في بداية عام 2017، وقبل تنصيب "دونالد ترامب" رئيسًا للولايات المتحدة، أظهر استطلاع رأي أجراه مصرف "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" اعتقاد مديري الصناديق بأن الرهان على انخفاض الدولار هو الاتجاه الأكثر إقبالًا.
وبالفعل انخفض الدولار بنسبة 9% مقابل العملات الرئيسية الأخرى خلال العام الماضي، ومع ذلك لم تتضح بعد ما تفكر فيه إدارة "ترامب" إزاء هذا الأمر، رغم تصريحات وزير الخزانة "ستيف منوشين" الأخيرة، بحسب تقرير لـ"الإيكونوميست".
وقال "منوشين" خلال المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام، إن ضعف الدولار أمر جيد لبلاده، لما له من انعكاسات إيجابية على التجارة، وهو تصريح غير مألوف من المسؤولين الأمريكيين الذي تبنوا خطاب "الدولار القوي" دائمًا.
رؤية أمريكية مضطربة
- انخفض الدولار عقب تصريحات "منوشين"، لكنه عاود الارتفاع بعدما أبدى "ترامب" تأييده لعملة قوية، رغم أن الأخير سبق وانتقد قوة الدولار المفرطة وتسببها في إرباك الأسواق.
- ما يزيد المشهد تعقيدًا، هو تركيز الإدارة على إنهاء العجز التجاري في وقت يعتقد فيه أن خفض الضرائب سيزيد من الطلب، ما يترتب عليه زيادة في الواردات، وبطبيعة الحال المزيد من الاختلال في الميزان التجاري.
- يميل العجز التجاري إلى الانخفاض خلال الركود، لكنه سيناريو غير مرغوب فيه على أي حال، لذا يبقى انخفاض الدولار بشكل كبير وسيلة لتقليص العجز والحفاظ على انتعاش الاقتصاد في ذات الوقت.
- إذا مر الدولار بتجربة مريرة أخرى مشابهة لما حدث في أواخر الثمانينيات، فإن ذلك سيكون سيئًا على سوق الأسهم وجيدًا بالنسبة للسندات الحكومية، حال كان ضعف العملة ناتجا عن أخبار سيئة متعلقة بالاقتصاد الأمريكي.
- أما إذا كان الضعف نتاج ازدهار تشهده الأسواق الناشئة، سيعني ذلك استفادة المستثمرين من الفرص المربحة في أماكن أخرى حول العالم.
مكاسب ومخاوف أمريكية
- يبدو أن ضعف الدولار الحالي مرتبط بانتعاش الاقتصاد العالمي، وهذا يساعد على تفسير سبب البداية الإيجابية لسوق الأسهم هذا العام، فهبوط قيمة العملة الخضراء لا يدعم صادرات الشركات فقط وإنما يعزز أرباحها في الخارج.
- وفقًا لـ"بنك أوف أمريكا" حققت 68% من الشركات ذات الانتشار الخارجي القوي أرباحا وإيرادات أفضل من المتوقع خلال الربع الرابع من 2017، بينما 39% فقط من الشركات ذات التركيز المحلي فعلت نفس الأمر.
- رغم أن الأسهم حققت أداءً قويًا، إلا أن أسعار سندات الخزانة واصلت الانخفاض وطبعًا انخفضت عائداتها، وقد يوحي ذلك بأن المستثمرين الأجانب يحتاجون إلى عائد أعلى لإقناعهم بالاستثمار في أصول عملة منخفضة.
- هناك تفسير آخر، هو أن مستثمري السندات الأمريكية يعتقدون أن النمو الاقتصاد القوي سيؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع التضخم، لذا يحتاجون لمزيد من العائدات لتعويضهم.
أوروبا والبلدان الناشئة
- في بقعة أخرى من العالم، سيؤدي ضعف الدولار إلى ارتفاع اليورو وبالتالي المزيد من التشديد المالي في أوروبا.
- مؤخرًا، تبنى رئيس البنك المركزي الأوروبي "ماريو دراجي" خطابًا هادئًا ودودًا فيما يتعلق بالسياسة النقدية وتوقعاتها، فآخر ما قد يخطر بباله الآن هو المزيد من الارتفاع في قيمة اليورو.
- تزامنت زيادة قيمة العملة الموحدة مع ارتفاع عائدات السندات الحكومية الأوروبي بالفعل، وبالتالي فإن الأوضاع المالية الحالية في المنطقة متشددة بالفعل.
- أما البلدان النامية فتميل الحياة فيها إلى أن تكون أسهل عند انخفاض الدولار، وعلى سبيل المثال، وقعت الأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينيات بالتزامن مع ارتفاع العملة الأمريكية.
- العديد من البلدان تربط عملاتها سواء بشكل رسمي أو غير رسمي بالدولار، فإذا ارتفعت قيمته تضطر لتشديد سياستها النقدية للحفاظ على الارتباط، بينما انخفاضه يتيح لهذه الدول تخفيض الفائدة وتعزيز نمو الاقتصاد.
- في حال تدفق الكثير من الأموال إلى الأسواق الناشئة، سيضر ذلك بمصدريها وقد يفقدهم القدرة على المنافسة مع المبالغة في قيمة عملاتهم.
- إذا ارتفعت عائدات السندات كثيرًا، سيضع ذلك ضغوطًا على النمو الاقتصادي، لذا لن يمانع المستثمرون بضعف الدولار قليلًا، هم فقط لا يريدون حدوث ذلك بشكل عميق.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}