عندما توفي المستثمر الأمريكي ديفيد سوينسن في مايو من العام الماضي، حزنت الأوساط الاستثمارية حول العالم عموماً وفي الولايات المتحدة خصوصاً على فقدان مبدع في عالم الاستثمار. فعلى الرغم من أنه لم يحظَ يوماً بشهرة أشخاص مثل وارين بافيت أو بنجامين غراهام، إلا أنه يبقى واحداً من أنجح مديري الاستثمار في العالم وأكثرهم إبداعاً في العقود الأربعة الأخيرة.
على مدار 35 عاماً تولى فيها إدارة صندوق الوقف الخاص بجامعة "ييل" الأمريكية، نجح سوينسن في تحويل الصندوق الذي استلمه بأصول لا تتجاوز 1,3 مليار دولار إلى كيان استثماري ضخم تجاوزت قيمته وقت وفاته 31,2 مليار دولار، ما يجعله ثاني أكبر صندوق وقف جامعي في الولايات المتحدة بعد صندوق جامعة هارفارد، ومتجاوزاً بفارق معتبر صناديق كبيرة مثل تلك الخاصة بجامعتي برينستون وتكساس.
لو استثمر سوينسن كامل أموال الصندوق عند استلامه للمرة الأولى في صندوق مؤشرات يتبع أداء مؤشر الأسهم الأمريكية الشهير S&P 500 الذي شهد خلال الثلاثين عاماً الأخيرة اثنتين من أطول موجات الصعود في تاريخه، لم تكن ثروة الصندوق لتتجاوز في أفضل الأحوال حاجز الـ24 مليار دولار. سوينسن من جهةٍ أخرى جعل ثروة الصندوق تتخطى هذا الرقم ما يزيد عن 7 مليارات دولار، وهو ما يوضح بشكل جلي براعة الرجل كمدير استثمار.
ولكن ما يميز سوينسن عن غيره ويجعله شخصاً مبدعاً لم يكن الأرقام التي حققها. فالرجل لم يكن مشهوراً بالعائدات المذهلة بقدر ما اشتهر بالطريقة غير التقليدية التي حقق بها تلك العائدات.
في عام 1985، استلم سوينسن الصندوق بمحفظة استثمارية تقليدية تتكون من 40% سندات و60% أسهم تدار بشكل نشط، ولكنه سرعان ما بدأ في قلب محفظة الصندوق رأساً على عقب، حيث بلغت النسبة المخصصة للأسهم الأمريكية في المحفظة عند وفاته 2,5% فقط، فيما لم تتجاوز نسبة السندات والنقد في المحفظة حاجز الـ7,5%، أي أن الأصول التقليدية لم تشكل أكثر من عشر المحفظة.
يطرح ما سبق سؤالاً منطقياً جداً، وهو أين استثمر سوينسن أموال الصندوق؟ باختصار، ركّزت استراتيجية صندوق جامعة "ييل" في عهد سوينسن بشكلٍ كبير على الأسواق الخاصة على حساب الأسواق العامة، وذلك لإيمانه بأن الأولى بها فرص استثمارية واعدة أكثر لا يتنبه لها أغلب المستثمرين في الأسواق العامة.
الاستثمار بالأسواق الخاصة جعل سوينسن أسطورة في وول ستريت، كما جعل جامعة "ييل" من أغنى الجامعات في العالم. إذاً، ما هي الأسواق الخاصة بالضبط وكيف تختلف عن الأسواق العامة؟ وما هي ميّزات تلك الأسواق وطبيعة الفرص الاستثمارية التي توفرها؟ والسؤال الأهم، كيف يمكن للمستثمرين الأفراد الوصول إلى الفرص التي تتيحها الأسواق الخاصة؟
الأسواق الخاصة... نادٍ لا يستطيع دخوله كثيرون!
يتكون السوق المالي عامةً من نوعين. الأول هو الأسواق العامة والثاني هو الأسواق الخاصة. وعلى الرغم من أن النوعين متاحان نظرياً للاستثمار، إلا أن هناك اختلافات كبيرة تميز كلاهما عن الأخر. لو بدأنا بالأسواق العامة، فإن أوضح مثال عليها أو أشهر فئة أصول فيها هي الأسهم المدرجة بالبورصات المختلفة، والتي يمكن لعموم الأفراد تداولها بيعاً وشراءً. لا يحتاج أي شخص يرغب في الاستثمار في هذه الشركات والاستفادة من فرص نموها المحتملة أكثر من شراء سهمها المتاح في السوق.
من جهةٍ أخرى، تمثل الأسواق الخاصة الفئات الاستثمارية غير المتاحة للتداول العلني والتي لا يستطيع الوصول إليها سوى كبار المستثمرين أصحاب الخبرة والملاءة المالية الكبيرة. وتشمل هذه الفئات كلّ من الأسهم الخاصة (private equity) والديون الخاصة (private credit) ورؤوس الأموال المغامرة (venture capital)، بالإضافة إلى الأصول الحقيقية كالعقارات ومشاريع البنية التحتية والموارد الطبيعية.
