نبض أرقام
02:26 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/07
2024/10/06

السياسة والنفط و"أشياء أخرى".. كيف تدعم أو تثبط هذه العوامل نمو اقتصاد العالم؟

2018/06/14 أرقام - خاص

كثيرًا ما تظهر التكهنات حول ما إذا كان الاقتصاد العالمي سيحظى بعام جيد أو سنوات سيئة أو أنه سيعاني فترة صعبة لا يشهد خلالها استقرارا، وما إذا كانت معدلات نمو الاقتصاد العالمي ستكون إيجابية أو سلبية وكيف يكون معدل نمو التجارة وغير ذلك من مؤشرات النمو والازدهار الاقتصادي من عدمه، ليبقى التساؤل عن العوامل التي تنبني عليها تلك التكهنات.

 

وتتعدد العناصر التي تستخدم في تقدير مدى استقرار الاقتصاد العالمي لفترة مقبلة من عدمه، لتشمل عوامل سياسية، وأخرى متعلقة بالمواد الخام، وثالثة متعلقة بحالة الاقتصادات الرائدة، ورابعة بالاكتشافات (الاختراعات) الحديثة، وغيرها.

 

 

السياسة وأثرها

 

يشير تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن أكثر ما يؤثر في استقرار نمو الاقتصاد العالمي ودرجة النمو -أو التراجع- هي السياسات العالمية المتبعة في غالبية الدول، ولا سيما الدول ذات الوزن النسبي الثقيل في الاقتصاد العالمي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية والهند والصين وبعض الدول الناشئة مثل البرازيل.

 

وفي ظل صعود السياسيين من مؤيدي"السياسات الشعبوية" تزداد المخاوف من احتمال اتباع سياسات من شأنها تقويض حرية التجارة وفرض العزلة بما يحد حرية الاستثمار والتنقل، وغالبا ما يتأثر النمو سلبًا بصعود أي من اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف، وعلى العكس تتفاءل الأسواق بوصول يمين الوسط إلى السلطة في البلاد المهمة، حيث غالبًا ما يتخذ هذا الاتجاه سياسات مؤيدة للاقتصاد الحر وفي نفس الوقت دون فرض عزلة اقتصادية.

 

ولهذا تشير دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن الصعود المفاجئ لاتجاهات سياسية متطرفة كثيرًا ما يقوض النمو الاقتصادي العالمي بشكل لافت، خاصة أن الشركات والأشخاص على حد سواء يتجنبون الاستثمار في ظل "غياب اليقين" حول الأفق السياسي وبالتالي تقل التدفقات المالية بشكل واضح عالميًا مما يقوض النمو الاقتصادي العالمي آجلا أو عاجلًا.

 

ولهذا السبب قالت "الإيكونوميست" في تقرير أنه يبدو وكأنه بوسع الاقتصاد العالمي النمو بدرجة أكبر بكثير مما يحدث حاليًا، غير أن المخاوف من "الغامض" (دونالد ترامب) تقيد هذا النمو كثيرًا وتحد منه، نظرًا لعدم قدرة المستثمرين على توقع اتجاهات ساكن البيت الأبيض المستقبلية لعدم وجود سياسات اقتصادية مستقرة معلنة.

 

 

المواد الخام

 

باستمرار كانت هناك مادة خام هي الأهم للنمو الاقتصادي، مع احتفاظ مواد أخرى بدرجة من الأهمية، ففي عصور ماضية كان النحاس على قمة هرم أولويات الاقتصاد، ثم جاء الحديد، وفي عصرنا الحالي (وحتى إشعار آخر) يأتي النفط والوقود الأحفوري في المقدمة.

 

لذا تشير صحيفة "الجارديان" إلى أن المعادلة فيما يتعلق بالنفط سهلة ومباشرة للغاية، نفط رخيص= تشجيع للنمو الاقتصادي العالمي، ولا يقتصر الأمر بطبيعة الحال على النفط، لكنه يمتد ليشمل بقية عناصر الإنتاج من عمالة وسلع رأسمالية وسلع وسيطة، فتراجع أثمان كل هذه العناصر يشجع المستثمرين على ضخ المزيد من الأموال أملًا في الحصول على أرباح أكبر.

 

ولذلك يشكل ارتفاع تكلفة النفط مخاوف كبيرة للمستثمرين لأنه يعكس ارتفاعًا في تكلفة الإنتاج، مما يقوض خطط الاستثمارات المستقبلية التي تتم بناء على سعر تقديري للنفط -ولبقية المواد الأولية- وتغير هذا السعر صعودًا كثيرًا ما يغير خطط الاستثمار برمتها.

