كانت ولا تزال مزايا وعيوب الخصخصة موضع نقاش كبير بين السياسيين والعامة ومديري الشركات، وغالباً ما يحتد النقاش بين البعض حين يتم تناول خصيصة من الخصائص التي غالباً ما تلازم الخصخصة مثل محاولة توفير التكاليف وأثرها الواضح على أعداد غير قليلة من العاملين بالقطاع العام.
وفي هذا التقرير سيتم استعراض رؤية كل من المؤيدين والمعارضين لأثر خصخصة أصول الدولة على كفاءة التشغيل والبيئة التنافسية ومستوى الخدمة، وكذلك مدى تأثيرها على درجة انتشار الفساد.
موقف مؤيدي الخصخصة
- يعتقد مؤيدو الخصخصة أن الشركات الخاصة يمكنها توفير العديد من السلع والخدمات للمواطنين بكفاءة أكبر من الحكومة بسبب المنافسة في السوق الحرة، التي ستؤدي إلى انخفاض الأسعار وتحسين الجودة وإتاحة المزيد من الخيارات أمام المواطن، وهو ما سيترتب عليه تراجع نسبي للفساد والروتين فضلاً عن سرعة الإنجاز.
- الحجة الاقتصادية الأساسية التي يستند عليها أصحاب هذا الرأي، هي أن الحكومات ليس لديها الكثير من الحوافز التي تدفعها إلى إدارة المشاريع التي تمتلكها بشكل جيد. فغالباً ما يكون من الصعب معرفة ما إذا كانت المؤسسة فعالة أو لا إذا لم يكن هناك أي منافسين.
- في المقابل يمكن للمالك الخاص الذي دائماً ما يكون متخصصا وعلى دراية عالية بنشاط الشركة أو المؤسسة تقييم أدائها ومن ثم مكافأة أو معاقبة الإدارة، وهو النهج الذي يسهم في رفع كفاءة الشركة والعاملين بها. كما يمكن أيضاً للحكومة جمع الأموال عن طريق الضرائب أو طباعتها إذا لم تكن الإيرادات غير كافية وهو الخيار الذي لا يملكه المالك الخاص.
- إذا كانت هناك شركة خاصة تتنافس مع أخرى مملوكة للدولة في صناعة معينة، ففي كثير من الأحيان يكون بمقدور الشركة الحكومية اقتراض الأموال من السوق بسعر أرخص مقارنة مع الشركة الخاصة، وذلك لأن الأولى مدعومة في نهاية المطاف بالسلطة الضريبية للدولة، وهو ما يكسبها ميزة تنافسية غير عادلة.
- يشير أيضاً مؤيدو الخصخصة إلى أن خصخصة شركة عامة غير مربحة قد تجبرها على رفع الأسعار لتنتقل إلى المنطقة الخضراء، وهو ما يسهم في إزالة جزء من العبء الواقع على الدولة التي تقوم في سيناريو مثل هذا بتغطية الخسائر من إيراداتها الضريبية.
- الأداء: تتسم الصناعات والقطاعات التي تديرها الدولة بقدر كبير من البيروقراطية، ولا تُقدِم الحكومة على تحسين أداء تلك القطاعات إلا حين يصبح الوضع محرجا سياسياً. وفي بعض من الأحيان تقوم الحكومات بتأجيل قرارات تخص تلك المؤسسات بسبب حساسيتها السياسية.
- الفساد: يرى مؤيدو الخصخصة أن أي صناعة محتكرة هي عرضة للفساد، مشيرين إلى أن القرارات التي يتم اتخاذها في تلك المؤسسات غالباً ما تكون لأهداف سياسية وليست اقتصادية.
- المساءلة: مديرو الشركات المملوكة للقطاع الخاص مساءلون أمام أصحابها/المساهمين والمستهلكين، ولا يمكنهم البقاء في مناصبهم إذا لم يحققوا النتائج المرجوة.
- الأمان الوظيفي: في كثير من الأحيان تميل الحكومات إلى التدخل من أجل إنقاذ صناعات مدارة بطريقة سيئة، وذلك بسبب الحساسية السياسية لمسألة فقدان الكثيرين لوظائفهم، على الرغم من أن المعطيات الاقتصادية قد تشير إلى أنه من الأفضل عدم التدخل.
- الافتقار للانضباط السوقي: لا تتمتع الشركات الحكومية المدارة بطريقة سيئة بنفس القدر من الانضباط الذي تتمتع به الشركات الخاصة التي تحاول طوال الوقت البقاء منتبهة لكي لا تنحدر الأمور إلى الأسوأ، وتتعرض للإفلاس أو لتغير إداري أو يتم السيطرة عليها من قبل منافسين.
- الأرباح: الوظيفة الأساسية للشركات الخاصة هي تعظيم ثروة مساهميها. تحقق الشركات الخاصة أرباحها من خلال تحفيز المستهلكين على شراء منتجاتها بدلاً من تلك الخاصة بمنافسيهم، وغالباً مع تعمل على خدمة احتياجات عملائها بشكل جيد.
