نبض أرقام
09:14 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

كيف يقوض الغرب حركة التجارة الدولية بينما يظهر كمنقذ لها؟

2023/12/22 أرقام - خاص

في حين سارعت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة لإظهار الدعم، وبناء التحالفات لحماية "حرية الملاحة والتجارة" في منطقة البحر الأحمر بعد تصاعد التهديدات الأمنية، فإنها جعلت الأمر أصعب لاستخدام طريق الشحن الحيوي المختصر.

  

صحيح أن شركات الشحن العالمية وحتى منتجي النفط والمصنعين والكثير من المنخرطين في التجارة الدولية، سارعوا لتحويل مسار شحناتهم بعيدًا عن البحر الأحمر، لكن الكثير منهم أيضًا لا يزال متمسكًا بالطريق المعتاد.

  

ويرجع ذلك لحقيقة أن استبدال طريق البحر الأحمر برأس الرجاء الصالح، يضيف مسافة كبيرة لرحلة سفينة الشحن، وبالتالي يزيد مدة الرحلة (ربما لأسابيع) ويرفع التكاليف ويخلق ضغوطًا في سلسلة التوريد وخطوط النقل.

 

ومع ذلك، فإن الشركات التي آثرت عدم الرضوخ للمخاوف، وقرر بعضها (خاصة من المعسكر الشرقي) تجنب أطراف الصراع لتلافي الخطر، واجهت ضغطًا من رفع الشركات الغربية التكاليف ووضع العراقيل أمام التأمين على السفن في طريق البحر الأحمر.

 

 

البديل ليس إلزاميًا

 

- تقدر أعداد السفن التي عدلت مسارها للابتعاد عن قناة السويس مؤخرًا بسبب التهديد في منطقة البحر الأحمر (تسمح سنويًا بتدفق 25% إلى 30% من الحاويات المشحونة عالميًا)، بأكثر قليلًا من 100 سفينة.

 

- في تقدير آخر، تشير تقارير إخبارية إلى أن حركة السفن عبر قناة السويس تراجعت بمقدار الثلث عن مستوياتها الطبيعية خلال الأيام القليلة الماضية.

 

- هذا التحول كبير بالطبع، لكنه لا يعني نهاية عمل الممر المائي الحيوي، الذي تعبره يوميًا ما بين 50 إلى 70 سفينة، أو أكثر من 19 ألف سفينة سنويًا، وفقًا لمصادر رسمية مصرية وأخرى مستقلة.

 

- في الجانب الجنوبي من البحر الأحمر، ووفقًا لبيانات "بلومبرج"، تراجع عدد السفن التي عبرت مضيق باب المندب خلال الأسبوع الجاري فقط بأكثر من 40% إلى 30 سفينة.

 

- لكن تغيير المسار ليس مجديًا للجميع، إذ تشير تقديرات شركة النقل واللوجستيات السويسرية "كوهني + ناجل"، إلى أن تغيير مسار الرحلة البحرية من آسيا إلى أوروبا يزيد مدة تسليم الشحنات بنحو 3 إلى 4 أسابيع.

 

- تُقدر المسافة الإضافية لهذه الرحلة أيضًا بآلاف الكيلومترات، ما يعني استهلاك المزيد من الوقود، والذي قد يضيف مئات آلاف الدولارات لتكلفة الرحلة، علاوة على شغل السفن لفترة أطول وربما تراكم البضائع في الموانئ.

 

 

الأغلبية ليست غربية

 

- في حين كان هذا مقبولًا لبعض الشركات، فإنه لم يكن خيارًا لشركات أخرى، خاصة في المعسكر الآسيوي الذي يميل لكونه أكثر حيادية، مثل الصين وتايوان وسنغافورة وغيرها.

 

- إذا كانت التقديرات السابقة صائبة، فإنها في كل الأحول تدل (على الأقل) أن آلاف عشرات السفن ما زالت تعبر قناة السويس يوميًا، وأن الآلاف ستعبر خلال الأسابيع المقبلة.

 

- شركة "أو أو سي إل- OOCL" الصينية، المملوكة لـ"كوسكو شيبينج- COSCO Shipping"، أكبر مالك لسفن الشحن في العالم من حيث الحمولة، لم توقف خطوطها في البحر الأحمر على عكس نظيراتها الغربية.

