نبض أرقام
01:00 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/01/05
2025/01/04

2024 عام قاسٍ على العقارات .. هل تحمل السنة الجديدة بارقة أمل؟

2024/12/30 أرقام - خاص

عانى سوق العقارات العالمي من أوضاع صعبة خلال عام 2024، إذ أصبحت آمال الكثيرين في الحصول على مسكن ملائم في مهب الريح، بسبب أزمة الأسعار، وزيادة معدلات الفائدة لتُثقل كاهل المشترين والمستثمرين في الوقت نفسه.

 

تلك الأوضاع لم تجعل هذا العام مجرد اختبار عابر، بل تحول إلى أزمة عميقة تهدد استقرار سوق العقارات، وتسببت في طرح تساؤلات مصيرية مع اقتراب بداية العام الجديد، مثل؛ هل ستشهد الأسواق العقارية انتعاشًا، أم أن الضغوط ستستمر في فرض سطوتها؟

 

 

تعثر قطاع العقارات في 2024 لم يكن مفاجئًا أو وليد اللحظة، فقد تراكمت أسبابه على مدار سنوات، وبرزت عوامل عدة أدت إلى تعميق هذا التعثر.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

وطالت الأزمة العديد من الأسواق حول العالم، ورغم اختلاف الظروف فقد تم الاتفاق في تراجع المبيعات خلال هذا العام.

 

الوضع في السوق الأمريكي

 

أنهى سوق الإسكان في أمريكا عاماً مليئًا بالتحديات، تمثل في الأسعار المرتفعة والمبيعات البطيئة ومعدلات الرهن العقاري المرتفعة، مع ذلك هناك عوامل قد تعطيه دفعة قوية في العام المقبل.

 

وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، رغم ذلك  شهدت أسعار الرهن العقاري ارتفاعًا منذ ذلك الحين.

 

وذكرت شركة "فريدي ماك" للتمويل العقاري أن متوسط ​​سعر الرهن العقاري القياسي الثابت لمدة 30 عاماً بلغ 6.72% الأسبوع الماضي، مقابل 6.6% في الأسبوع الذي يسبقه، ومن المتوقع أن تظل أسعار الرهن العقاري عالقة فوق 6% على مدى العامين المقبلين.

 

ويشير الخبراء إلى أنه مع استمرار انخفاض أسعار الفائدة فإنه من المتوقع أن يستمر نمو الوظائف.

 

ويُعد الوضع في سوق العمل عاملًا حاسمًا للاقتصاد الأمريكي، إذ يضمن استقرار الوظائف استمرار تقاضي الرواتب وبالتالي تواصل الإنفاق، ما يسهم في تحفيز الاقتصاد.

 

وفقًا لبيان صادر عن الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، يمكن أن تتسبب عمليات التسريح أو الخوف من فقدان الوظائف المحتملة في انخفاض كبير في مبيعات المساكن، ما يجعل استقرار سوق العمل عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على نشاط السوق العقاري.

 

أبرز تحديات سوق العقارات في الولايات المتحدة في عام 2025 (موقع ستاتيستا)

الترتيب

التحدي

1

تكاليف العمالة في قطاع البناء

2

توافر عمال البناء

3

تكاليف التشغيل

4

التنظيمات المحلية

5

أسعار الأراضي

 
وعلى العكس من ذلك، يؤدي ارتفاع التوظيف إلى طلب قوي على مشتريات المساكن مع اكتساب المشترين المحتملين للثقة والمال اللازمين لعملية الشراء.
 

حتى الآن كل شيء على ما يرام، إذ لا يزال سوق العمل في حالة جيدة، وقد تضاءلت المخاوف من تدهوره على مدى الأشهر القليلة الماضية، ويتوقع مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يظل معدل البطالة منخفضًا تاريخيًا العام المقبل، وفقًا لأحدث التوقعات.

 

لكن سوق العمل القوي يمكن أن يكون أيضًا سلاحًا ذا حدين، إذ وجدت دراسة أجراها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أن زيادة بنسبة 1% في التوظيف تُترجم إلى زيادة بنحو 1.5% في أسعار المساكن بالسوق الأمريكي.

 

وارتفع متوسط ​​سعر المسكن القائم إلى 406.1 ألف دولار في نوفمبر، مسجلًا الشهر السابع عشر على التوالي من الزيادات السنوية، وفقًا لما ذكرته الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين.

 

وكان نقص المنازل المتاحة مشكلة طويلة الأمد في سوق الإسكان، وقدرت شركة فريدي ماك الشهر الماضي أن هناك نقصًا في المساكن بلغ 3.7 مليون وحدة في الربع الثالث.

 

ويمكن أن يؤدي انتعاش بناء المساكن أيضًا إلى تعزيز المخزون، لا سيما في المناطق التي تتمتع بدعم كافٍ للتطوير السكني.

 

 

ومع ذلك تظل هناك مخاوف من تباطؤ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض تكاليف الاقتراض، ما قد يؤثر على وتيرة البناء على مستوى البلاد.

