لو فرض الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" رسومًا عقابية على الواردات الصينية كما تعهد في السابق، لأشعل حربًا تجارية، لكن لحسن الحظ أنه تراجع عن هذه الفكرة رغبة في مساعدة بكين في كبح جماح كوريا الشمالية.
وحاليًا، تهدد التوترات حول القطاع الصناعي الصيني هيكل الاقتصاد العالمي، ووصف الممثل التجاري الأمريكي الصين مؤخرًا بأنها باتت تمثل تهديدًا غير مسبوق ولا يمكن ترويضه بالقواعد التجارية القائمة، بحسب تقرير لـ"الإيكونوميست".
الصحوة الصينية والمخاوف العالمية
- حتى الاتحاد الأوروبي الذي يشعر بالقلق إزاء موجة الاستحواذات الصينية على الشركات الغربية، وضع قواعد أكثر صرامة بشأن الاستثمار الأجنبي، ورغم ذلك تضيف إستراتيجية الصين لتحديث اقتصادها مزيدًا من الضغوط على العالم أجمع.
- يكمن جوهر هذه التوترات في حقيقة واحدة بسيطة، هي أن الشركات في جميع أنحاء العالم تواجه منافسة شديدة من قبل الصينيين، ورغم أن الصين ليست أول بلد صناعي لكنها بلغت نطاقًا وسرعة غير مسبوقين.
- قبل أكثر من عقد من الزمان، انتعشت صناعات مثل الجوارب وولاعات السجائر في مدن الطفرة الصينية، واليوم باتت البلاد على مشارف الحدود العالمية لأعمال التكنولوجيا الحديثة بما في ذلك القيادة الذاتية والدفع عبر الجوال.
- حتى وإن كانت إنجازات الصين مصدر إلهام، فهناك قلق متزايد بأن يسيطر على العالم اقتصاد لا يتبع نهجًا عادلًا، وهو ما يخيف الشركات حقًا الآن.
- بعد قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي، وانتخاب "ترامب" رئيسًا لأمريكا، باتت الحكومات قلقة من آثار فقدان الوظائف وتراجع ريادتها في الأعمال التكنولوجية، لكن لو كانت النتائج جيدة حتى الآن فيجب الالتفات إلى التهديد الصيني.
ثلاثة أبعاد لتحليل الوضع
- لا شك أن الصين لديها شخصيتها المستقلة، حيث حافظت على عملتها رخيصة لسنوات، ودعمت المصدرين مع استفادة الشركات التابعة للدولة من الائتمان الرخيص، إلى جانب سرقة الأسرار من خلال الهجمات السيبرانية.
- اعتبار الشركات الصينية بمثابة وحش غير ديمقراطي تتحكم فيه الدول هو أمر فظ وعفى عليه الزمن، فالابتكار المحلي في الصين يزدهر أيضًا بشكل كبير، وللفصل في هذا اللغط يجب النظر للأمر من ثلاثة أبعاد.
- أولًا، فيما يتعلق بالمنافسة غير الشرعية كسرقة الملكية الفكرية بشكل فاضح، مثل التهم التي وجهت عام 2014 لخمسة عسكريين صينيين لمشاركتهم في عمليات قرصنة ضد شركة أمريكية للطاقة النووية والشمسية والمعادن.
- لكن الأمر السار أن هذا النهج في انخفاض، ويبدو أن اتفاقًا مع أمريكا عام 2015 أدى لذلك، ونظرًا لأن الشركات الصينية باتت تنتج قيمة ضخمة فإنها تطالب بنفسها بحماية أفضل للملكية الفكرية داخل البلاد.
- ثانيًا فيما يتعلق بالمنافسة الشرسة غير المخالفة للقانون، فقد أثبتت الشركات الصينية أن بإمكانها إفراز منتجات جيدة مقابل أسعار أقل، وارتفعت حصتها من الصادرات العالمية إلى 14%، وهي أعلى نسبة لأي دولة منذ 1968.
معالجة الخلل
- البعد الأخير الذي يصعب التعامل معه، هو المنافسة غير العادلة التي تشمل ممارسات حادة لكنها لا تخالف القواعد العالمية، مثل أن تطالب الحكومة الشركات بالكشف عن تقنياتها كثمن للدخول إلى سوقها الضخم.
- استهدفت الشركات الأجنبية خلال أكبر قضايا مكافحة الاحتكار في الصين، وتقيد الحكومة الوصول إلى القطاعات المربحة، بينما تعمل على تمويل الهجمات ضد نفس القطاعات في الخارج، وهو سلوك خطير لا تعالجه القواعد الحالية.
- تصنيف المنافسة الصينية في هذه الفئات الثلاث يساعد على تحديد الاستجابة المطلوبة والأكثر فاعلية، وهنا يجب التأكيد على أن الممارسات غير الشرعية الأكثر وضوحًا يجب أن تلاحقها الحكومات عبر المحاكم ومنظمة التجارة العالمية.
- الفئة الأصعب هي المنافسة غير العادلة لكنها لا تخالف القانون، وذلك يحتاج لنهج ملائم لإقناع الصين بالتصرف على نحو أفضل من خلال العمل الجماعي، مثل إيضاح أمريكا وأوروبا ودول آسيا للأضرار الاقتصادية المترتبة.
- عليهم أيضًا أن يطلبوا المعاملة بالمثل، بما يدفع الصين لمنح الشركات الأجنبية نفس فرص الوصول التي تتمتع بها شركاتها في الأسواق الأجنبية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}