نبض أرقام
04:09 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/01/22
2025/01/21

الاكتتابات العامة الأولية .. هل تقدم دائمًا فرصًا للمستثمرين في سوق الأوراق المالية؟

2025/01/21 أرقام - خاص

في صباح يوم مشمس من عام 2012، جلس "إيثان ميلر" أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به، يتابع بشغف الأخبار عن الاكتتاب العام الأولي لشركة فيسبوك التي أصبحت ميتا لاحقًا، حينها كانت الضجة الإعلامية بشأنها هائلة، وتوقعات نجاح الشركة في الأسواق مرتفعة.

 

قرر ميلر المخاطرة والدخول في الاكتتاب، مستثمرًا جزءًا كبيرًا من مدخراته التي بلغت نحو 250 ألف دولار أمريكي.

 

 

وفي الأيام الأولى من الطرح، لم تكن الأمور كما توقع "ميلر"، حيث شهدت الأسهم تقلبات كبيرة ولم تحقق الارتفاع المتوقع سريعًا، لكنه آمن بأن الشركة تمتلك فرصًا هائلة، وقرر التمسك بأسهمه.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

بعد نحو 11 سنة من طرح الشركة، تطورت ميتا وارتفعت قيمة سهمها بشكل كبير، ما جعل استثمار ميلر مثمرًا بشكل لم يتخيله، وبلغ نحو 2.5 مليون دولار، بالإضافة إلى توزيعات الأرباح التي حصل عليها خلال تلك الفترة.

 

بالطبع "ميلر" لم يكن المستثمر الوحيد الذي جنى مكاسب مشجعة من مساهمته في اكتتاب عام أولي لشركة من الشركات، بل هناك الملايين الذين ربما فاقوا هذا الشخص، في المقابل هناك ملايين آخرون خسروا استثماراتهم جراء المشاركة في الاكتتابات العامة الأولية.

 

احتمالات المكسب والخسارة في الاكتتابات العامة الأولية تفتح الباب أمام التساؤل إذا ما كانت تقدم دائمًا فرصًا واعدة للمستثمرين في سوق الأوراق المالية؟ خاصة أن المستثمرين غالبًا ما يترقبون أي اكتتاب عام أولي يطرح في سوق الأسهم.

 

وينظر العديد منهم إليه باعتباره حدثًا مهمًا قد يشكل فرصة واعدة لتحقيق مكاسب مالية كبيرة، ومع ذلك، فإن واقع الاستثمار في الاكتتابات العامة الأولية أكثر عمقًا من هذا، إذ إنه -مثله مثل أي استثمار- يحتوي على الفرص والمخاطر.

 

جاذبية الاكتتابات العامة الأولية

 

تمثل الاكتتابات العامة الأولية المرة الأولى التي تعرض فيها شركة أسهمها للجمهور، حيث تنتقل من كيان خاص إلى كيان يجري تداوله علنًا.

 

وعادةً ما تكون هذه العملية مصحوبة باهتمام إعلامي كبير وحماس من قبل المستثمرين، حيث توفر الاكتتابات العامة الأولية وسيلة للشركات لجمع رأس المال لتمويل النمو، أو سداد الديون، أو تحقيق أهداف مؤسسية أخرى.

 

كما تستطيع الشركات الخاصة جمع رأس المال من خلال بيع الأسهم علناً للمستثمرين المؤسسيين والأفراد من خلال إصدار أسهم جديدة، ويسمى ذلك بالطرح العام الأولي.

 

وتتمثل ميزة الاستثمار في الطرح العام الأولي في أن المستثمرين يحصلون على فائدة اختيار الأسهم التي قد تكون منخفضة السعر في وقت مبكر وقبل أن تتخذ شركات الوساطة مواقف كبيرة في الأسهم.

 

من المهم لمستثمري الطرح العام الأولي تتبع الطروحات العامة الأولية القادمة من أجل الاستفادة من الفرص المتاحة.

 

أكبر 10 اكتتابات عامة أولية في العالم على الإطلاق

الترتيب

الشركة

قيمة الاكتتاب (بالمليار دولار)

تاريخ الاكتتاب

1

أرامكو

25.6

ديسمبر 2019

2

علي بابا

21.8

سبتمبر 2014

3

سوفت بنك

21.3

ديسمبر 2018

4

إن تي تي موبايل

18.1

أكتوبر 1998

5

إيه أي إيه جروب

17.8

أكتوبر 2010

6

فيزا

17.4

مارس 2008

7

إينل سبا

16.4

نوفمبر 1999

8

ميتا (فيسبوك سابقًا)

16

مايو 2012

9

جينرال موتورز

15.8

نوفمبر 2010

10

أي سي بي سي

14

أكتوبر 2006

 
ويعتبر الموقع الإلكتروني للبورصة التي سُيطرح فيها الاكتتاب من أكثر المصادر موثوقية للمعلومات حول الطرح العام الأولي القادم.
 

على سبيل المثال، تحتوي بورصة نيويورك وناسداك على أقسام مخصصة للطرح العام الأولي.