الأسهم الخاصة هي الفئة الأشهر في الأسواق الخاصة. فعلى مدار العقدين الماضيين، أصبحت الأسهم الخاصة أحد البدائل الرئيسية للاستثمار في الأوراق المالية التقليدية في الأسواق المتقدمة، ولذلك نجدها تمثل إحدى المكونات الرئيسية ضمن المحافظ المالية الخاصة بالعديد من المؤسسات الاستثمارية.
وتُخصّص عادةً صناديق الاستثمار المهتمة بهذا النوع من الأصول جزءً من رأسمالها لشراء حصص في شركات خاصة أو الاستحواذ عليها بالكامل. عادةً ما تكون الشركات المستهدفة خاصة، غير أنّها في بعض الأحيان مدرجة جزئياً في البورصة. بعد ذلك يبدأ الصندوق أو مدير الاستثمار في العمل على زيادة قيمة الشركة، ليقوم بعد بضع سنوات ببيعها على أمل تحقيق أرباح كبيرة. وتتراوح فترة الاحتفاظ النموذجية بالشركات بين أربع وسبع سنوات.
في 2006، دفع خمسة مستثمرين مؤسساتيين بقيادة شركة "Bain Capital" حوالي 8,2 مليار دولار مقابل حصة قدرها 80% في شركة تصنيع الرقائق الإلكترونية الأمريكية الهولندية "NXP Semiconductors". في 2008، استردّ المستثمرون الخمسة أموالهم مع مكاسب تتراوح بين أربعة إلى خمسة أضعاف استثمارهم الأصلي في واحدة من أنجح صفقات الأسهم الخاصة في السوق الأمريكي. ليس بوسع المستثمرين الأفراد المشاركة بصفقة كبيرة كهذه بشكلٍ مباشر.
ثاني أشهر فئة ضمن الأسواق الخاصة هي الديون الخاصة أو ما يعرف باسم "الإقراض المباشر"، وهي عبارة عن ديون بفوائد معينة يتم التفاوض عليها بين المستثمرين المؤسساتيين والشركات خارج أسواق الدين العام. وفي حين أن الديون الخاصة ليست من أكثر فئات الاستثمار شهرة، إلا أنها حققت نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع الطلب عليها من جهة وجاذبيتها كخيار استثماري قادر على تحقيق أرباح كبيرة من جهةٍ أخرى.
في 2008، أقرض المستثمر الأمريكي وارن بافيت كلّ من بنك "غولدمان ساكس" وشركة "جنرال إليكتريك" قرضين بقيمة 5 مليارات دولار و3,3 مليار دولار تباعاً. بعد عامين ونصف تقريباً وتحديداً في 2011، سدّد "غولدمان ساكس" و"جنرال إليكتريك" الأموال كاملة إلى بافيت الذي حقق أرباحاً بلغت 1,6 مليار دولار و1،2 مليار دولار تباعاً.
لماذا الأسواق الخاصة بالذات؟
من أين تحصل الشركات على الأموال اللازمة لتعزيز نموها؟ قبل سنوات، كان المصدر الأساسي لتمويل الشركة الناشئة هو طرحها للاكتتاب الأولي العام في البورصة. أما لو كانت الشركة قائمة وناضجة، فغالباً ما تتجه إلى سوق السندات. لا تزال هذه الخيارات التمويلية في الأسواق العامة قائمة حتى اليوم ولها جمهورها، ولكن أصبحت الأسواق الخاصة وليس العامة مصدراً متزايداً لرؤوس الأموال لنمو عدد كبير من الشركات في العالم في السنوات الأخيرة.
في 2021، ارتفعت قيمة أنشطة التمويل في الأسواق الخاصة بنسبة 20% على أساس سنوي لتصل إلى رقم قياسي غير مسبوق بلغ 1،2 تريليون دولار. وارتفع حجم الأصول الخاضعة للإدارة في الأسواق الخاصة من 7,4 تريليون دولار في 2020 إلى 9,8 تريليون دولار في 2021. يبرز هنا سؤالاً منطقياً: ما هي محركات هذا النمو السريع أو ما هي مميزات الأسواق الخاصة التي تدفع عدداًمتزايداً من المستثمرين المؤسساتيين للرهان بقوة عليها؟
تعود جاذبية الأسواق الخاصة كخيار استثماري لأسباب متعددة، ولعل أولها وأبرزها كثرة الفرص غير المستغلة في هذه الأسواق. لا تشهد الأسواق الخاصة شدة التنافس بين المستثمرين الموجودة في الأسواق العامة. في سوق الأسهم مثلاً، عادةً ما تكون الفرص المتاحة للمستثمرين الذين يعملون بنهج الإدارة النشطة محدودة إلى حد كبير.
يُسلّط المستثمرون المتنافسون والمحللون الضوء بشكلٍ دائم على هذا السوق على مدار الساعة، ولذلك نادراً ما يحقق مديرو الاستثمار عوائد تتجاوز عوائد السوق أو المؤشر الرئيسي. وفي ظل هذه الظروف أيضاً، نادراً ما تحدث أخطاء في التسعير (حين يكون سعر السهم أقل بكثير من قيمته الحقيقية) يمكن لمديري الاستثمار النشطين استغلالها، ولذلك غالباً ما تعود قوة الأداء في هذا السوق إلى الحظ أكثر منها إلى المهارة.