 

- أعلنت الشركة وقف خدماتها لإسرائيل مؤقتًا لضمان سلامة ناقلاتها، لكن سواء فعلت أو لم تفعل، فهناك الكثير من الشركات غيرها تواصل تحريك سفنها من خلال البحر الأحمر مرورًا بباب المندب ووصولًا إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس.

 

- في حين أن العبور من خلال قناة السويس والبحر الأحمر حيوي ومهم لدول أوروبا أكثر من غيرها، ورغم الإعلان عن تحالف عسكري دولي لحماية الممر المائي، فإن الغرب يساهم بشكل آخر في تقويض حركة التجارة الدولية وحرية الملاحة في المنطقة.

 

 

أسلحة الغرب السرية

 

- إذا كانت التهديدات الأمنية غير كافية لتحويل مسار رحلات جميع الشركات التي ترفض تحمل عبء التكلفة المادية والزمنية، فقد يكون من المقنع لها أن تغير مسارها إذا ارتفعت تكاليف الإبحار عبر طريقها المفضل.

 

- تشير بعض التقديرات إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحري إلى 10 آلاف دولار للحاوية بحجم 40 قدمًا من شنغهاي إلى المملكة المتحدة من 2400 دولار قبل أسبوع، في حين كانت الأسعار في الشرق الأوسط أكثر من ضعف ذلك.

 

- ارتفعت تكلفة التأمين على السفن التي تعبر البحر الأحمر إلى 0.5% من قيمة هيكل السفينة (500 ألف دولار للسفينة التي تبلغ قيمتها 100 مليونًا)، مقارنة بمستواها المتوسط بين 0.1% و0.2%، وهي زيادة حادة وغير معتادة.

 

- أيضًا وسعت شركات التأمين في لندن التي تعد لاعبًا رئيسيًا في أعمال النقل البحري، نطاق المساحة المحددة باعتبارها "بقعة خطرة" في منطقة البحر الأحمر، والتي يجب على السفن التي تعبر من خلالها أن تدفع "رسوم تغطية حرب".

 

- علاوة على ذلك، فإن رسوم التأمين ضد مخاطر الحرب، ارتفعت بأكثر من 10 أضعاف مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر، حيث زادت إلى ما بين 0.5% و0.7% من قيمة السفينة من 0.07% في أوائل ديسمبر.

 

 

إجبار على تحمل الأعباء

 

- لا يتوقف الأمر عند زيادة التكاليف، إذ تشير بعض التقارير إلى أن شركات التأمين الغربية ترفض بالفعل التأمين على الناقلات التي تريد العبور من منطقة البحر الأحمر.

 

- على أي حال، الرسوم المرتفعة قد تخلق دائرة مفرغة من زيادة التكاليف وضغوطًا إضافية على الشركات وبعض الأطراف الإقليمية، فإنها في النهاية قد تكون السبيل الوحيد لضمان مصالح الشركات الغربية والإبقاء على تنافسيتها، حيث سيتساوى الجميع في نهاية المطاف في تحمل الأعباء.

 

- تقول وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني إن تغيير مسار السفن بعيدًا عن قناة السويس، يضيف تكاليف على شركات الشحن، لكن من المرجح أن يتم تعويض هذه التكاليف من خلال رفع أسعار الشحن العالمية إذا استمرت الاضطرابات.

 

- هل كان التدافع الغربي نحو تحويل مسار طرق الشحن بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس مبررًا فعلًا؟ أو لم يكن كافيًا تغيير مسار السفن ذات الصلة بأطراف الصراع المستهدفين فقط، مع قصر الرسوم الإضافية عليها دون غيرها؟

 

- ربما أيضًا كانت محاولة لخلق وضع جديد يفرض فيه قبول بدائله، بغض النظر عن المصلحة الأوسع للشركات والأطراف الدولية والإقليمية الأخرى ذات الصلة، إلى جانب إلغاء الميزة التنافسية التي اكتسبتها الشركات الشرقية بحكم التطورات؟

 

المصادر: أرقام- بلومبرج- رويترز- سي إن بي سي- فيتش- وسائل إعلام مصرية- مصادر متنوعة

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.