خفضت أربعة بنوك مركزية كبرى معدلات الفائدة في الثلاثة أشهر الأخيرة، مع إشارات على أن الأسوأ ربما قد انتهى فيما يتعلق بأزمة التضخم.
وأثارت قرارات البنوك المركزية الأخيرة التكهنات بشأن ما إذا العالم على حافة دورة جديدة من التيسير النقدي قد تضم بنوكاً أخرى هذا العام.
عمليات خفض للفائدة
- أبقت البنوك المركزية الكبرى معدلات الفائدة عند مستويات مرتفعة على مدار العامين الماضيين، في مسعى لكبح جماح التضخم بعد التعافي من تداعيات وباء "كوفيد-19".
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- لكن في شهر مارس الماضي، بدأ البنك المركزي السويسري رحلة خفض معدلات الفائدة، بعدما قلص تكاليف الاقتراض بشكل مفاجئ بمقدار 0.25% عند 1.5%.
- برر المركزي السويسري قراره بتباطؤ التضخم دون المستهدف البالغ 2%، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في شهر فبراير الماضي إلى 1.2%.
- بينما في مايو الماضي، انضم البنك المركزي السويدي لنظيره السويسري، ليقوم بخفض الفائدة من 4% إلى 3.75%.
- جاء قرار السويدي مع تباطؤ التضخم من الذروة التي تجاوزت 10% في عام 2022 إلى أكثر قليلاً من 2% مؤخرًا.
- في الخامس من شهر يونيو الجاري، أصبح بنك كندا أول بنك مركزي في مجموعة السبع الكبرى يخفض معدلات الفائدة في الدورة الحالية.
- قرر المركزي الكندي خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتسجل 4.75%، في أول عملية خفض في أربع سنوات، مع ثقة مسؤوليه بقرب عودة التضخم نحو المستهدف.
- سجل مؤشر أسعار المستهلكين في كندا أدنى وتيرة ارتفاع في ثلاث سنوات عند 2.7% في شهر أبريل الماضي.
- في اليوم التالي مباشرة، انضم البنك المركزي الأوروبي إلى القائمة، ليخفض معدلات الفائدة على الودائع بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى 3.75%، في أول عملية خفض منذ عام 2019.
- جاء قرار المركزي الأوروبي بخفض معدلات الفائدة على الودائع من المستوى القياسي البالغ 4% والذي ظلت عنده منذ سبتمبر 2023، مع تباطؤ التضخم السنوي عند 2.6% في مايو.
بداية دورة جديدة؟
- رغم خفض أربعة بنوك مركزية كبرى معدلات الفائدة منذ بداية العام الجاري، فإن الشكوك لا تزال مستمرة بشأن مواصلة هذه البنوك سياسة التيسير النقدي.
- فيما يتعلق بسويسرا، توقعت شركة "كابيتال إيكونومكس" خفض معدلات الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام في شهري سبتمبر وديسمبر، ما قد يهبط بالفائدة عند 1%، قبل أن تستمر عند هذه المستويات خلال عامي 2025 و2026.
- لكن الأسواق ترى أن احتمالية خفض الفائدة في سويسرا خلال الاجتماع المقبل في العشرين من يونيو الجاري تبلغ 50%، مع مخاوف ضعف الفرنك وارتفاع أسعار الواردات.
- كما أشار بنك كندا في قراره الأخير إلى أنه من المرجح أن يتجه لمزيد من تيسير السياسة النقدية في حال استمر التضخم في التباطؤ.
- بينما أظهرت الأسواق – بعد قرار بنك كندا مباشرة – احتمالية تبلغ 35% فحسب لقيام البنك بعملية خفض جديدة للفائدة في الشهر المقبل.
- من جانبه، صوت عضو مجلس محافظي المركزي الأوروبي ومحافظ البنك الوطني النمساوي "روبرت هولزمان" ضد قرار خفض الفائدة في منطقة اليورو خلال الاجتماع الأخير.
- كما أظهر بيان السياسة النقدية للمركزي الأوروبي حالة من عدم اليقين بشأن الخطوة المقبلة للبنك، مع الإشارة إلى أن القرارات المقبلة ستعتمد على البيانات الاقتصادية.
