نبض أرقام
08:28 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

ماذا يقول التاريخ وتجارب الأمم عن العملات الرقمية ؟!.. موضة ستندثر سريعًا

2018/05/30 أرقام

يدعي البعض أن ثورة الأصول الافتراضية التي اندلعت مع إطلاق "بتكوين" عام 2009 كانت بمثابة اختراع لأنواع جديدة من المال، والآن هناك ما يقرب من ألفي عملة رقمية تحظى باهتمام الناس في جميع أنحاء العالم، لكن ما سر هذا الحماس الذي لم تثبطه التحذيرات من كون هذه الطفرة مجرد وهم زائف، بحسب تقرير لـ"الجارديان".

 

وعلى المرء أن يضع في اعتباره التاريخ الطويل لمحاولات إعادة اختراع المال قبل تبني مثل هذه الاعتقادات كما تشير عالمة الاجتماع "فيفيانا زيليزر" في كتابها "المعنى الاجتماعي للأموال" والذي تقول فيه أيضًا: في كل مكان يبتكر الناس أنواعًا مختلفة من المال، والعديد من هذه الابتكارات يولد الإثارة الحقيقية، على الأقل لبعض الوقت.
 


 

كوسيلة للتبادل في جميع أنحاء العالم، فإن المال في تجسيداته المختلفة غني بالغموض، ويميل الناس إلى قياس قيمة الأشخاص من خلاله، رغم أنه لا يتألف في النهاية سوى من قطع ورق تدور مرارًا وتكرارًا في حلقات الإنفاق، لذلك تعتمد قيمته على المعتقد والثقة في تلك الأوراق، وقد ينظر إلى إنشاء نوع جديد من المال على أنه إيمان من المجتمع بفكرة ما وجهد لتحقيقها.

 

وفي كتابه "المأساة الأوروبية: دراما في 9 قوانين"، يرى الخبير الاقتصادي "أشوكا مودي" أن التبرير العام لإنشاء العملة الأوروبية الموحدة عام 1992 كان نوعًا من التفكير الجماعي، وأنه إيمان متجذر في نفوس الناس، وأن مجرد وجود عملة موحدة من شأنه خلق قوة دافعة لكي تتضافر جهود البلدان وتتقارب وجهات النظر السياسية بشكل أكبر.

 

شهادات على الإخفاق من الماضي
 

- في عام 1827، افتتح الكاتب والمخترع الأمريكي "جوزيه وارنر" متجر "سينسيناتي تايم ستور" الذي باع البضائع مقدرة بساعات العمل، معتمدًا على "أوراق العمل" التي تشبه النقود الورقية، وحينها كان ينظر إلى الأموال الجديدة كدليل على أهمية العاملين حتى أغلق المتجر بعد ثلاث سنوات.
 


 

- في عام 1832، حاول "روبرت أوين" الذي يوصف بأنه الأب الروحي للاشتراكية، إقامة ما يعرف بـ"بورصة العمل العادل الوطنية" في لندن والاعتماد أيضًا على "أوراق العمل" أو "أموال الوقت" كعملة، ويشار هنا إلى أن استخدام الوقت بدلًا من الذهب والفضة كمعيار للقيمة يعكس أولوية العمل، لكن على أي حال، فشل الأمر في نهاية المطاف مثل تجربة "وارنر".

 

- بالمثل، اقترح "كارل ماركس" و"فريدريك إنجلز" أن الافتراض الشيوعي الرئيسي (إلغاء الملكية الخاصة) سيصاحبه إلغاء لعمليات البيع والشراء، لكن كان من المستحيل التخلص من الأموال ولم تنجح أي دولة شيوعية في ذلك، فقط أصدروا نقودًا ورقية تحمل رموزًا للطبقة العاملة.

 

- خلال فترة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين، اقترحت حركة راديكالية تسمى "تكنوقراسي" ذات صلة بجامعة كولومبيا، استبدال الدولار المدعوم بالذهب بآخر مقوم بالطاقة، وادعت أن الاقتصاد القائم على الطاقة سوف يتغلب على مشكلة البطالة، ولم تدم الفكرة طويلًا حتى كشف العلماء زيف مزاعمها.

 

 

- بالتوازي مع ظهور "تكنوقراسي"، وتحديدًا في عام 1932، اقترح الخبير الاقتصادي "جون بيز نورتون"، إصدار دولار مدعوم بالكهرباء وليس الذهب، ورغم الاهتمام الكبير بالمقترح لكن مقدمه لم يكن يملك سببًا وجيهًا لتفضيل هذه السلعة على غيرها في دعم العملة.

 

- في هذا الوقت كانت معظم الأسر في الدول المتقدمة قد حصلت على خدمات الكهرباء للتو، ودخلت أجهزة مثل الراديو والثلاجات إلى المنازل، واعتبرت الكهرباء صورة لأبرز الابتكارات العلمية الراقية، لكن مثل "تكنوقراسي" فإن محاولة "نورتون" باءت بالفشل.

 

- في عام 1933، رأي الكاتب "هاري بريتس فيليبس" في الدولار الكهربائي وسيلة للكوميديا وقال عنه: سيكون من الجيد تسوية ضريبة الدخل به وإرسال 300 فولت إلى الحكومة.

 

العملات الرقمية على نفس الدرب

 

- الآن هناك شيء جديد مشابه، وهو العملات الرقمية على غرار "بتكوين"، والتي ظهر معها عمليات الطرح الأولي، ويدعي مصدرو هذه الأصول بأن عمليات الطرح لا يجب خضوعها لرقابة جهات تنظيم سوق المال، لأنها لا تشمل أموالًا تقليدية أو تُكسب الأشخاص ملكية رابحة.

 

- الاستثمار في هذه العمليات هو أحد أوجه الإلهام والابتكار الحديثة تمامًا، وقد اقترن هو والعملات الرقمية بقصص تكنولوجية فريدة من نوعها، لكن بشكل أكثر جوهرية، فالأمر برمته مرتبط بتوق شديد إلى نوع ما من الثورة في المجتمع.

 

 

- العملات الرقمية هي بيان حول إيمان جديد في المجتمع من أولئك الذي يعتقدون أنهم فوق الحكومات الوطنية، التي ينظر إليها على أنها الدافع وراء تاريخ طويل من عدم المساواة والحروب.

 

- كما هو الحال في الماضي، يرتبط سحر الجمهور بالعملات الرقمية بنوع من الغموض، مثل سر قيمة المال نفسه، والذي يرتبط في هذه الحالة بالعلوم المتقدمة، فمن الناحية العملية لا يمكن لأحد بعيدًا عن تخصص علوم الحاسوب أن يشرح كيف تعمل هذه الأصول.

 

- يمنح هذا الغموض العملات الرقمية حالة من التفرد، ويوفر لها سحر المال الجديد الذي يملأ المتحمسين بالشغف الثوري تجاهها، لكن لا شيء جديدا في هذا، وكما هو الحال مع الابتكارات النقدية السابقة، قد لا تكون القصة مقنعة بشكل كاف.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.