يزخر عالم ريادة الأعمال بالعديد من الشركات الناشئة التي حظيت برحلات صعود مثيرة للإعجاب، وخاصة تلك التي تأسست بناء على أفكار علمية وتقنية مبتكرة جعلتها قادرة على منافسة مؤسسات كبرى لها مكانة راسخة في السوق.
كانت "وايفي – Wayve" إحدى هذه الشركات الحديثة النشأة التي استطاعت اختراق سوق المركبات ذاتية القيادة لتنافس "تسلا" بفضل الخلفية الأكاديمية لمؤسسها الشاب "أليكس كيندال".
إذ حصل "كيندال" - البالغ من العمر 31 عاماً - على درجة الدكتوراة من جامعة "كامبريدج" في تخصص الروبوتات، والرؤية الحاسوبية، وهو ما ساعده على التوصل لفكرة تأسيس شركة متخصصة في أتمتة قيادة السيارات اعتماداً على هذه التقنيات بجانب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
البداية
نشأ "كيندال" في نيوزيلندا، وأثناء الدراسة بمنحة الدكتوراة التي حصل عليها عام 2014، تعاون مع شريك مؤسس يدعى "عمار شاه" –تخارج بعد ذلك- في إطلاق "وايفي".
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
نجح الشريكان في بادئ الأمر في جمع مليوني دولار من التمويلات، وتوظيف 10 طلاب آخرين للعمل على تأسيس الشركة، وبعد الانتهاء من وضع نموذج أوَّلي لبرمجيات تشغيل السيارات ذاتية القيادة، ركز "كيندال" على العثور على مستثمرين.
حضر المؤسس الشاب الكثير من المؤتمرات التقنية غالبيتها في الولايات المتحدة، الأمر الذي أتاح له حين كان في عمر الخامسة والعشرين فرصة لقاء "جينسن هوانج" الرئيس التنفيذي لصانعة الرقائق "إنفيديا" عام 2018.
كان هذا اللقاء وجيزاً للغاية واستغرق 20 ثانية فقط، إذ لحق "كيندال" بـ "هوانج" إلى المصعد بعدما أنهى الأخير كلمة ألقاها في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بمدينة "سولت ليك".
عرض "كيندال" فكرة "وايفي" التي تأسست قبل عام واحد فقط من هذا اللقاء، قائلاً إنها شركة ناشئة يقع مقرها في لندن، تسعى لابتكار تقنية قيادة ذاتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مع ضمان مستوى أعلى من الأمان وبتكلفة أقل من أي شركة أخرى.
كانت هذه المقابلة بمثابة الأساس لحصول الشركة على تمويل بقيمة 1.05 مليار دولار في جولة استثمارية ثالثة انتهت في مايو الماضي، أي بعد قرابة 6 سنوات على تأسيسها، شاركت فيها كلٌّ من "إنفيديا"، و"سوفت بنك" و"مايكروسوفت".
استطاعت "وايفي" جذب شركات بارزة في عالم التقنية للاستثمار بها رغم أنها لم تطرح بعد أي منتجات في السوق، ولم تجذب أي عملاء.
كيف جذبت وايفي هذه النخبة من المستثمرين دون طرح منتجات بعد؟
يقوم نموذج عمل "وايفي" على استهداف بيع التقنية لشركات صناعة السيارات، ويعتمد على نفس آلية تكنولوجيا القيادة الذكية التي تستخدمها "تسلا" في مركباتها، والتي تتطلب تواجد سائق داخل السيارة.
وهي تقنية لا تعتمد على الأجهزة والمعدات، بل روبوتات برمجية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتحكم في السيارة منطقياً عن طريق الأكواد والكاميرات فقط لمعالجة الصور الملتقطة من خلال الملاحظة البصرية، ومن ثم قيام نظام التشغيل بتدريب المركبة على تعلم القيادة وحدها.
تتمتع هذه الآلية بانخفاض التكلفة لأنها لا تحتاج تزويد السيارة بمعدات أو أجهزة خاصة، وبالتالي يمكن تحويل أي مركبة إلى سيارة ذاتية القيادة بتكلفة زهيدة.
جمعت "وايفي" بيانات حول قيادة السيارات من شركات توصيل بريطانية مثل "دي بي دي" و"أوكادو جروب"، ودربت أنظمتها على التنقل في شوارع لندن المزدحمة التي يصعب القيادة بها.
واستفادت الشركة من أبحاث الدكتوراة المنشورة لـ "كيندال"، إذ قرأ "يان لوكون" كبير علماء الذكاء الاصطناعي لدى "ميتا" أحدها عام 2019، ثم تواصل معه وشارك في جولة التمويل الأولى لـ "وايفي" التي جمعت خلالها 20 مليون دولار.
علاوة على ذلك، تعرفت شركة رأس المال الاستثماري "بالديرتون كابيتال" على "كيندال" من خلال إحدى أوراقه البحثية التي حظيت بانتشار واسع في "كمبريدج".
وانضم بعدها الدكتور "جيمي شوتون" رئيس مختبر الواقع المختلط والذكاء الاصطناعي التابع لشركة "مايكروسوفت" في جامعة "كامبريدج"، إلى فريق عمل "وايفي" في منصب كبير العلماء.
تبع ذلك مشاركة "مايكروسوفت" في جولة التمويل الثانية عام 2022، والتي جمعت "وايفي" خلالها 200 مليون دولار.
الخطوة التالية
ذكر "كينتارو ماتسوي" أحد مستثمري مجموعة "سوفت بنك" في تصريح لمجلة "فوربس"، أن تركيز "وايفي" في الوقت الراهن يجب أن ينصب على الانتقال من مرحلة البحوث الأكاديمية إلى إطلاق منتجات للسوق.
وأوضح أن هذه المرحلة تتسم بالصعوبة، إذ تنطوي على تحدٍ يتمثل في الاستفادة من الابتكارات تجارياً، ولم تنجح الكثير من شركات القيادة الذاتية التي استثمر فيها صندوق "رؤية" التابع للمجموعة سابقاً.
لكنه أعرب عن ثقته في أن تجربة "وايفي" مختلفة تماماً عن الاستثمارات السابقة للصندوق في هذا المجال نظراً لنموذج عملها الذي يعتمد على البرمجيات.
وقال إنه يجرب قيادة سيارة مدعومة بتقنيات "وايفي" كل شهر أو شهرين، ويلاحظ تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الداعمة لها في كل مرة.
واجهت تقنيات القيادة الذاتية المعتمدة على البرمجيات عدة انتقادات بسبب افتقارها لتدابير السلامة، ولا يزال هناك الكثير من الجدل حول كون الآلية التي تقوم على الكاميرات هي مفتاح الحل لاستخدام القيادة الآلية بصفة دائمة.
إذ أشار "إدوارد نيديرماير" محلل قطاع السيارات ذاتية القيادة في تعقيب لـ "فوربس"، إلى أن "تسلا" واجهت مشكلات في التعامل مع هذه التقنية، واستغرقت 8 سنوات لتطوير آلية مماثلة لابتكار "وايفي"، لكنها شهدت تعرض السيارات لعدة حوادث أدت إلى وفيات.
المصدر: فوربس
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}