ارتفعت أسعار البنزين بنحو 30 سنتًا للجالون (3.78 لتر) في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، وبطبيعة الحال هي زيادة غير محببة لأي مواطن كان، لكن رغم بلوغ السعر 2.8 دولار للجالون، فإنه ما زال بعيدًا عن مستوى الأربعة دولارات الذي اقترب منه قبل انهيار النفط في 2014.
وبعيدًا عن الولايات المتحدة، كان الأمر أكثر سوءًا في الهند، حيث بلغت الأسعار في محطات البنزين مستويات أعلى مما كانت عليها في صيف 2014، وأصبح ذلك يهدد نتائج الانتخابات التي ستشهدها البلاد العام المقبل، وأيضًا يتحمل السائقون في بكين الآن أسعار ما قبل انهيار النفط مباشرة، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
النفط كان مطلوبًا بأي ثمن
- يعتقد البعض ببساطة أن السائقين يواصلون السير ويذهبون للتبضع سواء كانت أسعار الوقود دولارين أو أربعة للجالون، لكن بيانات "كلير فيو إنرجي بارتنرز" للأبحاث، أشارت إلى أنها ظاهرة غير حتمية الحدوث.
- نظرت الشركة في ارتباط الطلب على النفط بالناتج المحلي الإجمالي وأسعار خام "برنت" خلال عدة فترات (10 سنوات للفترة) في 67 دولة، اعتمادًا على بيانات من شركة "بي بي" النفطية والبنك الدولي.
- تبين أنه خلال الفترة المنتهية في 2006 المعروفة بـ"الدورة الفائقة" في الصين احتاج النشاط الصناعي والعقاري للنفط وخاصة الديزل مقابل أي سعر، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي، ما يعكس ارتباطًا إيجابيًا مع الطلب وأسعار النفط.
- هكذا كان الحال مع معظم دول العالم، وعلى سبيل المثال لم تفقد الولايات المتحدة (مؤقتًا) شهيتها للشاحنات حتى أواخر عام 2007، عندما اقترب سعر النفط من 100 دولار للبرميل وأوشك الاقتصاد على الركود.
تغير قواعد اللعب
- بعد 5 أعوام، أدى الارتفاع الكبير في الأسعار والأزمة العالمية إلى إدخال أكبر سوق للنفط في العالم إلى منطقة مختلفة، انفصل فيها الطلب عن الناتج المحلي الإجمالي، وبدا أنه يتفاعل أكثر مع ارتفاع الأسعار.
- في حين بقيت الأسواق الناشئة في الأساس أسيرة الحاجة للنفط، بدت الولايات المتحدة أشبه باليابان وألمانيا، حيث ضعفت العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي وبين الطلب.
- مع قدوم عام 2016 تغيرت خريطة اللعب بالكامل، لا يزال الطلب على النفط في الكثير من دول العالم الناشئة مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالنمو الاقتصادي، لكن بدأ يظهر علاقة سلبية مع الأسعار كما هو الحال في الولايات المتحدة.
- بمعنى آخر، يرتفع الطلب في هذه البلدان مع نمو الاقتصادات، لكن يميله أيضًا إلى الاستجابة للأسعار كحال أي منتج آخر، لكن يجب الإشارة إلى أن الارتباط السلبي مع الأسعار يتعلق بفترة ما بعد 2013.
- تسارع نمو الطلب لأن الأسعار انخفضت، ومعه على سبيل المثال، نما الاقتصاد الهندي خلال عامي 2015 و2016 بنحو 8%، وهي أسرع وتيرة لسنتين متتاليتين منذ أواخر التسعينيات (فترة أخرى من انهيار أسعار النفط).
عدم يقين إزاء المستقبل
- ما لا يعرفه المحللون حتى الآن، هو ما إذا كانت العلاقة السلبية مع الأسعار ستظل قائمة حال ارتفعت الأسعار بشكل أكبر مما عليه حاليًا إما لأسباب تتعلق بالسلوك الاقتصادي أو الاستهلاكي.
- مع ذلك، سيكون من الخطأ الافتراض بأن الجميع سيتحولون ببساطة إلى الوضيعة التي يزداد خلالها الاقتصاد نموًا مع ارتفاع الطلب، ومن المرجح أن يظل ارتفاع الطلب الأمريكي بالناتج المحلي الإجمالي ضعيفًا.
- تبدو الحساسية تجاه الأسعار أقوى من ذي قبل، حيث استقر الطلب على البنزين (يشكل نصف حجم سوق النفط الأمريكي تقريبًا) خلال العام الماضي مع ارتفاع متوسط الأسعار بمقدار 28 سنتًا إلى 2.53 دولار للجالون.
- ينطبق الأمر نفسه وبشكل أكبر على بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التي لا تزال تشكل 48% من سوق النفط العالمي، ومن غير المحتمل أن الأسواق الناشئة ما زالت أسيرة كما كانت في السابق.
- خلص محللو مصرف "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" إلى أن الدول الرائدة في الطلب على النفط أكثر من يظهر حساسية تجاه الأسعار، ليصبح نمو الطلب على النفط أكثر ارتباطًا بالمستهلكين في دول مثل الصين.
- يرتبط نمو الطلب على النفط في الصين بعوامل أخرى أيضًا منها الجهود المبذولة للحد من التلوث، بالإضافة إلى توسع صناعة السيارات الكهربائية التي لم يكن لها تواجد بهيكلها الحالي قبل عشر سنوات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}