نبض أرقام
06:52 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

هل بيانات "الناتج المحلي الإجمالي" حبر على ورق ولا تعكس حياة المواطنين؟ أم معيار يمكن الاعتماد عليه؟

2018/01/30 أرقام

قبل تصويت البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء "بريكست"، رأى الأستاذ بجامعة "كينجز كولدج" في لندن "أناند مينون" أنه قرار انتحاري وسوف يسبب أضرارا بالغة للناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة.
 

ورأى مواطنون وقتها أن خبراء الاقتصاد يتحدثون فقط عن الناتج المحلي الإجمالي الخاص بالحكومة وليس العامة، وتساءلت "التايم" في تقرير: هل يمكن الاعتماد على مؤشرات النمو الاقتصادي لقياس الثروات والمعيشة؟

 

بيانات على الورق
 

- أفاد محللون أن الأمور لا تبدو كما يروج لها، فالإحصائيات والبيانات الرسمية لا تعكس دائما تجارب وحياة المواطنين، وظهر ذلك جليا في مدن مثل "نيوكاسل" بالمملكة المتحدة – التي كانت مقرا لصناعة السفن في السابق حتى فقدت هذه المكانة لصالح مدن آسيوية في سبعينيات القرن الماضي.

 

- بالمثل، في بعض مدن الولايات المتحدة، يعاني مواطنون – لا يحملون شهادات جامعية – في إيجاد وظائف مناسبة، كما أن خدمات الرعاية الصحية في البعض الآخر غير متميزة مقارنة بالمتوسط في البلاد.

 

- أظهرت بيانات رسمية أن الاقتصاد الأمريكي حقق انتعاشا وارتفع في الربعين السنويين الماضيين بأكثر من 3%، كما تشهد سوق الأسهم ارتفاعات قياسية،وانخفض معدل البطالة إلى 4.1% مسجلا أدنى مستوى في 17 عاما.

 

- رغم كل هذه الإيجابيات، لا يشعر الكثير من الأمريكيين أن الأمور بخير أو حتى تتجه نحو الأفضل، فمعدل البطالة أعلى من القراءة الرسمية لأن العديد من المواطنين قرروا ببساطة عدم البحث عن عمل أو يعملون بدوام جزئي عندما يريدون العمل بدوام كلي.

 

- ربما تكون إحدى أكبر أخطاء معايير الناتج المحلي الإجمالي هي أخذ المتوسطات وحاصل المجموع، وهو ما يؤدي إلى تجاهل الفروق الدقيقة وعدم المساواة بين المواطنين.

 

- لا توفر المتوسطات الكثير من التفاصيل عن الحالة الحقيقية لمعيشة المواطنين، وباستثناء بعض سنوات الركود، اتخذ الاقتصاد الأمريكي منحنى صاعدا منذ خمسينيات القرن الماضي.

 

- أفاد مركز "بيو" البحثي أن متوسط دخل الفرد في الساعة في وظائف القطاع الخاص غير الإداري بلغت 20.67 دولار عام 2014، أعلى 1.49 دولار فقط من متوسطه عام 1964 – مع حساب التضخم.

 

الناتج وليس الخدمات
 

- تشير دراسات إلى أن العامة يهتمون بالثروات النسبية أكثر من الثروات المطلقة، وأجرت جامعة أمريكية تجربة لقياس الرضا عن المعيشة، واكتشف أن أكثر ما يهم المواطنين تحقيق المساواة في الأجور.

 

- في ضوء ذلك، تكمن المشكلة في الاعتماد على الناتج المحلي الإجمالي كمقياس في أنه لا يعكس حالة عدم المساواة، وتم تدشينه في أمريكا خلال ثلاثينيات القرن الماضي  أثناء ثورة صناعية لقياس الإنتاج – وليس الخدمات التي تهيمن على اقتصادات حديثة الآن.

 

- على سبيل المثال، كيف يمكن للناتج المحلي الإجمالي قياس جودة رعاية الصحة الذهنية أو مراكز رعاية اليوم الواحد أو المتنزهات؟ وحتى الاقتصادي البيلاروسي "سيمون كوزنيتس" الذي ابتكر "الناتج المحلي الإجمالي" نفسه شكك في معاييره.

 

- لم يعجب "كوزنيتس" باعتبار المضاربات المالية معيارا يدخل في قياس الناتج المحلي الإجمالي، كما يرى أنه لا يجب الخلط بين الناتج المحلي الإجمالي والرفاهية، وتجاهل اقتصاديون هذه التصريحات.

 

- لا يقيس الناتج المحلي الإجمالي الإبداع، وبالتالي، ربما تقلل نتائج من أهمية بعض الجوانب في حياة المواطنين، على سبيل المثال، كان يمكن لمليارديرات القرن التاسع عشر التخلي عن أمواله للحصول على دورة علاجية بالمضادات الحيوية – التي لم تكن متاحة في ذلك الوقت، ولكنها الآن بتكلفة بسيطة ولا تسهم بشكل كبير في الاقتصادات.

 

- يشير كل ذلك إلى حاجة الحكومات لإيجاد طرق مختلفة لقياس نجاحاتها واقتصاداتها لأن البشر أصبحوا أسرى لمؤشر وحيد – غير دقيق في المجمل – وربما حاول الرئيس الفرنسي الأسبق "نيكولا ساركوزي" في هذا الأمر عندما أمر لجنة بقيادة الاقتصادي الحائز على جائزة "نوبل" "جوزيف ستيجليتز" بدراسة حول ذلك ليخلص إلى تقرير تحت عنوان "نحن نسيء قياس حياتنا".

 

- تحدث "ساركوزي" لاحقا عن فجوة بين الرفاهية وحياة البشر والمقارنات الاقتصادية الرسمية وأكد على أن هذه الفجوة ربما هي السبب وراء تمزق المجتمعات وحالة الغضب بين المواطنين بشأن حالاتهم المعيشية التي لا تعكسها بيانات رسمية.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.