بالمقابل، تعمل الأسواق الخاصة بطريقة مختلفة. فبسبب بعدها عن الأضواء كونها كيانات وأصول خاصة، ترتفع احتمالات الأخطاء التسعيرية ما يتيح لمديري الاستثمار المتمرسين والقادرين على الحصول على معلومات نوعية ومتفوقة بخصوص هذه الاستثمارات اقتناص الكثير من الفرص التي تحقق لمستثمريهم عوائد ضخمة.
أما ثاني أبرز ميزة للأسواق الخاصة فهي صعوبة تسييلها. في الأسواق العامة، يدفع المستثمرون روتينيّاً علاوة سعرية كبيرة مقابل سيولتها، وتؤثر هذه العلاوة على ربحية الأصل السائل أياً كان. من جهةٍ أخرى، يقبل المستثمرون في الأسواق الخاصة ضعف سيولتها مقابل تحقيق عوائد عالية على المدى البعيد.
باختصار، يتجنب هؤلاء الأوراق المالية السائلة في الأسواق العامة مقابل بدائل أقل سيولة في الأسواق الخاصة لتحقيق عوائد أعلى بفارق كبير.
The Family Office: بوابة مستثمري الخليج إلى فرص الأسواق الخاصة
في السوق العربي وتحديداً الخليجي، تبرز شركة The Family Office التي تتخذ من البحرين مقراً لها كواحدة من أهم شركات إدارة الثروات في المنطقة تتيح لعملائها إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة فريدة من فرص الأسواق الخاصة العالمية بفئاتها المختلفة.
مع خبرة تفوق 18 عاماً في مجال إدارة محافظ الاستثمار الخاصة، تتيح الشركة لعملائها فرصاً استثمارية غير تقليدية عبر مساعدتهم على بناء محافظ تضم أفضل الأصول من الأسهم الخاصة إلى العقارات ومن التكنولوجيا إلى الرعاية الصحية.
فبفضل مجموعة متميزة من المستشارين الماليين ومديري المحافظ، تعمل الشركة مع عملائها على وضع الاستراتيجية الاستثمارية المناسبة لأهدافهم، كما توفر مكاتبها الاستثمارية في زوريخ ونيويورك وهونغ كونغ للمستثمرين إمكانية الوصول إلى معاملات فريدة في الأسواق الخاصة برعاية مديرين من الدرجة الأولى حول العالم.
وفي 2022، أطلقت The Family Office أول منصة رقميّة من نوعها لإدارة الثروات في دول مجلس التعاون الخليجي التي تتيح الاطلاع على فرص استثمار عالميّة في الأسواق الخاصّة وإنشاء محفظة مخصّصة وتصوّر أدائها لأكثر من 10 أعوام. أبرز ما يميز هذه المنصة الرقمية هو أدواتها التفاعليّة التي تسمح للمستثمر بإنشاء محفظة وتصوّر أداءها في غضون دقائق. يتمكّن المستثمر من الاطلاع على مجموعة من الأفكار والتحليلات الاستثمارية بمجرّد إنشاء حساب عبر هذه المنصة الابتكاريّة، كما يصل إلى فرص عالميّة تقتصر عادةً على كبار المستثمرين ويُنشئ محفظة متوافقة مع أسلوبه الاستثماري وقدرته على تحمّل المخاطر.
يمكنك تسجيل الدخول للمنصة عبر الرابط التالي: انضمّ إلى منصتنا.
لمحة عن شركة The Family Office:
تخضع The Family Office في البحرين وThe Family Office International Investment Company في الرياض لرقابة مصرف البحرين المركزي وهيئة السوق المالية لخدمة مئات المستثمرين من العائلات والأفراد. تساعد الشركة عملائها لتحقيق أهدافهم من خلال استراتيجيات استثمارية مصمّمة خصيصًا لتلبية احتياجاتهم الفريدة.
إخلاء مسؤولية:
The Family Office Co. BSC(c) هي شركة استثمارية من الفئة الأولى تخضع لرقابة مصرف البحرين المركزي، ومُرخّصة بسجل تجاري رقم 53871 صادر بتاريخ 21/6/2004، وبرأس مال مُصرّح به ومدفوع قدره 10,000,000 دولار أمريكي. ولا تُقدّم The Family Office Co. BSC(c) منتجاتها وخدماتها سوى إلى "مستثمرين معتمدين" على النحو المحدد من قِبل مصرف البحرين المركزي.
The Family Office International Investment Company هي شركة شخص واحد مساهمة مقفلة برأس مال مدفوع 20 مليون ريال – سجل تجاري رقم (7007701696) - مرخصة من قبل هيئة السوق المالية ترخيص رقم (30-182-17) ، لتقديم خدمات إدارة الاستثمارات و تشغيل الصناديق، الترتيب والمشورة في الأوراق المالية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}