نبض أرقام
03:58 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

التضخم في أمريكا عند أعلى مستوى خلال 40 عاما .. هل تجاوز ارتفاعه قدرات السلطة النقدية؟

2021/12/13 أرقام - خاص

في أبريل الماضي، صرح "جيروم باول" رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأن التضخم مؤقت ولا داعي للقلق من زيادة مستويات الأسعار لأنها سوف تنتهي قريباً بمجرد توازن العرض والطلب وأنه يجب التركيز على دعم التعافي وزيادة الطلب وخلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي دون خوف من مستويات الأسعار.

 

 

في تلك الفترة كانت هناك أصوات قليلة تعارض تعريف الفيدرالي الأمريكي للتضخم بأنه "مؤقت"، نظراً لأنه حتى ذلك الوقت لم تطفُ على السطح أزمات مثل الشحن البحري ونقص إمدادات الغاز الطبيعي وارتفاع عقود الغاز المُسال وصعود أسعار الغاز لقمم جديدة.

 

من ضمن الأصوات المعارضة كان الاقتصادي ومستشار مجموعة آليانز الألمانية "محمد العريان" حين قال في يوليو الماضي: "التضخم لن يكون مؤقتا.. أنا متأكد تماما بشأن تنبؤاتي الثلاث السابقة وهذه هي الرابعة".

 

تنبؤات محمد العريان السابقة

1

 1999: تنبأ بإفلاس الأرجنتين وعجزها عن سداد ديونها وهو ما تحقق في 2001.

2

 2015: قال إنه لا يعتقد أن البرازيل ستفلس وهو ما تحقق بالفعل أيضا وتجنبت البرازيل الإفلاس.

3

 2009: قال إن الاقتصاد العالمي يمر "بواقع جديد" من النمو البطيء في الخروج من الأزمة المالية.

 

 

وبعد مرور نحو ثمانية أشهر على تصريحات "باول" حول أن التضخم كان "مؤقتاً" ولا داعي لتضخيم الأمور، عاد في نوفمبر الماضي وتراجع عن سابق تصريحاته في أبريل، قائلاً بأن التضخم يبدو أنه سيستمر لفترة طويلة، قبل أن يقوم مكتب إحصاءات العمل الأمريكي بصدم السوق بإحصائيات أسعار المستهلكين عن شهر نوفمبر الماضي التي أعلن فيها وصوله إلى 6.8% وهي وتيرة تُعد الأعلى منذ 1982 أي ما يقارب الأربعين عاما!
 

 

وعلى المستوى العالمي، واصلت أسعار الغذاء ارتفاعاتها في نوفمبر ووصلت إلى 134.4 نقطة مقارنة بـ 105 نقاط في نوفمبر من العام الماضي وذلك حسب مؤشر الفاو، وعلى الرغم من أن الزيادة كانت أبطأ من الشهور السابقة في بعض مجموعات السلع وانخفضت في مجموعات أخرى، إلا أنها لا تزال مستقرة عند مستويات مرتفعة.

 

 

انعكاسات ارتفاع التضخم

 

هذه الوتيرة العنيفة من الزيادة في مستويات أسعار المستهلكين والضغوط على الأسر تنتقل بدورها إلى ضغوط مماثلة على صناع السياسة النقدية في البنوك المركزية الذين يجتمعون الأسبوع الجاري في أكثر من 20 بلدا حول العالم يمثلون أكثر من نصف الناتج الإجمالي العالمي ليقرروا هل سيتجاهلون التضخم من أجل تعزيز الطلب أم سيركزون جهودهم على كبح التضخم ولو كان على حساب التعافي من الجائحة والمتحورات!

