نبض أرقام
07:17 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

شر لا بد منه .. كيف نتقبل ونستغل التقلبات في سوق الأسهم؟

2020/11/14 أرقام - خاص

شكّل عام 2020 بيئة خصبة للتقلبات في الأسواق المالية حول العالم، مع أزمة وباء "كوفيد-19" وتداعياته الصحية والاقتصادية والمالية.

 

ومع استمرار حالة عدم اليقين التي تخيم على المستثمرين حيال التطورات السياسية والصحية والاقتصادية في الفترة المقبلة، فإن احتمالات حدوث مزيد من التذبذبات الحادة في الأسواق تبدو كبيرة.

 

 

التقلبات عنوان اللعبة

 

مرّت أسواق الأسهم العالمية برحلة من التقلبات القوية منذ بداية العام الجاري، بعد أن وصلت لمستوى قياسي في شهر فبراير الماضي تبعه التحول لهبوط حاد في منتصف مارس قبل أن تتعافى في الأشهر اللاحقة وتعود لتسجيل صعود تاريخي في سبتمبر، ثم تعاود الانخفاض لاحقاً.

 

وبالطبع تبدو فكرة تقبل تقلبات الأسواق صعبة وغير مستساغة بالنسبة للكثير من المستثمرين، لكنها في الواقع عملية معتادة وجزء طبيعي من عملية الاستثمار.

 

وما يجعل المستثمر يحصل على أرباح أعلى من باقي الاستثمارات الآمنة هو قبول احتمالات حدوث تحركات حادة وغير متوقعة في أسعار الأسهم.

 

والتقلبات لا تتعلق فقط بسوق الأسهم وأسعار الشركات المتداولة بصفة يومية، لكنها تمثل عنوانًا لكل الأسواق المالية ومؤشراتها سواء في الأسهم أو العملات أو السلع الأساسية والمعادن وغيرها.

 

وهناك نوعان من التقلبات؛ الأول هو التذبذب التاريخي والذي يهتم برصد التحركات في الماضي، والثاني يتمثل في التقلب الضمني والذي يقيس توقعات حجم التغيير في السعر مستقبلاً.

 

في الواقع يقوم عدد محدود من المستثمرين بالاستثمار في التقلبات، حيث يراهن البعض على ما إذا كان سوق الأسهم سوف يرتفع أم  سينخفض اليوم أو غداً أو في وقت ما في غضون العشر سنوات المقبلة.

 

وتعتبر أبسط الطرق لتتبع التقلبات هي سوق الخيارات، ويمثل مؤشر "VIX" الذي يتتبع التقلبات في مؤشر "إس أند بي 500" أحد أبرز الأمثلة لكيفية رصد التقلبات، وهو ما يشير إلى ثقة المستثمرين في حال كان منخفضاً أو مخاوفهم إذا شهد صعوداً ملحوظاً.

 

 

ومؤشر "VIX" يحمل اسماً آخر في أوساط المستثمرين وهو "مؤشر الخوف"، لأنه يشير إلى المعركة الدائرة بين المراكز الهبوطية المتشائمة ونظيرتها الصاعدة المتفائلة حيال أداء مؤشر الأسهم الأمريكية خلال الثلاثين يوماً المقبلة.

 

لكن بالنسبة للبعض تشير القراءة المرتفعة بشكل غير معتاد لمؤشر الخوف إلى أن المستثمرين الأكثر ذكاءً يجب أن يتجهوا للجانب المخالف لرؤية الحشود.

 

وعندما وصل مؤشر "VIX" للذروة البالغة نحو 90 نقطة في ذروة الأزمة المالية لعام 2008، كان ذلك بمثابة إشارة على تعافٍ محتمل لسوق الأسهم في القريب العاجل؛ لأنه كان يوضح أن التوجه البيعي والخوف وصل لأقصى درجة وبالتالي على الأذكياء أن يبدأوا في الشراء.

 

ووصل مؤشر الخوف أعلى مستوى 82 نقطة في مارس الماضي إبان ذروة الهبوط الحاد لسوق الأسهم الأمريكي، قبل أن يتعافى السوق ومعه مؤشر التقلبات الذي يتداول حالياً قرب 37 نقطة.

 

احذر أن تضطر

 

من أكثر الأمور التي تسبب إزعاجاً للمستثمرين خلال فترات التقلبات الحادة في الأسواق المالية هي حاجتهم للحصول على أموال بشكل سريع.

 

 

وقد يضطر بعض المستثمرين لبيع أسهمهم في أوقات غير جيدة وبأسعار يعلمون أنها لا تعكس القيمة الحقيقية، في مسعى للحصول على الأموال في حال تعرضهم لخسائر مفاجئة في الدخل أو زيادة غير متوقعة للنفقات.

 

وبالتالي، يحتاج المستثمرون لوجود حساب للطوارئ يمنعهم من اللجوء لبيع الأصول طويلة الأجل في فترات التقلبات، وفي نفس الوقت يمنحهم الأموال التي قد يحتاجونها بشكل عاجل.

