يقع "وادي السيليكون" في المنطقة الجنوبية من منطقة خليج سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا غربي الولايات المتحدة، وتضم منطقة "سانتا كلارا"، ويتراوح عدد سكانه بين 3.5 و4.0 مليون نسمة، ويُعد هذا الوادي العاصمة التقنية للعالم لوجود آلاف الشركات العملاقة العاملة في مجال التكنولوجيا به، مثل "آبل" و"جوجل" و"فيسبوك" و"إتش بي" و"ياهو" و"آي بي أم" و"سيسكو".
بدأ مشروع "وادي السيليكون" استجابًة للحاجة إلى وجود مرافق بحوث ناجحة في الساحل الغربي للولايات المتحدة خلال الثلاثينيات، وفي الخمسينيات بدأت النهضة الحقيقية به بعد اختراع "الترانستور"، ثم شهد الوادي في مطلع الثمانينات توسعًا كبيرًا ومستمرًا في الاستثمارات، مع تطور التقنية وازدهار صناعة الحواسيب، وكذلك بعد النجاح المُذهل الذي حققته شركة "آبل".
وظهرت تسمية "وادي السيليكون" عام 1971 في سلسلة مقالات للكاتب "دون هويلفر" في مجلة متخصصة في مجال الإلكترونيات، في حين ترتبط أغلب الروايات التسمية باحتواء الوادي على عدة صناعات مرتبطة بمادة السيليكون.
وبلغت نسبة الاستثمارات في وادي السيليكون 41% من حجم المجموع الكلي للاستثمارات في أمريكا وذلك عام 2011، وارتفعت النسبة إلى 46% عام 2012.
الوجود العربي في وادي السيليكون
شهدت السنوات الأخيرة ازدهارًا في عدد الشركات العربية الناشئة التي نجح بعضها في الوصول إلى وادي السيليكون منها:
1- تطبيق "فيل إيت" لمشاركة المشاعر مع الآخرين الذي أسسه السعودي محمد القاضي بمشاركة البراء الحاكمي وعمر العيسى. وفي أكتوبر 2014، نجح التطبيق في تلقي استثمارات قدرها 100 ألف دولار من شركة "بوتستراب لابز" في وادي السيليكون، بالإضافة إلى الحصول على تمويل قدره 15 ألف دولار من المستثمر في وادي السيليكون "ويل بانكر"، وكذلك استثمار بقيمة 185 ألف دولار من مستثمرين سعوديين. وقد انتقلت الشركة بعد جولة الاستثمار إلى "وادي السيليكون".
2- مبادرة "اعزف" الأردنية، وتكونت من مجموعة من عشاق الموسيقى، لتعليم المستخدمين كيفية العزف على الآلات الموسيقية وأساسيات الغناء الشرقي من خلال مقاطع فيديو مُسجلة، وهو الأول من نوعه باللغة العربية، وقد شارك الفريق في برنامج تدريبي لـ 500 شركة ناشئة في وادي السيليكون.
3- "سوق تل" خدمة فلسطينية للجوال تربط الناس بالوظائف المتوفرة، وتربط المؤسسات المساعدة بالسكان الذي يحتاجون إلى المساعدة.
4- "اشتري" منصة تسوق إلكترونية مصرية تتألف من تطبيق على الجوال ومتجر إلكتروني تفاعلي، يسمح للمتسوق باستخدام رموز الاستجابة السريعة" QR codes"، لشراء السلع عبر الإنترنت.
5- "إفنتوس"شبكة اجتماعية مصرية للفعاليات، تساعد المستخدم على إيجاد فعاليات تثير اهتمامه، وتشارك مشاريعه مع أصدقائه والتعرف إلى أناس جدد.
6- "آي دايف"، وهو برنامج تم تصميمه في مركز أبحاث البحر الأحمر في جامعة الملك عبد الله "KAUST"، لتزويد العلماء بطرق أفضل لتسجيل البيانات أثناء الغوص.