 

سعر الفائدة في عدد من اقتصادات العالم حتى نوفمبر 2021

الدولة

سعر الفائدة

اليابان

(0.75 %)

اقتصادات منطقة اليورو

صفر

أستراليا

%0.1

المملكة المتحدة

%0.1

كندا

%0.25

الولايات المتحدة

%0.25

كوريا الجنوبية

%1.0

الصين

%3.85

الهند

%4.0

روسيا

%7.5

البرازيل

%9.25

 

 

النقطة السوداء في تضخم بالولايات المتحدة أنه مستمر في وتيرة الارتفاع فوق المعدل المستهدف أو المعدل التوازني (2%) للشهر التاسع على التوالي، ومن المستغرب أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي قد احتاج إلى 9 شهور كاملة ليدرك أن التضخم ليس مؤقتاً وأنه جاء ليبقى فترة طويلة، كما أن الارتفاعات في الأسعار لو استثني منها الغذاء والطاقة أصبح معدل تسارع أسعار المستهلكين 4.9% بدلاً من 6.8% وهو لا يزال أعلى من 2% المعدل المستهدف.

 

 

التضخم والتنسيق العالمي

 

جذور مشاكل التضخم الذي يعانيه العالم سواء المتقدم أو الناشئ لا تتعلق جميعها بسعر الفائدة، لأن السياسة النقدية لا تملك الذخيرة ولا القدرات النيرانية الكافية لتمنع تسلل هجمات التضخم على المستهلكين واستقرار الاقتصادات والمجتمعات، بل إن التنسيق العالمي هو دور يغفله الكثيرون ويمكن أن يلعب دوراً في علاج جذور أزمة التضخم الحالية.

 


جزء رئيسي من مشكلات تباين درجات التعافي الاقتصادي وعدم اتزان الأداء الاقتصادي العالمي بين دول تحقق تعافياً قوياً ودول تعاني ركودا وشللا كبيرا، هو سوء التنسيق بين القادة العالميين ورؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية، الأزمة الأخيرة للمتحور "أوميكرون" أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن السياسة الدولية في أسوأ فتراتها وأن خطوط التعاون الدولية قد انقطعت منذ أمد بعيد، فبدلاً من مساعدة الدول التي أعلنت المتحور بكل شفافية وإرسال المعونات الطبية العاجلة إليها، قرر العالم أن يحاصرها ويعزلها!

 

وبدلاً من إتاحة اللقاحات للشعوب التي لم تتلقَّ ولا حتى جرعة واحدة، تسابقت الدول الغنية لتحجز لنفسها كميات للجرعة الثالثة التنشيطية لشعوبها التي تلقت جرعتين وتم تحصينها بشكل شبه كامل في السنة الأخيرة بينما هناك شعوب أخرى لا تجد أقنعة الوجه لمكافحة الوباء، وبينما كان من الممكن تهدئة أسعار عقود الغاز الطبيعي والمُسال عبر فتح قنوات تعاون مشترك أمريكية روسية أوروبية، حدث العكس وتصاعدت التوترات بين الجانبين مع حشود عسكرية متزايدة في شرق أوروبا قامت بتغذية التضخم في الطاقة الأوروبية والعالمية.

 

 

أزمة التضخم التي يشهدها العالم لا تقع في نطاق السلطة النقدية كما جرت العادة، كتب الاقتصاد تخبرنا أن السيطرة على التضخم من مهام السلطة النقدية الكلاسيكية لكن الأزمة الحالية أكبر بكثير من قدرة أي بنك مركزي وتتطلب جهوداً حكومية شاملة بالاشتراك مع حكومات أخرى تستلزم التنسيق والتعاون المشترك لعلاج أزمة سلاسل الإمداد دون أنانية وصلف وازدواجية معايير، والبداية يجب أن تكون بالحرص على أن يكون التعافي من الجائحة متوازناً بين جميع دول العالم عبر إتاحة مزيد من اللقاحات والمعدات الطبية لكل الدول دون تفرقة.
 

نماذج لدول منخفضة الدخل تضاعفت معاناتها بعد الجائحة بسبب غياب العدالة في توزيع اللقاحات والمساعدات الاقتصادية والصحية

الدولة

عدد الأشخاص الواقعين في دائرة أخطار صحية جسيمة

موزمبيق

1.3 مليون

فنزويلا

7.0 مليون

نيجيريا

8.9 مليون

جنوب السودان

7.5 مليون

بوركينا فاسو

3.5 مليون

إثيوبيا

21.3 مليون

الكونغو الديمقراطية

19.6 مليون


 

المصادر: أرقام – بلومبرغ – منظمة الأغذية العالمية – مكتب إحصاءات سوق العمل الأمريكي.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.