 

ويقول "روبرت ديتز"، كبير الاقتصاديين في الرابطة الوطنية لبناة المنازل، إن اتباع بنك الاحتياطي الفيدرالي نهجًا بطيئًا لخفض أسعار الفائدة حتى عام 2025، سيُبقي أسعار الفائدة على قروض البناء أعلى من المتوقع سابقًا، ما يعوق إضافة مزيد من المعروض السكني.

 

ويتوقع الخبراء ارتفاع أسعار المساكن في الولايات المتحدة إلى 4.5% هذا العام و4.4% في عام 2025، مقارنة بالتقديرات السابقة البالغة 4.2 و3.2% على التوالي.

 

الوضع في السوق الصيني

 

كان مشهد سوق العقارات في الصين أكثر سوءًا من نظيره الأمريكي، بعدما واجه تحديات كبيرة خلال عام 2024، حيث استمرت الضغوط على السوق العقاري، ما أثر على الاقتصاد الصيني بشكل عام.

 

وانخفضت الاستثمارات في التطوير العقاري بنسبة 10.3% على أساس سنوي، حيث بلغت نحو 8.63 تريليون يوان (1.1 تريليون دولار) خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024.

 

توقعات قيمة سوق العقارات في الصين حتى 2029

السنة

القيمة (بالتريليون دولار)

2024

130.7

2025

133.2

2026

135.8

2027

138.4

2028

141.1

2029

143.8

 
كما تراجعت أسعار المنازل بنسبة 5.2% على أساس سنوي في أكتوبر 2024، بعد انخفاض بلغ 5.9% في سبتمبر 2024، ورغم تراجع الأسعار فإن المبيعات العقارية الجديدة شهدت انخفاضًا بنسبة 20.9% على أساس سنوي بين يناير وأكتوبر الماضيين.
 

وارتفع المخزون العقاري غير المبيع بنسبة 12.7% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، مع زيادة بنسبة 19.6% في العقارات السكنية خلال الفترة نفسها.

 

وتتوقع وكالة "فيتش" انخفاضًا إضافيًا في أسعار المنازل الجديدة بنسبة 5% في عام 2025، ما يشير إلى استمرار التحديات في السوق العقاري.

 

واتخذت الحكومة الصينية عدة إجراءات لدعم القطاع، بما في ذلك خفض متطلبات الدفعة الأولى لمشتري المنازل لأول مرة إلى 15%، وتوفير تمويلات لمشروعات التطوير العقاري بقيمة تصل إلى 4 تريليونات يوان (550 مليار دولار) بنهاية عام 2024.

 

وأدت أزمة العقارات إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد الصيني، حيث خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني لعام 2024 إلى 4.8%، مشيرًا إلى أن أزمة العقارات المستمرة تشكل خطرًا كبيرًا على النمو الاقتصادي.

 

 

وذكرت صحيفة تشاينا كونستراكشن نيوز أن الجهود ستستمر في عام 2025 لتحقيق الاستقرار ومنع المزيد من الانخفاضات في سوق العقارات.

 

وأكد التقرير أن الصين ستعزز بقوة إصلاح نظام مبيعات المساكن التجارية، وتوسع نطاق تجديد القرى الحضرية إلى ما هو أبعد من إضافة مليون وحدة.

 

وقال إن الصين ستسيطر بشكل صارم على المعروض من المساكن التجارية، مع زيادة المعروض من المساكن بأسعار معقولة للمساعدة في حل المشاكل المعيشية لعدد كبير من المواطنين الجدد والشباب والعمال المهاجرين.

 

وكثف صناع السياسات جهودهم لإحياء العقارات، من خلال إدخال تدابير جديدة لتشجيع الطلب على المساكن بعد أن تسببت حملة تقودها الحكومة لكبح جماح المطورين ذوي الاستدانة العالية في أزمة في عام 2021.

وفي سبتمبر الماضي، اتخذت الحكومة تدابير تهدف إلى تشجيع شراء المساكن، مثل خفض أسعار الرهن العقاري والدفعات الأولية الدنيا، فضلاً عن الحوافز الضريبية لخفض تكلفة معاملات الإسكان.

 

وأظهر سوق العقارات بالفعل بعض الزخم، حيث شهدت معاملات المنازل في أكتوبر ونوفمبر نموًا سنويًا وشهريًا، وأظهرت البيانات الرسمية أن أسعار المساكن في الصين انخفضت بأبطأ وتيرة في 17 شهرًا في نوفمبر الماضي.

 

وخلال الشهر الحالي دعا مسؤول في لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المركزية إلى اعتماد تدابير سياسية ذات تأثير مباشر على استقرار سوق العقارات في أقرب وقت ممكن، مع حصول الحكومات المحلية على قدر أكبر من الاستقلال لشراء مخزون الإسكان.

 

مع جهود البنوك المركزية لمكافحة التضخم، ارتفعت أسعار الفائدة بشكل كبير، ما جعل الحصول على قروض لشراء العقارات أكثر تكلفة وصعوبة.

