أعلنت حكومة المملكة المتحدة مؤخرًا عن ميزانية مصغرة تشمل تخفيضات ضريبية جديدة إلى جانب مخططات للحد من ارتفاع أسعار الطاقة ودعم الأسر والشركات في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، ولكن كيف ستمول الحكومة هذه الخطط وكيف ستسدد ديونها في نهاية المطاف؟
لماذا يتعين على الحكومة الاقتراض؟
- ترغب رئيسة الوزراء البريطانية "ليز تراس" في اقتراض الأموال لتمويل تخفيضات ضريبية بقيمة 45 مليار إسترليني، إلى جانب تمويل مخططاتها للحد من زيادة فواتير الطاقة، والتي قد تكلف حوالي 60 مليار إسترليني خلال الأشهر الستة المقبلة.
- وهذه التخفيضات الضريبية تعني أن الحكومة ستتلقى أموالاً أقل، ولتعويض الفارق، من المتوقع أن يرتفع الاقتراض الحكومي إلى 190 مليار جنيه إسترليني هذا العام ونحو 100 مليار جنيه إسترليني سنويًا على مدى السنوات الأربع المقبلة، وفقًا لمركز أبحاث معهد الدراسات المالية.
- لذلك، أثار حجم التخفيضات الضريبية التي تم الإعلان عنها في الميزانية المصغرة وآثارها على الاقتراض فزع المستثمرين، وتسبب في انخفاض حاد للإسترليني في مواجهة الدولار الأمريكي.
- كما أدت المخاوف بشأن حجم الاقتراض الحكومي أيضًا إلى ارتفاع سعر الفائدة الذي يتعين على الحكومة دفعه، مما زاد من التكلفة الإجمالية المحتملة لتأمين الأموال.
كيف تقترض الحكومة الأموال؟
- تقترض الحكومة المال عن طريق بيع السندات وهي أوراق مالية يتم إصدارها لفترة زمنية محددة بتاريخ سداد محدد، وخلال هذه الفترة تقوم الحكومة بدفع معدل فائدة ثابت (أو متغير) بشكل دوري.
- وعادة يُنظر إلى السندات البريطانية على أنها آمنة للغاية، حيث يوجد القليل من المخاطرة بعدم سداد الأموال، لذا يتم شرائها بشكل أساسي من قبل المؤسسات المالية في المملكة المتحدة وخارجها بما في ذلك صناديق التقاعد وصناديق الاستثمار والبنوك وشركات التأمين.
- ولكن بعدما أثارت الميزانية المصغرة للحكومة مخاوف بشأن حجم الاقتراض، انخفضت أسعار السندات البريطانية بقوة وتراجعت قيمتها، مما ضغط على صناديق التقاعد التي لديها الكثير من الأموال المستثمرة في سوق السندات.
- ولتهدئة الأسواق، أعلن بنك إنجلترا أنه سيشتري ما يصل إلى 65 مليار إسترليني من السندات الحكومية على مدى أسبوعين لمساعدة الأسعار على الاستقرار.
- ومع ذلك لم يكن كافيًا، إذ خفضت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" بعد هذه الاضطرابات نظرتها المستقبلية بشأن اقتصاد المملكة المتحدة من "مستقر" إلى "سلبي".
لماذا يهتم المستثمرون بحجم اقتراض الحكومة؟
- يُطلق على المبلغ الإجمالي الذي تدين به الحكومة "الدين القومي" والذي يبلغ حاليًا 2.4 تريليون إسترليني، ما يساوي تقريبًا قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة في المملكة المتحدة خلال عام واحد.
- وفي الوقت الحالي يخشى بعض الاقتصاديين من أن الحكومة تقترض أكثر من اللازم بتكلفة باهظة، بينما يرى آخرون أن الاقتراض الإضافي يساعد الاقتصاد على النمو بشكل أسرع ويولد المزيد من الإيرادات الضريبية على المدى الطويل.
- ومع ذلك، كلما زاد الدين القومي زادت الفائدة التي يتعين على الحكومة دفعها على الأموال التي اقترضتها، ما يعزز المخاوف بشأن حجم الديون التي يتعين على الدولة سدادها في نهاية المطاف.
- وكان من المتوقع أن تنفق الحكومة أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني هذا العام والعام المقبل على مدفوعات فوائد الديون قبل التخفيضات الضريبية الأخيرة - وهو أكثر مما تنفقه على التعليم -، ومن المرجح أن يرتفع هذا المبلغ بعد الخطط الأخيرة.
ما الفرق بين العجز الحكومي والدين القومي؟
- العجز الحكومي هو المبلغ الذي يقل فيه دخل الحكومة عما تنفقه، وفي السنوات التي تنفق فيها الحكومة أقل من دخلها يكون لديها ما يعرف بالفائض، ويغطي الاقتراض معظم هذه الفجوة، كما في بعض الأحيان تبيع الحكومة أصولًا مثل الممتلكات لسد هذه الفجوة.
- أما الدين القومي هو المبلغ الإجمالي للأموال المستحقة على الحكومة والتي تراكمت على مدى سنوات، وبالطبع يرتفع عندما يكون هناك عجز حكومي، وينخفض في تلك السنوات التي يوجد فيها فائض.
- هل سيتم سداد الدين القومي البريطاني يومًا ما؟
- تعهدت الحكومات الأخيرة بإبقاء الدين القومي تحت السيطرة، مما يعني أنها تعمل على تقليصه بمرور الوقت مقارنة بالحجم الكلي للاقتصاد، ولكن القيام بتسديده بشكل كامل هو أمر مستبعد إلى حد كبير.
- وزادت صعوبة تحقيق هذا الهدف خلال السنوات الثلاث الماضية بعد جائحة "كوفيد-19" التي ضغطت على تكلفة المعيشة في البلاد ورفعت الدين بشكل ملحوظ مقارنة بحجم الاقتصاد الكلي.
- والآن بدلًا من سداد الدين القومي أصبح من المرجح أن يستخدم السياسيون أموالاً إضافية لخفض الضرائب أو تعزيز الخدمات العامة.
المصدر: بي بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}