في الثامن عشر من مايو/أيار الجاري خرج وزير الأراضي والموارد الطبيعية الصيني ليعلن أن بلاده نجحت في استخراج عينات من "الجليد القابل للاشتعال" على عمق 1266 متراً تحت سطح بحر الصين الجنوبي، في طفرة تكنولوجية هائلة رجح مراقبون أنها قد تؤدي إلى ثورة عالمية في مجال الطاقة.
وقد بدأت الصين محاولة تعدين "الجليد القابل للاشتعال" أو ما يسمى أيضاً بـ"هيدرات الميثان" في ستينيات القرن الماضي، غير أن البحوث لم تبدأ إلا في عام 1998، ومنذ ذلك الحين ولفترة امتدت لما يقرب من عقدين واصل البلد الآسيوي المتعطش للوقود جهوده الحثيثة للحصول على مصدر الطاقة الموجود في قاع المحيطات وفي المناطق القطبية.
العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة واليابان لديها احتياطيات كبيرة من "الجليد القابل للاشتعال"، وتعمل على كيفية الاستفادة منها، ولكن عملية تعدين واستخراج هذا النوع من الوقود صعبة جداً، وتمثل في الحقيقة تحديا تقنيا بسبب ضرورة تحرير غاز الميثان من مستودعات الجزيئات المائية وإبقائه طوال الوقت تحت السيطرة.
ما هو الجليد القابل للاشتعال؟
- يعرف رسمياً باسم "هيدرات الميثان" ويتشكل في درجات الحراراة المنخفضة جداً وتحت ضغط عال، ويمكن العثور عليه في الرواسب الجليدية تحت قيعان المحيطات.
- بمجرد تعرض هذه القطع الثلجية البيضاء لمصدر نيران فإنها تبدأ في الاشتعال مما جعل البعض يطلقون عليها "الجليد المشتعل" أو "الجليد القابل للاشتعال".
- يحتوي المتر المكعب الواحد من "الجليد القابل للاشتعال" على 164 قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، مما يجعله وقودا عالي الكثافة، وذلك وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
- تم اكتشاف "هيدرات الميثان" لأول مرة في شمال روسيا في ستينيات القرن الماضي، ولكن الأبحاث حول كيفية استخراج الغاز من الرواسب الجليدية بدأت فقط في السنوات الـ15 الماضية.
- باعتبارها بلداً يفتقر إلى أي موارد طبيعية، كانت اليابان رائدة في هذا المجال، إلى جانب الهند وكوريا الجنوبية اللتين لا تمتلكان أيضاً احتياطيات نفطية خاصة بهما.
لماذا يعتبر مهمًا؟
- يعتقد العديد من الخبراء أن "هيدرات الميثان" لديها القدرة على أن تصبح مصدراً ثورياً للطاقة يمكنه أن يكون وسيلة لتلبية احتياجات العالم من الوقود في المستقبل، مؤكدين على أنها قد تكون المصدر الأكبر الأخير للوقود القائم على الكربون.
- توجد رواسب هائلة من "الجليد القابل للاشتعال" تحت جميع المحيطات في العالم، ولا سيما على حافة المنحدرات القارية، وتسابق العديد من البلدان الزمن للتوصل إلى طريقة تجعل عملية استخراج الغاز من ذلك المصدر آمنة ومربحة.
- يعتقد الأستاذ بقسم الهندسة الكيميائية والهندسة البيولوجية الجزيئية في جامعة سنغافورة الوطنية "برافين لينجا" أن الغاز الموجود بهيدرات الميثان أكثر بحوالي 10 أضعاف من كمية الغاز الموجود بالصخر الزيتي، وذلك وفقاً لأكثر التقديرات تحفظاً.
- وصفت الصين أحدث نتائجها في هذا المجال بالثورية، وهو الوصف الذي وافق عليه "لينجا" في تصريحاته لـ"بي بي سي"، لأنه بالمقارنة بالنتائج اليابانية تمكن العلماء الصينيون من استخراج قدر أكبر من الغاز.
- تشير تقديرات مسح جيولوجي أمريكي إلى أن هيدرات الغاز تحتفظ بكميات من الكربون تفوق ما تحتوي عليه جميع أنواع الوقود الأحفوري الأخرى في العالم مجتمعة.
ماذا بعد؟
- على الرغم من أنها المرة الأولى التي تبدو خلالها معدلات استخراج الغاز من "هيدرات الميثان" واعدة، إلا أن العديد من الخبراء يعتقدون أن استخراج هذا النوع من الوقود لن يصبح عملياً من الناحية التجارية قبل عام 2025 على الأقل.
- قال محللو بنك "مورجان ستانلي" إن الإنتاج التجاري للغاز من "الجليد القابل للاشتعال" غير محتمل على الأقل في السنوات الثلاث المقبلة، بسبب ارتفاع التكاليف والآثار البيئية المحتملة والحواجز التكنولوجية.
- نجحت الصين الأسبوع الماضي في استخراج 16 ألف متر مكعب من الغاز عالي النقاء خلال اختبارات بدأت منذ 28 مارس/آذار الماضي في منطقة شينهو ببحر الصين الجنوبي.
- يشعر الخبراء بالقلق إزاء عملية تحرير غاز الميثان، وذلك لأنه من الغازات الدفيئة التي لديها قدرة فائقة على إحداث احترار عالمي، والتأثير في المناخ أكثر من ثاني أكسيد الكربون بنحو 25 مرة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}