نبض أرقام
09:51 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

ببساطة ودون تعقيد .. ما هو "سعر الخصم" وكيف يمكنه تحريك دفة الاقتصاد؟

2017/12/02 أرقام - خاص

 المهمة الرئيسية لأي بنك مركزي تتمثل في الحفاظ على مستوى معين من الاستقرار داخل النظام المالي للبلاد. وبمساعدة مجموعة من الأدوات يستطيع المركزي إجراء تغييرات في سياسته النقدية تهدف إلى دعم استقرار حركة الأسعار.
 

وهذا الدور يشمل، الإدارة والإشراف على طباعة وتوزيع العملة الوطنية، ومشاركة البيانات والإحصاءات مع الجمهور، وتعزيز النمو الاقتصادي ومعدل التوظيف من خلال القيام بتغييرات محسوبة لما يسمى بـ"سعر الخصم" (Discount Rate).



 

ولكن عن أي "سعر خصم" نتحدث؟ في علم التمويل يوجد لـ"سعر الخصم" معنيان مختلفان. الأول هو "سعر الخصم" الذي هو جزء من عملية حساب القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية المتعلقة بالاستثمار المدروس سواء أكانت أرباحا أم تكاليف لمعرفة مدى ربحية الاستثمار فعليا.
 

أما الثاني (وهو موضوع هذا التقرير) فالمقصود بـ"سعر الخصم" هو سعر الفائدة على الأموال التي يقرضها البنك المركزي إلى البنوك التجارية لتغطية احتياجاتها من السيولة. ويمكننا الإشارة إليه على أنه تكلفة الاقتراض من البنك المركزي. كما يسمى أيضًا بـ"سعر إعادة الخصم" أو "سعر البنك".
 

وفي الحقيقة، تعتبر القدرة على رفع وخفض "سعر الخصم" هي أكثر الأدوات الاقتصادية التي يملكها البنك المركزي تأثيرًا. حيث إن التغيرات التي تحدث في هذا البند تحديدًا تؤثر تأثيرًا حاسمًا ومباشرًا على لبنات الاقتصاد الكلي، مثل الإنفاق الاستهلاكي والاقتراض.
 

فتح الصنبور وإغلاقه
 

- عندما يقوم البنك المركزي بإجراء تغيير في "سعر الخصم" فإن النشاط الاقتصادي إما أن يزيد أو ينخفض تبعًا للنتيجة المرجوة من ذلك التغيير. فنظريًا، إذا كان اقتصاد البلاد يعاني من الركود أو النمو المتباطئ، قد يقوم المركزي بخفض "سعر الخصم" في محاولة لدعم قدرة البنوك المحلية على الاقتراض.

 

- عندما تتمكن البنوك من اقتراض الأموال من البنك المركزي بسعر أقل، يمكنها إقراض أموال المودعين للأفراد في صورة قروض شخصية بأسعار فائدة أقل. وهذا من شأنه أن يخلق بيئة اقتصادية تشجع الاقتراض الاستهلاكي ليرتفع بالتبعية الإنفاق الاستهلاكي.

 

- لكن، على الرغم من أن خفض "سعر الخصم" يؤثر بشكل إيجابي على أسعار الفائدة بالنسبة للمستهلكين الراغبين في الاقتراض من البنوك، إلا أنهم يواجهون على الجهة الأخرى انخفاض العوائد على أوعيتهم الادخارية لدى البنوك. وهذا قد يؤثر سلبًا على حجم المدخرات طويلة الأجل، المتمثلة في شهادات الادخار وحسابات التوفير.



- على العكس، عندما ينمو الاقتصاد بمعدل قد يؤدي إلى حدوث تضخم مفرط، قد يتجه المركزي إلى زيادة "سعر الخصم". وإذا لم يكن باستطاعة البنوك المحلية الاقتراض من المركزي بسعر فائدة فعال من ناحية التكلفة، سوف تتجه إلى تشديد الإقراض على الجمهور إلى أن يتم خفض أسعار الفائدة مرة أخرى، ويمكن اعتبار ذلك سياسة نقدية انكماشية.

 

- باختصار، التلاعب بـ"سعر الخصم" يؤثر تأثيرًا مباشرًا على سعر الفائدة الذي يتحمله المستهلكون على المنتجات المصرفية، ويزداد أو ينمكش حجم الإنفاق الاستهلاكي حين يلجأ المركزي لهذا التكنيك.
 

كيف يبدو الأمر من الداخل؟
 

- على الرغم من أن الاقتراض يصبح أقل جاذبية بالنسبة للبنوك والمستهلكين على حد سواء حين يقدم المركزي على رفع "سعر الخصم"، إلا أن المستهلكين يحصلون في الجهة المقابلة على أسعار فائدة أكثر جاذبية على أوعيتهم الادخارية منحفضة المخاطر حين يتخذ المركزي تلك الخطوة.

 

- بعبارة أخرى، ما يحدث كالتالي: يرفع المركزي "سعر الخصم"، فترتفع تكلفة القروض وتصبح أغلى على المستهلكين الذين سيعملون على تسديد قروضهم بأسرع ما يمكن، وفي نفس الوقت سيشجع ذلك الوضع المستهلكين على الادخار، وستكون محصلة كل ذلك، هي انخفاض حجم الأموال المتداولة داخل الاقتصاد، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الأسعار. هل هذا مفيد أو مضر للاقتصاد؟ لا يمكننا الجزم بأي شيء، فالإجابة تعتمد على العديد من العوامل الأخرى.

 

- لتوضيح الصورة بشكل أفضل، نضرب المثال التالي: لو افترضنا أن البنك يوجد به ألف ريال، وذهبت واقترضت هذا المبلغ، ففي هذه الحالة زاد حجم الأموال المتداولة داخل الاقتصاد بألف ريال. ولكن كيف هذا؟ أليست هي ألف ريال واحدة؟



- ببساطة، الألف ريال الأصلية لا تزال موجودة (نظريًا) في البنك، وباستطاعة من أودعها أيًا كان، الذهاب في أي وقت وسحبها. لكن في نفس الوقت، أصبح لدي كمقترض ألف ريال لم تكن موجودة من قبل. وهذا يعني أنني والبنك خلقنا ألف ريال كأموال جديدة ضخت بالاقتصاد حين اقترضت الأموال. وبهذه الطريقة، يمكننا فهم كيف يتحكم المركزي في حجم المعروض النقدي باستخدام "سعر الخصم".

 

- قد يرفع المركزي سعر الخصم بغرض إجبار البنوك على رفع حجم احتياطياتها النقدية، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى تراجع حجم المتداول منها داخل الاقتصاد، ويمكنه أيَضاً القيام بالعكس من خلال خفض سعر الخصم.

 

- أخيرًا، هناك أدوات أخرى يمكن للبنوك المركزية استخدامها في تنفييذ سياساتها النقدية، ولكن "سعر الخصم" (للأسباب الموضحة سابقا) يعتبر هو الأداة الأكثر تأثيرًا وفاعلية.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.