدار السندات فإنه سيكون بوسع البنوك أن توسع من أنشطة تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بما يعيد التوازن إلى الأسواق أولًا، ويقوي من موقف البنوك في مواجهة من تمنحهم نقودها ثانيًا.

 

المستثمرون: سيكون عليهم أن يدققوا حساباتهم كثيرًا قبل اتخاذ قرار الاستثمار في السندات وألا تجذبهم أسعار الفائدة العالية من أجل شراء السندات دون حسابات دقيقة لقدرة الشركات على سداد التزاماتها.

 

صناع القرار والمشرعون: مع تزايد التعقيدات المتعلقة بديون الشركات فإنه على صناع القرار والمشرعين أن يعملوا على وضع المزيد من القواعد التي تضمن الشفافية الكاملة في حصول تلك الشركات على القروض وفي استقرار المراكز المالية للشركات بما يضمن للمقرضين حصولهم على أموال القروض والسندات التي يمولونها.

 

 

ويحذر مركز "ماكنزي" من أنه، ولكل الأسباب التي سلف ذكرها، إذا لم يتم مراعاة الدقة التامة في منح القروض خلال الأعوام القليلة المقبلة فإن أزمة 2008 ستكون مجرد "قطرة من بحر" الأزمة المالية المقبلة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.