- أكدت رئيسة المركزي الأوروبي "كريستين لاجارد" يوم الإثنين حالة عدم اليقين بقولها إن معدلات الفائدة بالمركزي الأوروبي ليست على مسار هبوطي مستمر، مشددة على أن صناع السياسيات قد ينتظرون في بعض الأحيان أكثر من اجتماع قبل خفض تكاليف الاقتراض مجددًا.
الضغوط تتصاعد في بريطانيا
- بينما في المملكة المتحدة، يُبقي بنك إنجلترا معدلات الفائدة عند أعلى مستوياتها في 16 عامًا والبالغة 5.25%.
- لكن خفض معدلات الفائدة في أوروبا مؤخرًا قد يزيد الضغط على بنك إنجلترا للسير في نفس الاتجاه، خاصة مع تباطؤ التضخم السنوي في المملكة المتحدة إلى 2.3% في مايو.
- يعتقد بنك "إي إن جي" أن بنك إنجلترا سيخفض معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام، بالنظر إلى تباطؤ التضخم المستمر وإشارات محافظ البنك "أندرو بيلي".
- كما توقع بنك "يو بي إس" أن يتجه بنك إنجلترا لبدء خفض معدلات الفائدة في شهر أغسطس المقبل، قبل أن يتبع تلك الخطوة بخفضين أو ثلاث عمليات خفض للفائدة على مدى الاثني عشر شهرًا المقبلة.
الفيدرالي يغرد خارج السرب
- لكن على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، يبدو الاحتياطي الفيدرالي بعيدًا عن خفض معدلات الفائدة، بعدما أبقاها عند أعلى مستوى في 22 عامًا عند نطاق 5.25% و5.5% منذ يوليو 2023.
- في الشهر الماضي، شدد رئيس الفيدرالي "جيروم باول" على أنه من المرجح أن تبقى معدلات الفائدة عند مستويات مقيدة لفترة أطول مما كان يُعتقد سابقًا، من أجل الحصول على ثقة أكبر بشأن اتجاه التضخم للتباطؤ نحو المستهدف البالغ 2%.
- كما تزايدت الشكوك في الأسواق حيال إمكانية خفض الاحتياطي الفيدرالي لمعدلات الفائدة قريبًا، بعد تقرير الوظائف الذي جاء أفضل كثيرًا من التوقعات.
- أضاف الاقتصاد الأمريكي 272 ألف وظيفة في شهر مايو الماضي، متجاوزًا التقديرات التي كانت تشير إلى 185 ألف وظيفة فحسب، ما يشير إلى استمرار قوة سوق العمل وبالتالي بقاء الضغوط التضخمية المحتملة.
- ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي 3.4% في أبريل الماضي على أساس سنوي، ليظل بعيدًا عن مستهدف الفيدرالي.
- بعد بيانات الوظائف، أرجأ "سيتي جروب" توقعاته لموعد بدء خفض الفائدة الأمريكية إلى اجتماع سبتمبر بدلاً من توقعاته السابقة بالخفض في يوليو.
- كما يتوقع بنك "يو بي إس" أن يبدأ الفيدرالي الأمريكي عملية التيسير النقدي في شهر سبتمبر المقبل، على أن يخفض معدلات الفائدة بإجمالي 50 نقطة أساس في العام الحالي.
- تشير توقعات أداة "فيد واتش" إلى أن الأسواق تسعر عملية أو عمليتي خفض لمعدلات الفائدة الأمريكية على الأكثر هذا العام، مقارنة بست عمليات خفض كانت متوقعة في يناير الماضي.
- بينما يعتقد "بنك أوف أمريكا" أن الفيدرالي الأمريكي من غير المرجح أن يخفض الفائدة قبل اجتماع ديسمبر المقبل، على أن يشهد عام 2025 خفضها 4 مرات.
هل تؤثر المخاوف السياسية؟
- لكن بعيدًا عن العوامل الاقتصادية، حذر محللون من أن الانتخابات المرتقبة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة قد ترجئ أي محاولات من البنكين المركزيين لخفض معدلات الفائدة.
