بدأ الأمريكيون في التندر على ارتفاع أسعار البنزين لديهم بشكل كبير، حتى وصلوا إلى عمل نكات حول "كيفية إعداد البنزين في البيت"، أو "هل يمكن تسيير السيارة بدون بنزين وباستخدام المياه؟" وذلك مع وصول سعر جالون البنزين في الولايات المتحدة إلى 4.4 دولار يوم الأربعاء الماضي في مستوى قياسي جديد.
وتتخوف التقارير الاقتصادية الأمريكية من تخطي الجالون مستوى 4.5 دولار في الشهرين المقبلين مع زيادة طبيعية في يونيو ويوليو وأشهر الصيف في الولايات المتحدة عادة، والزيادة في أسعار البنزين لها آثارها في زيادة التضخم العام؛ لأنها سلعة وسيطة بما يجعل القلق الأمريكي من زيادتها مضاعفًا.
أسباب دولية وأخرى محلية
ولاشتعال أسعار البنزين الأمريكية العديد من الأسباب، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تحصل إلا على قرابة 3.5% من النفط الذي تستخدمه من روسيا في عام 2021 (مقابل 50% لدولة مثل كندا(، فإن حصر الأمر في علاقة تجارة بين دولتين بعد قرار "بايدن" حظر النفط الروسي، ليس بالأمر الصحيح مطلقًا في سلعة لها بورصة عالمية واضحة مثل النفط.
ففي مجال النفط تتأثر أسعار البنزين في كينيا بقرارات الإغلاقات في شنغهاي، لذا يبقى الحديث حول تدني النسبة التي تحصل عليها واشنطن من روسيا غير ذي معنى في ظل ما تمده روسيا لأوروبا وبقية الأسواق العالمية من النفط بما يجعل غيابها مؤثراً على المشهد بفعل ما تحدثه من نقص في المعروض، وبالتالي زيادة في السعر.
كما أن الأجندة البيئية "الصارمة" لـ"بايدن" حالت دون توسع الشركات الأمريكية المنتجة للنفط، ليتوقف حجم الإنتاج الأمريكي عند 11-11.5 مليون برميل يوميًا، بينما تشير التقارير إلى أن أمريكا قادرة على الوصول لـ16.5 مليون برميل في المدى القصير (عادة ما يقصد به 3-6 أشهر في صناعة النفط) وربما تصل لأكثر من 20 مليون برميل خلال 18 شهرًا "متى تم تعديل القوانين".
ويقول "روبرت ماكنالي" الاستشاري في مجموعة "رابيدان انيرجي جروب" "فجأة أصبحت إدارة "بايدن" راغبة في المزيد من البحث عن النفط بعد أن كانت ترفض تمامًا"، مشيرًا إلى أن شركات النفط الأمريكية "غير راغبة" في التوسع في المرحلة الحالية التي يصفها بالضبابية، كما أن هناك عقوبات لوجستية متعلقة بالمعدات والكفاءات البشرية ستعترض طريقها إذا قررت ذلك في ظل أزمات سلاسل التوريد حول العالم.
طلب متنامٍ
ارتفعت أسعار البنزين لتصل إلى 4.6 دولار للجالون لفترة وجيزة للغاية في أعقاب تصريحات "بايدن"، أول أمس (الإثنين)، التي تناول فيها "التحول" للطاقة النظيفة سريعا بما يؤكد الارتباط بين أجندة إدارته والارتفاع في سعر البنزين محليا.
هذا من جانب العرض، أما من جانب الطلب فإن عودة الاقتصاد الأمريكي للنمو الموجب في 2021 وتسجيل البطالة لمعدلات متدينة للغاية تتراوح حول 3.5% والشيكات التي تلقاها الأمريكيون خلال فترة كورونا والمقدرة بحوالي تريليوني دولار وتعاظم مدخراتهم أدى لزيادة القدرة الشرائية بما ينعكس على زيادة الطلب على البنزين وغيره من السلع وبالتالي رفع أسعاره.
الفقراء في مهب الريح
وتشير التقارير إلى أن الأزمة الحقيقية التي تواجه الولايات المتحدة حاليًا هي أن التضخم أصبح ماسًا بالطبقات الأفقر في المجتمع الأمريكي، وذلك من خلال الارتفاع في أسعار الأغذية بنسبة 12.5%، مع ارتفاع سعر البنزين بنسب تراوحت بين 30%- 50% عن مستويات عام 2020، بينما معدل التضخم فوق 8% بما يشير لتأثير أشد على الطبقات الأفقر.
فمن الثابت أن نسبة الإنفاق على السلع المعيشية الرئيسية مثل البنزين والطعام تكون أكبر في الطبقات الأفقر، بما يجعل التضخم هذه المرة ذا آثار سيئة للغاية، ويهدد، كما ترى مجلة "نيوزوييك"، بحالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، لا سيما في ظل الاحتقان الذي تشهده الطبقات الفقيرة بالفعل لأسباب سياسية، منها ظهور حركات مثل "حياة السود مهمة".
ويزيد من القلق الأمريكي ما يشير إليه "آلان بليندر" نائب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي السابق بأن المخاوف من الوقوع في حالة ركود تضخمي تتزايد بشدة مع العجز الأمريكي عن السيطرة على مستويات التضخم، مع توقعه بدخول الاقتصاد في حالة من الركود "المتوسط" في بدايات العام المقبل (أعطى احتمال 60% لحدوث الركود).
كما يتوقع "توم كلوزة"، وهو خبير يقوم برصد أسعار الطاقة لصالح وكالة الطاقة الدولية، أن يستمر سعر البنزين في الارتفاع في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه توقع وصوله إلى مستويات قياسية حتى قبل حرب أوكرانيا، ويضيف: "المستويات القياسية حدثت وستحدث في المستقبل القريب، السؤال ليس عن احتمال حدوثها، ولكن إلى أي مدى ستلبغ تلك المستويات؟".
المصادر: أرقام- سي.إن.إن- سي.إن.بي.سي- فوربس- نيوزوييك
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}