الرأي الآخر
- يختلف معارضو الخصخصة مع الطرح القائل بأن الحكومات ليس لديها الحوافز الكافية التي تدفعها لإدارة المؤسسات التابعة لها بشكل جيد، ومنطقهم في ذلك هو أن الحكومة مسؤولة أمام الشعب، وإذا كانت إدارة تلك المؤسسات ضعيفة فسوف تفقد قدرا كبيرا من دعمها الشعبي. وعلى هذا الأساس يكون لدى الحكومات الحافز لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في إدارة الشركات العامة بسبب إدراكها لانعكاس ذلك على نتيجة الانتخابات في المستقبل.
- يعتقد المعارضون أن عمليات الخصخصة لا يجب أن تقترب بأي حال من القطاعات ذات المسؤولية الاجتماعية (مثل السجون والرعاية الصحية والتعليم الأساسي) وذلك لحمايتها من قسوة التقلبات المفاجئة في السوق الحر.
- يشير البعض أيضاً إلى أن خصخصة بعض القطاعات الحكومية قد يتسبب في عرقلة التنسيق بين أجهزة الدولة وتعقيد مهامها، وهو الرأي الذي قد يرى آخرون أنه ادعاء غير صحيح، خصوصاً وأن العديد من الدراسات تشير إلى وجود ضعف في التنظيم بين الدوائر الحكومية (مثل ما حدث في إعصار كاترينا بالولايات المتحدة).
- لدى خصوم الخصخصة المزيد من الأسباب التي تدفعهم لعدم تأييد نقل الأصول المملوكة للدولة إلى أيدي الشركات الخاصة، وهي كما يلي:
- الأداء: الحكومة المنتخبة مسؤولة أمام شعبها من خلال الهيئة التشريعية التي من المفترض أن يعمل أعضاؤها على مراقبة كيفية إدارة الأصول المملوكة للدولة.
- التطوير: من بين الحوافز التي تدفع الحكومة إلى تحسين وتطوير أداء الشركات العامة هو انعكاس الأداء المالي لتلك الشركات على الإيرادات العامة للدولة.
- الفساد: يتعين على الوزراء وكافة المسؤولين الحكوميين التمسك بأعلى المعايير الأخلاقية، ويتم مراقبة مدى التزامهم بهذه المعايير من خلال الهيئات الرقابية.
- المساءلة: يشير معارضو الخصخصة إلى أن الجمهور ليس لديه أي سيطرة أو قدرة على مراقبة أنشطة الشركات الخاصة.
- الأهداف: تسعى الحكومة إلى استخدام الشركات المملوكة للدولة كأدوات لخدمة الأهداف الاجتماعية للأمة بشكل عام.
- الافتقار للانضباط السوقي: قد تختار الحكومات إبقاء بعض الشركات أو الصناعات كملكية عامة بسبب أهميتها الاستراتيجية أو طبيعتها الحساسة.
- تأثر الخدمات الأساسية: إذا تمت خصخصة شركة مملوكة للدولة تقدم خدمة أساسية (مثل إمدادات المياه) إلى جميع المواطنين، فقد يتخلى مالكها الجديد عن الالتزام الاجتماعي تجاه غير القادرين على الدفع، أو يقوم بقطعها عن المناطق التي تكون فيها الخدمة غير مربحة.
- الأمان الوظيفي: غالباً ما تواجه الشركات الخاصة صراعاً بين الربحية ومستويات الخدمة، وقد تبالغ في رد فعلها تجاه الأحداث قصيرة الأجل. بينما في المقابل يكون لدى الشركات الحكومية وجهة نظر طويلة الأجل، وبالتالي يقل احتمال اتجاهها إلى خفض التكاليف من خلال الاستغناء عن عدد من موظفيها لوقف خسائرها على المدى القصير.
- الأرباح: الشركات الخاصة ليس لديها أي هدف سوى تحقيق أقصى قدر ممكن الأرباح، وفي سعيها إلى ذلك تصبح أكثر استعداداً لخدمة أولئك القادرين على دفع قيمة خدماتها بدلاً من محاولة تلبية احتياجات الأغلبية.
هل القطاع العام مرتبط في المطلق بالفساد؟
- مدى ارتباط حجم القطاع العام بالفساد لا يزال يعتبر مسألة مثيرة للجدل، خصوصاً وأن بلدان الشمال الأوروبي على سبيل المثال، نسبة الفساد لديها منخفضة على الرغم من ضخامة قطاعاتها العامة، وفي نفس الوقت تحتل مراكز متقدمة في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال التجارية، وهذا غالباً بسبب اللوائح والقوانين الدقيقة وغير المعقدة والحقوق السياسية والحريات المدنية التي تمكن المواطنين من مساءلة الحكومات هناك بشكل واضح وشفاف.
- في الشمال الأوروبي أيضاً كانت هناك العديد من تجارب الخصخصصة الناجحة، فعلى سبيل المثال أدى تفكيك احتكار الحكومات للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى دخول العديد من اللاعبين الجدد وازدياد حدة المنافسة بينهم مما أدى إلى انخفاض الأسعار وارتفاع جودة الخدمات.
- في الوقت نفسه، كثيراً ما تعطي أنشطة الخصخصة فرصة لظهور الفساد. فعلى سبيل المثال رافقت عمليات خصخصة الشركات المملوكة للدولة في روسيا وأمريكا اللاتينية الكثير من الأنشطة المشبوهة، مما أضعف من مصداقية الخصخصة وأسهم في سوء سمعتها في تلك المناطق.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}