 

وتتسم المعلومات التي يمكن الحصول عليها من مواقع البورصة بأنها رسمية وموثوقة، حيث تُحدَّث تلك البيانات بشكل دوري.

 

وتتيح مواقع البورصات أيضًا إمكانية الوصول إلى نشرات الاكتتاب العام الأولي الرسمية، لكن يجب ملاحظة أنه في حال الاعتماد عليها، فقد لا تحصل على أحدث الأخبار لأن البورصات لا تقوم بتحديث مواقعها إلا بعد التأكد من صحتها.

 

هناك قيد آخر لاستخدام موقع البورصة هو أنه يقدم معلومات حول الإصدارات التي ستُدرج في البورصة التابع لها، وبالتالي يجب على المستثمرين التحقق من مواقع البورصات الأخرى للحصول على فكرة عن جميع فرص الاكتتاب العام الأولي.

 

 

ويتزامن توقيت إعلان الاكتتاب العام الأولي مع استكمال الملفات التنظيمية للشركة لتسجيل وإصدار أسهم جديدة، وقد يستغرق ذلك من أسابيع إلى أكثر من عام، وعادةً ما يكون لدى المستثمرين الوقت الكافي للاطلاع على ملف الاكتتاب العام الأولي.

 

كم من الوقت ينبغي الاحتفاظ بالأسهم قبل البيع؟

 

بالنسبة للمستثمرين العاديين، يمكنك شراء وبيع أسهم الطرح العام الأولي في أي وقت، بما في ذلك خلال اليوم الأول من التداول.

 

ومع ذلك، تخضع بعض الفئات لفترات حظر حيث لا يمكنهم بيع أسهمهم حتى مرور فترة زمنية معينة (عادةً عدة أشهر إلى أكثر من عام)، وفقًا للبيانات الواردة في نشرة الطرح العام الأولي.

 

وبالطبع يختلف أداء أسهم الاكتتابات العامة الأولية على نطاق واسع، فقد تشهد العديد من تلك الأسهم ارتفاعًا في سعرها خلال اليوم الأول من التداول، وغالبًا ما يشار إليها باسم "ارتفاع الاكتتاب العام الأولي".

 

على سبيل المثال، في عام 2020، شهدت شركة" سنوفلاك" مضاعفة أسهمها في اليوم الأول من التداول، ما يسلط الضوء على المكاسب قصيرة الأجل التي يمكن أن تجذب المستثمرين.

 

في حين أن بعض الاكتتابات العامة الأولية تحقق مكاسب طويلة الأجل، فإن البعض الآخر لا يحقق نفس الأداء بمرور الوقت.

 

وتشير بعض الدراسات إلى أن مكاسب أسهم الاكتتابات العامة الأولية على مدى فترة ثلاث سنوات بعد الإدراج تميل إلى أداء أقل مقارنة بالأسابيع الأولى من بداية التداول، ما يشير إلى أن الضجة الأولية يمكن أن تطغى أحيانًا على الإمكانات الحقيقية لأداء الشركة.

 

عوامل نجاح الاكتتابات

 

وهناك عدة عوامل تؤثر على ما إذا كان الاكتتاب العام الأولي سيقدم فرصة حقيقية للمستثمرين، ومن بينها ظروف السوق.

 

وتكون الأسواق الصاعدة أكثر ملاءمة للاكتتابات العامة الأولية، حيث إن معنويات المستثمرين إيجابية وهناك شهية أعلى للمخاطرة، وعلى العكس من ذلك، يمكن للأسواق الهابطة أن تعيق أداء الاكتتاب العام الأولي بسبب الحذر المتزايد بين المستثمرين.

 

كما تعتبر الصحة المالية ونموذج الأعمال وآفاق نمو الشركة بالغة الأهمية في تحديد نجاح الاكتتاب العام الأولي حيث من المرجح أن تحافظ الشركات ذات الأساسيات القوية والمسارات الواضحة للربحية على اهتمام المستثمرين.

 

 

وقبل المشاركة في الاكتتاب العام يجب إدراك أن المبالغة في التقييم في وقت الاكتتاب العام الأولي سيؤدي إلى ضعف الأداء بعد الإدراج.

 

على سبيل المثال، نُسب الاكتتاب العام الأولي الفاشل لشركة وي ورك في عام 2019 إلى المبالغة في التقييم والمخاوف بشأن نموذج أعمالها، ما أدى إلى انخفاض كبير في تقييمها قبل أن تتمكن حتى من الإدراج علنًا.

 

وأيضا تسهم فترات الإغلاق للاكتتابات العامة الأولية والتي تمنع المطلعين من بيع الأسهم لفترة زمنية معينة في زيادة ضغوط البيع وانخفاض أسعار الأسهم بعد انقضاء تلك الفترة.

 

أسهم واجهت صعوبات بداية تداولها بعد الاكتتاب

 

شكّل طرح فيسبوك الأولي في عام 2012 أكبر اكتتاب عام لشركة تكنولوجية في تاريخ الولايات المتحدة في ذلك الوقت.