 

وضع العقارات في الأسواق الأوروبية

 

اختلف المشهد قليلًا في السوق الأوروبي؛ حيث تباين أداء العقارات من دولة لأخرى، لكن بشكل عام أظهرت السوق العقاري في أوروبا علامات على التعافي مقارنة بباقي الأسواق العالمية، حيث توقع المحللون ارتفاع حجم الاستثمارات بنسبة 10% مقارنة بعام 2023.

 

ومع ذلك لا تزال التحديات قائمة، مثل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم، ما يدفع المستثمرين والمشترين المحتملين للتريث.

 

 

ففي بريطانيا واجه قطاع العقارات الفاخرة تحديات كبيرة في عام 2024، وانخفضت مبيعات العقارات التي تتجاوز قيمتها 15 مليون جنيه إسترليني بنسبة 26%.

 

كما تراجع إجمالي قيمة المبيعات من 1.3 مليار جنيه إسترليني في عام 2023 إلى 856.5 مليون جنيه إسترليني.

 

وتأثر السوق بتغيرات سياسية وزيادة رسوم شراء المنازل، إضافة إلى غياب المشترين الروس بسبب التوترات الجيوسياسية.

 

أما في ألمانيا فقد أظهرت بيانات من شركة جيه إل إل أن المعاملات في سوق العقارات العملاق المتعثرة في ألمانيا ارتفعت قليلاً في الأشهر التسعة الأولى من العام، لكنها حذرت من أن التعافي في أكبر اقتصاد في أوروبا سيكون بطيئًا، ما قد يؤثر على مبيعات العقارات.

 

وبلغ حجم مبيعات العقارات الاستثمارية من يناير إلى سبتمبر من العام الحالي 23.4 مليار يورو (25.66 مليار دولار)، بزيادة 5% على العام السابق، وذلك بعد أن شهد السوق انهيارًا لمدة عامين متتاليين، حيث مرت البلاد حينها بأسوأ أزمة عقارية لها منذ عقود.

 

وقالت جيه إل إل إن انخفاض أسعار العقارات التجارية والسكنية بدأ في التراجع، حيث ساعدت تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في كل من أوروبا والولايات المتحدة في استقرار الوضع.

 

وكانت ألمانيا الأكثر تضررًا في أوروبا في أزمة العقارات التي ضربت أيضًا الصين والولايات المتحدة.

 

توقعات قيمة سوق العقارات في فرنسا من 2024 إلى 2029

السنة

قيمة السوق (بالتريليون الدولار)

2024

25.35

2025

26.17

2026

26.98

2027

27.79

2028

28.60

2029

29.41

 
في حين شهد سوق العقارات الفرنسي في عام 2024 تقلبات ملحوظة، متأثرًا بعوامل اقتصادية متعددة.
 

وبعد فترة من ارتفاع الأسعار عقب جائحة كوفيد-19، واجه السوق تباطؤًا نتيجة زيادة أسعار الفائدة والضغوط الاقتصادية.

 

وفي عام 2023، انخفضت مبيعات العقارات بنسبة 16.6%، حيث تراجعت من 1.2 مليون إلى 955 ألف صفقة، مع انخفاض في الأسعار بنسبة تقارب 1% ، وفي عام 2024 استمر هذا الاتجاه، حيث انخفضت المبيعات إلى نحو 800 ألف صفقة.

 

 

وعلى الرغم من هذا التراجع، بدأ السوق يُظهر علامات استقرار، مع انخفاض طفيف في الأسعار في بعض المناطق وزيادة طفيفة في أخرى، وشهدت 65% من المدن الكبرى زيادة طفيفة في الأسعار.

 

من ناحية أخرى، شهد الاستثمار في العقارات الجديدة وتلك المخصصة للإيجار تراجعًا ملحوظًا، ما أدى إلى نقص في المعروض من المساكن المتاحة للإيجار طويل الأمد.

 

بشكل عام، يُتوقع أن يشهد السوق العقاري الفرنسي مزيدًا من الاستقرار في عام 2025، مع احتمال زيادة النشاط نتيجة لانخفاض أسعار الفائدة وتحسن الظروف الاقتصادية، ولكن يظل توفر القروض العقارية عاملاً حاسمًا في تحديد اتجاه السوق في المستقبل.

 

ورغم ما يحمله عام 2025 من آمال لانفراج السوق العقاري، وتخطيه للتحديات التي شهدها على مدار هذا العام، لا يزال هناك العديد من العوامل ستلعب دورًا مهمًا في تحديد فرص تحسن السوق، لعل أبرزها معدلات الفائدة، ونمو الاقتصاد العالمي.

 

يظل أبرز التحديات التي تواجه السوق العقاري هو استمرار المخاطر الجيوسياسية على مستوى العالم، مثل الحرب بين أوكرانيا وروسيا، إذ يهدد توسع مثل تلك الصراعات فرص نمو الاقتصاد العالمي، ويسهم في تفاقم مشاكل سلاسل التوريد بالنسبة لمواد البناء.

 

المصادر: أرقام- جولدمان ساكس- سي إن إن- رويترز- ذا تايمز- أبردن- ليموند- ستاتيستا

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.