- أشار اقتصاديون إلى أن بنكي إنجلترا والفيدرالي الأمريكي قد يرغبان في تجنب أي اتهامات بأن خفض معدلات الفائدة يستهدف مساعدة الحكومات الحالية.
- يشهد بنك إنجلترا وضعًا صعبًا بشكل خاص، مع حقيقة أن اجتماعه القادم سيُعقد قبل أسبوعين فقط من الانتخابات العامة المقررة في الرابع من يوليو المقبل.
- يرى "تشارلز جودهارت" العضو السابق في لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا أن البنوك المركزية لا تريد أن تبدو وكأنها تنخرط في أي نشاط سياسي.
- يرى "جودهارت" أن أسهل شيء يمكن أن تقوم به البنوك المركزية هو عدم القيام بأي شيء على الإطلاق.
- بينما في الولايات المتحدة، لا تزال بعض بنوك الأبحاث تتوقع إمكانية بدء خفض الفيدرالي الأمريكي لمعدلات الفائدة في سبتمبر، وهو الاجتماع الأخير للبنك قبل الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر المقبل.
- لكن بعض المحللين يعتقدون أن من الصعوبة بمكان أن يتجه الفيدرالي لخفض الفائدة بالنظر إلى قوة سوق العمل والقلق من التداعيات السياسية المحتملة.
- قال "آدم بوسن" مدير معهد بيترسون فور إنترناشيونال إيكونومكس" إن الاقتصاد الأمريكي القوي يعني أنه من غير المرجح أن يضع الفيدرالي نفسه في دائرة الضوء من خلال خفض الفائدة قبل الانتخابات.
- يعتقد "بوسن" أنه في حال سمحت البيانات الاقتصادية بذلك، فإن الاحتياطي الفيدرالي سيحاول جاهدًا عدم القيام بأي فعل حتى نوفمبر المقبل.
- لكن على الجانب الآخر، يرى آخرون أنه لا يوجد سبب يمنع من قيام بنكي إنجلترا والفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة قبل الانتخابات المرتقبة مباشرة.
- قال "دونالد كوهن" نائب رئيس الفيدرالي الأسبق إن رئيس المجلس الحالي "جيروم باول" كان واضحًا تمامًا في الإشارة إلى أن قرارات البنك ليست مدفوعة بالسياسة وإنما بالاقتصاد فحسب.
- ذكر "كوهن" أنه إذا وصل البنك المركزي الأمريكي إلى شهر سبتمبر مع وجود سوق عمل ضعيف وتضخم متباطئ، فإنه لا يوجد سبب لعدم خفض معدلات الفائدة.
- أيضًا في المملكة المتحدة، يعتقد "سوشيل وادواني" العضو السابق في لجنة السياسة النقدية أنه لا يوجد سبب يمنع بنك إنجلترا من تحريك السياسة النقدية قبل الانتخابات.
- في يونيو من عام 2001 وقبل يوم واحد من الانتخابات العامة في بريطانيا آنذاك، صوت "واداوني" نفسه لصالح خفض معدلات الفائدة، رغم تصويت الأغلبية لتثبيت تكاليف الاقتراض دون تغيير.
- لكن "واداوني" عاد ليشير إلى أن الوضع الحالي أكثر صعوبة بالنسبة لبنك إنجلترا، بالنظر إلى أن السياسيين يتحدثون حالياً بشكل أكبر عن معدلات الفائدة.
- كان رئيس الوزراء البريطاني "ريشي سوناك" قد ذكر في الشهر الماضي أن التصويت لصالح حزب المحافظين بدلاً من العمال المعارض سيكون بمثابة تصويت لصالح تكاليف الاقتراض الأرخص، في تدخل اعتبره البعض بمثابة تجاهل لاستقلالية البنك المركزي.
المصادر: أرقام – البنك المركزي الأوروبي – بنك كندا – سي إن بي سي – بلومبرج – يو بي إس – فاينشال تايمز - رويترز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}