هناك أسباب تدفع المستثمرين نحو شراء "بتكوين" على رأسها ارتفاع قيمتها بشكل متسارع - رغم التراجع الأخير الذي شهدته خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث فقدت نحو ثلث قيمتها قبل أن تعاود الصعود - ولكن هذا الارتفاع يثير القلق حيث يرى خبراء أنها بمثابة فقاعة على وشك الانفجار، ومع ذلك، لا تزال هذه العملة الرقمية محط أنظار الكثيرين حول العالم.
يشير ذلك إلى أن "بتكوين" بلغت مرحلة جديدة أثارت حماسة المستثمرين حتى أن بعض الشركات تجمع تمويلات بها وسط تحذيرات من دول وحظرها في دول أخرى رغم أن أسواق الأسهم سجلت ارتفاعات قياسية، وتناولت "الإيكونوميست" أبعاد فقاعة هذه العملة الرقمية.
حماسة قوية مؤخرا
- يرى محللون أن حماسة المستثمرين حول العالم هي السبب الرئيسي وراء قفزات "بتكوين" في الأشهر الأخيرة لاسيما بعد أنباء عن خطة لإصدار "سي إم إي جروب" عقودا آجلة للعملة الرقمية.
- تشير التوقعات إلى أن "بتكوين" سوف تشهد المزيد من الطلب، ومن ثم ستندفع الأسعار نحو المزيد من الارتفاع، ويحيط بهذا الأمر ثلاثة عناصر تقلق الأسواق.
- أول هذه العناصر محدودية المعروض من العملة الرقمية التي لا يوجد منها سوى 21 مليون وحدة في المجمل كما أن إصدارها يتطلب حسابات معقدة.
- العنصر الثاني يكمن في مخاوف الأسواق بشأن عملات "فيات" على المدى الطويل – وهو مصطلح يطلق على عملات دون قيمة جوهرية – في أوقات التيسير الكمي.
- أما العنصر الثالث، فهو الخصوصية الشديدة التي تتميز بها تكنولوجيا "بلوك تشين" – المنصة التي تتم تداولات العملات الرقمية عن طريقها – وهذا ما يجعلها ملاذا للخارجين عن القانون وعمليات غسل أموال.
- تفسر هذه العناصر الثلاثة بعض الطلب على "بتكوين"، ولكن ليس القفزات الأخيرة، ويأتي ذلك في ظل الاهتمام المتزايد بـ"بلوك تشين" في الصناعة المالية.
فقاعة "بتكوين"
- قال أحد المحللين إن السبب المرجح لفقاعة "بتكوين" المحتملة هو سعرها الذي يرتفع بوتيرة سريعة للغاية كما أن المشتريات على العملة الرقمية ليست لغرض استخدامها في الحياة اليومية.
- تحتاج العملات لسعر ثابت من أجل الاستفادة من قيمتها، والمشترون لا يريدون مبادلة العملات الرقمية على أمل حدوث قفزة في أسعارها في اليوم التالي، بينما يخشى البائعون من هبوط حاد في الأسعار.
- يشترى البعض "بتكوين" لأنهم يتوقعون طلبا من غيرهم عليها، وربما يوصف هؤلاء بالحماقة، بينما يصف آخرون من لم يشتروا العملة الرقمية بالحماقة.
- لو أدرك الجميع ضرورة بيع ما بحوزتهم من عملات "بتكوين" لجني ملايين الدولارات، فسوف تنهار أسعارها، وهذا ما حدث في أوقات فقاعات مختلفة مثل "فقاعة مسيسيبي" التي انفجرت عام 1720 واعتمدت على المضاربات العنيفة لتحقيق ثراء سريع.
- يعلم مستثمرون هذا الأمر جيدا واحتمالات كبيرة بحدوثه، وهذا هو السبب وراء تفضيلهم البيع أولا عن الشراء، فعندما تحدث فقاعة "بتكوين" – المتوقعة – فسوف تكون مأساوية.
تأثير "بلوك تشين" واللامركزية على الدولار
- حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي "كريستين لاجارد" من أن العملات الرقمية يمكن أن تهمش بنوك مركزية وقطاعات مصرفية وأموال وطنية على المدى الطويل، وما يجذب الانتباه بشكل متزايد هو تكنولوجيا "بلوك تشين" التي ربما تؤثر على السياسات والاقتصادات الدولية.
- أفاد تقرير نشرته "فوربس" أن هناك أساس رئيسي يرتكز عليه الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص، وهو قوتها الاقتصادية ومؤسساتها المالية وهيمنة الدولار كعملة احتياطي عالمي، وهي أمور تصب في بوتقة التأثير المالي لواشنطن وتحكمها في الكثير من الأحداث.
- تهدد "بلوك تشين" – وهي تكنولوجيا يمكنها تحقيق اللامركزية في النظام المالي خارج هيمنة الدول ومؤسساتها – سطوة الولايات المتحدة التي سعت لدولرة الاقتصاد العالمي، وهذا ربما ما يفسر إعلان روسيا عن عزمها إطلاق "كريبتورروبل" عبر منصة "بلوك تشين".
- تعد روسيا من أوائل الدول التي شجعت على تداول العملات الرقمية كوسيلة لتجنب عقوبات الغرب وتأثيره الاقتصادي، والتقى "بوتين" مؤسس العملة الرقمية "إثريوم" وناقش معه رواجها في البلاد، وكلما زاد استخدام العملات الرقمية في العالم، كلما قل تأثير ودور الدولار الأمريكي.
نافذة هروب
- تحكم الغرب في اقتصادات أخرى لا تتماشى مع سياساته من خلال "SWIFT" وهي شبكة دولية موحدة للتعاملات بين البنوك، وبعد تدخل روسيا في الشأن الأوكراني، كانت هناك دعوات لحظرها عن تعاملات هذه الشبكة، ووصف هذا الإجراء بـ"الخيار النووي" لردع موسكو، ليرد رئيس وزرائها "ميدفيديف" بأن الرد سيكون بلا حدود على هذه الخطوة المحتملة.
- بالطبع، يجب أن تخشى روسيا هذه الخطوة، فقد عوقبت بها إيران وفقدت على أثرها قدرتها على تحويل الأموال عبر شبكة "SWIFT" وفقدت عملتها المحلية نصف قيمتها مقابل الدولار كما قفز التضخم إلى مستويات غير مسبوقة.
- عندما تتم تعاملات دولية بعيدا عن هذه المنظومة، فإن الغرب ربما تقل سطوته الاقتصادية والسياسية، وذلك في ظل انتشار استخدام العملات الرقمية و"بلوك تشين" التي يصعب التحكم في التعاملات عن طريقها.
- منح "بتكوين" والعملات الرقمية الأخرى نافذة لتحايل كوريا الشمالية على العقوبات الدولية، كما تحاول فنزويلا الابتعاد عن شبح الأزمة الاقتصادية والتعامل بالعملات الرقمية لشراء احتياجاتها الأساسية بعيدا عن الدولار والتضخم المفرط.
- في ضوء ذلك، أكد خبراء أن لامركزية "بلوك تشين" وتأثيرها في الأنظمة المالية والعملات الرقمية سوف تقلل بالتأكيد دور المؤسسات الغربية وهيمنة الدولار كعملة احتياطي عالمية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}