 

 

الاقتصادات الرائدة

 

في كل مرحلة من مراحل التاريخ الاقتصادي تكون هناك قوة أو قوى تعد البوصلة لتبيان مدى قدرة الاقتصاد العالمي على تحقيق النمو من عدمه، ففي مرحلة سابقة ارتبط نمو الاقتصاد العالمي بالولايات المتحدة وقبلها بإنجلترا وخلال السنوات الأخيرة ارتبط بالاقتصاد الصيني.

 

ويشير تقرير للبنك الدولي حول النمو الاقتصادي العالمي عام 2018 إلى أنه على الرغم من إمكانية تحقيق الاقتصاد الصيني لمعدل نمو تقارب 6.4% العام الحالي، إلا أن الاقتصاد أصبح مرتبطا بصورة أكبر بالنمو في الدول التي تعرف بالنمور الاقتصادية، مثل البرازيل والهند، فالدول "الصاعدة" أصبحت هي من تحقق معدلات نمو كفيلة بترجيح كفة النمو على كفة التراجع الاقتصادي وليس الاقتصاد الصيني (الذي يبقى مهمًا للغاية في مرتبته كالاقتصاد الثاني عالميًا وكأحد أعلى الاقتصادات نموًا في العالم).

 

 

الاكتشافات أو الاختراعات

 

شهد الاقتصاد العالمي نموا كبيرا في فترة الثورة الصناعية بسبب اكتشاف قوة الآلة، ثم شهد نموًا شبه مماثل في المرحلة الأولى من الثورة المعلوماتية في تسعينيات القرن الماضي، وفي مراحل سابقة ارتبط "انفجار" النمو الاقتصادي باكتشافات أو اختراعات فارقة في تاريخ الإنسان.

 

ولعل ذلك على سبيل المثال هو ما جعل البنك الدولي يؤكد في تقرير حول احتمالات النمو في 2018 أن فرص النمو تضاءلت في ظل تراجع التحسن في نسبة المخرجات قياسًا لمدخلات الصناعات المختلفة، والمقصود هنا أن التقدم في تحسين الاستفادة من موارد الإنتاج المختلفة (بشرية ورأسمالية وطبيعية) تراجع بما يؤدي لتراجع التحسن في زيادة الإنتاج دون إضافة موارد جديدة لدورة الإنتاج.

 

ولذا فعلى الرغم من اعتبار الاقتصادي البارز "جون كينز" أن الاقتصاد يدور في حلقات "طبيعية" من النمو والتراجع، وأن دور الدول هنا أن تعمل على دفع قوى النمو ومحاربة القوى التي تقاوم صعود الاقتصاد، إلا أن "كينز" نفسه أقر ضرورة تطوير التكنولجيا القائمة كالأداة الأهم للحفاظ على التقدم الاقتصادي.

 

فالموارد تبقى نفسها دون زيادة، بما يعني أن أهم ما يمكن تحقيقه للوصول إلى نمو متصل هو التغيير المستمر في المعادلة التي تقضي بأن (موردا+موردا= موردان)، نحو تكنولوجيا تجعل القيمة المضافة لدمج الموارد مع بعضها البعض تفوق مجرد قيمة جمع قيمة كل منهما على الآخر.

 

 

الأحداث الاستثنائية

 

يشير تقرير لشبكة "بروكينز" مثلًا إلى أن أحد أهم الأحداث الاستثنائية كان الـ"بريكست" أو  التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد التجاري والجمركي مع الاتحاد الأوروبي، حيث أثر هذا الحدث على الاقتصاد العالمي بأكمله خلال عام 2016.

 

وفي بعض الأحيان تكون الأحداث الاستثنائية متعلقة ببعض الأحداث الطبيعي مثل زلزال مدمر أو أعاصير تصيب دولة هامة بالنسبة للاقتصاد العالمي وتعمل على تقويض النمو فيها لفترة محددة، أو انفجار صراع عسكري غير منتظر بين دولتين صغيرتين أو توتر سياسي بين دولتين أكبر.

 

وفي كل تلك الحالات السابقة يتأثر النمو الاقتصادي سلبًا باختلاف التوقعات السابقة لدرجة الاستقرار الجيوسياسي أو الاقتصادي أو حتى المتعلق بالعوامل الطبيعية عما يحدث على أرض الواقع وبالتالي يتراجع النمو الاقتصادي بسبب حالة "غياب اليقين".

 

وتتضافر كافة العوامل السابقة لكي تعطي -سويًا- الاقتصاد العالمي قدرته على النمو أو العكس لتزدهر التنمية أو يُعاق تحركها، لتبقى الصورة النهائية للنمو الاقتصادي العالمي مقترنة بتفاعل تلك العوامل مع بعضها البعض.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.