 

وطرحت الشركة نحو 421 مليون سهم من أسهمها بقيمة 38 دولارًا أمريكيًا للسهم وجمعت قرابة 16 مليار دولار من خلال هذا الطرح وهو رقم ضخم حينها.

 

وانخفض السهم عند الافتتاح مباشرة، وهبطت أسعار الأسهم بأكثر من 40% على مدار الأشهر القليلة التالية، وكان جزء كبير من الافتقار إلى الثقة في السهم نابعًا من الداخل لأن 57% من الأسهم المبيعة في الطرح العام الأولي كانت من داخل فيسبوك.

 

وكان هناك عامل آخر في انخفاض سعر السهم وهو قرار شركة جنرال موتورز بسحب 10 ملايين دولار من الإعلانات من فيسبوك بسبب عدم فعاليتها.

 

ومع ذلك، استفاد المستثمرون طويلو الأجل الذين احتفظوا بأسهمهم بشكل كبير حيث عالجت الشركة المخاوف الأولية وحققت نموًا كبيرًا، وسجل سهم فيسبوك أعلى مستوى له على الإطلاق في سبتمبر 2021 ومايو 2023، حيث بلغ نحو 378 دولارًا.

 

 

أيضًا شهد سهم أوبر قصة مماثلة حينما افتتح الطرح الأولي الخاص به في عام 2019 عند 45 دولارًا للسهم، لكن سعر السهم انخفض في الأشهر اللاحقة بسبب مخاوف الربحية، وسجل أقل من 23 دولارًا في مارس 2020.

 

واستغرق الأمر أكثر من عام حتى تعافى سعر سهم أوبر ووفر عوائد إيجابية للمستثمرين به، وتمكن السهم من تجاوز مستوى 86 دولارًا في أكتوبر الماضي.

 

مخاطر الاكتتابات ونصائح ذهبية لتلافيها

 

الاستثمار في الاكتتابات العامة الأولية ليس خاليًا من المخاطر وعلى رأسها تقلبات الأسعار، إذ غالبًا ما تكون أسهم هذه الاكتتابات متقلبة للغاية، وخاصة في أيام التداول الأولى.

 

وعلى عكس الشركات الراسخة، فإن الاكتتابات العامة الأولية لديها بيانات أداء تاريخية محدودة، ما يجعل من الصعب التنبؤ بالأداء المستقبلي.

 

كما أن حماس وسائل الإعلام والمستثمرين يمكنه تضخيم التوقعات، والمبالغة في تقييم السعر ما قد يؤدي لعمليات تصحيح لاحقة.

 

ويقول الخبراء إن هناك عدة نصائح ذهبية يجب العمل بها قبل الاستثمار في اكتتابات العامة الأولية أولها الحصول على معلومات عن الشركات التي تستعد للطرح العام ومنافسيها، وتمويلها، والبيانات الصحفية السابقة، فضلاً عن بيانات القطاع العاملة فيه.

 

أما النصيحة الثانية فهي قراء نشرة الاكتتاب بشكل تفصيلي، ورغم أنه لا ينبغي لك أن تضع كل ثقتك في نشرة الاكتتاب، ولكن لا يمكن أن تتجاهل قراءتها، قد تعتبر قراءة جافة للبعض، ولكن نشرة الاكتتاب تحدد المخاطر والفرص التي قد يتعرض لها المستثمر.

 

 

على سبيل المثال، إذا تم استخدام الأموال لسداد القروض أو شراء الأسهم من المؤسسين أو المستثمرين من القطاع الخاص، فقد يكون من المفيد تجنب الاكتتاب العام الأولي، فهذه ليست علامة مشجعة وتخبرنا أن الشركة لا تستطيع تحمل سداد قروضها دون إصدار أسهم.

 

نصيحة ذهبية أخرى يقدمها الخبراء وهي سمة "التشكك" التي يجب أن تكون حاضرة في سوق الاكتتاب العام الأولي، فهناك دائمًا قدر كبير من عدم اليقين المحيط بالطرح العام الأولي، ويرجع ذلك أساسًا إلى نقص المعلومات المتاحة، لذا تعامل مع هذه الاكتتابات بحذر.

 

ورغم أن الاكتتابات العامة الأولية يمكن أن تقدم فرصًا كبيرة، إلا أنها لا تضمن النجاح للمستثمرين بشكل عام، لذا يكمن مفتاح الاستفادة من استثمارات الاكتتابات العامة الأولية في البحث الشامل وفهم أساسيات الأعمال الأساسية وظروف السوق ومقاييس التقييم.

 

ومن خلال التعامل مع الاكتتابات العامة الأولية من منظور متوازن، يمكن للمستثمرين الاستفادة بشكل أفضل من المكاسب وتجنب المخاطر المحتملة الكامنة في تلك الاكتتابات.

 

المصادر: أرقام- انفستوبيديا- بلومبرج- رويترز- فوربس- يو إس بنك

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.