خطط السعودية حيال وادي السيليكون
تسعى المملكة للحاق بركب التقدم التقني في وادي السيليكون، إذ قام ولي ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" بزيارة له خلال شهر يونيو/حزيران ، قابل خلالها بعض المديرين التنفذيين، وأبدى اهتمامه بشركات التكنولوجيا الكبرى لتتدفق على المملكة وتستثمر فيها.
وحسبما ذكرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، فإن ولي ولي العهد يقود حالياً أكبر عملية تغيير اقتصادي تشهدها المملكة ممثلة في "رؤية 2030" من أجل التنويع الاقتصادي، وإنهاء الاعتماد على النفط، وذلك عن طريق خلق عوائد إضافية غير نفطية تُقدر قيمتها بـ 100 مليار دولار بحلول عام 2020، بالإضافة إلى توظيف المزيد من المواطنين السعوديين.
ووفقًا لشركة "جدوى للاستثمار" فإن خطة التحول الوطني سوف تتكلف نحو 447 مليار ريال للقطاعين العام والخاص، وسوف توفر الحكومة من هذا المبلع 268 مليار ريال بينما سوف يساهم القطاع الخاص بحوالي 40% "179 مليار ريال".
والمشاركة الفعالة للقطاع الخاص -كما تشير الأرقام- تعني أهمية تغيير ثقافة المواطنين التي تميل غالبا للعمل في القطاع الحكومي كنوع من الضمان الاجتماعي.
الاستثمار في "أوبر"
وكان "صندوق الاستثمارات العامة" قد ضخ 3.5 مليار دولار في شركة "أوبر"، لرغبة في تنويع أصول المملكة، وزيادة عمليات الاستحواذ في الخارج، وتعد هذه الصفقة أكبر عملية تمويل استثمارية في تاريخ الشركة الحديثة.
وقد يناسب هذا الاستثمار غير المألوف بين المملكة وواحدة من أكبر الشركات الناشئة في وادي السيليكون كلا الطرفين، إذ تسير "أوبر" بخطى سريعة لإجراء الاكتتاب العام، والحصول على التدفقات المالية لتمويل توسعها العالمي أمام عدد كبير من المنافسين ذوي الملاءة المالية، في حين يمتلك صندوق الاستثمارات العامة في السعودية أصولاً تُقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار، وترغب السعودية في توجيهه للتوسع في الخارج، بعد التركيز لأكثر من أربعة عقود على الاستثمارات المحلية.
شراكات من داخل الوادي مع شركات سعودية
وقد وقعت الشركة الناشئة في وادي السيليكون "إيتس أون" ITSon، والتي تساعد مُشغلي الشبكات اللاسلكية على السماح للعملاء بتخصيص خطط شهرية عقدًا مع مجموعة "STC" السعودية، أكبر مزود للاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ووفقًا لـ "جريج رالي" الرئيس التنفيذي لشركة "إيتس أون"، فإن قيمة الشركة تُقدر بـ 300 مليون دولار خلال آخر جولة تمويلية لها في ديسمبر/كانون الأول ، وزاد متوسط إيراداتها بنسبة 70% سنويًا على مدار الثلاث سنوات الماضية.
ولإنجاح خططها، تحتاج المملكة إلى استثمار ما تمتلكه من مقومات على السبيل الأمثل، وأهم تلك المقومات هو الشباب.
فقد أكمل آلاف الشباب السعوديين تعليمهم في الخارج، إذ تم تسجيل نحو 8600 طالب سعودي في الجامعات البريطانية في العام الدراسي 2014-2015 على سبيل المثال -في أمريكا العدد أكبر-، وأصبحت المؤسسات مثل "إمبريال كوليدج لندن" وجامعة "برمنجهام" بمثابة مراكز للشباب السعودي لتقديم البحوث والأفكار.
وقد وجد استطلاع للرأي أجراه بنك "إتش إس بي سي" أن السعودية والإمارات لديهما أصغر أصحاب مشروعات ناجحين في العالم، وأن متوسط العمر في البلدين لإنشاء شركة هو 26 عامًا.
فهل ينجح هؤلاء الشباب في تمهيد طريق دخول المملكة إلى وادي السيليكون، على سبيل دعم توجهات الدولة؟
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}