 

ويحدد معظم المحللين حاجة المستثمرين للاحتفاظ بما يعادل نفقات أساسية لفترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر في حساب للطوارئ، بما يكفل الوفاء بالالتزامات بدون الاضطرار لبيع الاستثمارات بخسارة.

 

انظر مثلاً لما حدث للأسواق في شهر مارس الماضي والذي شهد خسائر وتقلبات حادة لمؤشرات الأسهم العالمية، فإذا لم يكن المستثمر يمتلك صندوقاً للطوارئ يعوضه عن أي تراجع مفاجئ للدخل فإنه كان سيضطر لبيع أسهمه في فترة الهبوط القوي للسوق وبالتالي كان سيفقد التعافي الملحوظ الذي أعقب ذلك.

 

التزام بخطة موحدة

 

 قد يكون من الصعب مطالبة المستثمرين بذلك، لكن الحفاظ على الهدوء خلال التحركات الحادة في أسواق الأسهم يبدو أمراً مهماً.

 

ورغم التذبذب الكبير في بعض الأوقات، فإن عوائد سوق الأسهم تظل على المدى الطويل مرتبطة بنفس العوامل التقليدية المتمثلة في عائد التوزيعات ونمو الإيرادات والتغير في التقييمات.

 

ومن الضروري للمستثمر أن يحدد خطته وأهدافه من الاستثمار قبل الدخول في السوق، وامتلاك الالتزام الكافي للتمسك بها حتى في حالات التقلبات الكبيرة على المدى القصير.

 

 

أهمية الانضباط في الاستثمار تكمن في أنه يمثل حائط حماية للمستثمر ضد اتخاذ قرارات سيئة مبنية على مشاعر مدفوعة بالخوف أو الأمل خلال فترات التذبذب في الأسواق.

 

ومن البديهي أن يكون لدى المستثمر أسباب قوية لشراء سهم ما، وبالتالي فإن حدوث تحركات حادة على المدى القصير في السوق قد لا تمثل سبباً كافياً للبيع طالما لم تتغير العوامل التي دفعته للشراء في المقام الأول.

 

ويفضل بعض المستثمرين عدم تتبع أسعار الأسهم على المدى القصير، مع رغبتهم في عدم التأثر بالتغيرات السريعة ومعرفتهم بأن الاستثمار "لعبة طويلة الأجل" لا يمكن الحكم عليها بناءً على تحركات يومية أو حتى شهرية.

 

الاستفادة من التقلبات

 

على الجانب الآخر، يرى البعض أن التحركات الحادة في أسعار الأسهم تقدم فرصة سانحة للمستثمرين من أجل تحقيق أرباح على المدى القصير إذا أحسنوا استغلالها.

 

فمثلاً، شكل الهبوط الملحوظ لسوق الأسهم الأمريكي في بداية ظهور وباء "كورونا" فرصة كبيرة للكثيرين من أجل الحصول على نقطة دخول جيدة في السوق.

 

ويرى المستثمر الأمريكي الشهير "وارن بافيت" أن استراتيجية متوسط التكلفة تمثل إحدى الطرق المهمة للتعامل مع فترات التقلبات في الأسواق المالية.

 

ويشير مفهوم توسيط التكلفة إلى اختيار بعض الأسهم التي ترغب في شرائها وتحديد المبلغ الذي يمكنك استثماره ثم الالتزام بشراء هذه الأسهم على فترات زمنية محددة مسبقاً.

 

 

مثلاً، إذا قررت شراء سهم "آبل" فيمكنك تخصيص 1000 دولار كل أسبوع لشراء أسهم في الشركة لمدة شهرين، بصرف النظر عن السعر الذي يتداول به في يوم التنفيذ.

 

والفكرة هنا من استراتيجية توسيط التكلفة هي أنه رغم أنك قد تدفع مبالغ أعلى مقابل الأسهم خلال بضعة أسابيع، فإنك ستدفع أيضاً قيمة أقل في فترات أخرى، لتحصل في النهاية على سعر أقل للسهم عند حساب متوسط قيمة حيازتك.

 

الواقع أن متوسط التكلفة يعد بمثابة رهان أكثر أماناً من تفضيل البعض لمحاولة "توقيت السوق" خلال فترات التقلبات، لأن الرغبة في توقع وقت صعود أو هبوط السوق تجعل المستثمر يخاطر بفقدان فرصة شراء جيدة أو التورط في حيازة سهم بسعر مرتفع.

 

ويجب التذكر أن محاولة التنبؤ بأداء وتحرك سوق الأسهم في الفترات الجيدة تمثل فكرة غير جيدة تاريخياً، لكنها قد تكون أكثر خطورة في أوقات التقلبات الكبيرة.

 

بالطبع، نصيحة "بافيت" لا تتعلق بالأسهم الفردية فحسب، لكن يمكن استخدامها في أبعد من ذلك عبر صناديق المؤشرات والتي تمنح المستثمرين تعرضاً للسوق الأوسع بشكل عام بدلاً من سهم أو مجموعة أسهم معينة.

 

"حكيم أوماها" أبدى توصيته مراراً بالتوجه صوب صناديق المؤشرات باعتبارها الطريقة الأفضل للمستثمر العادي غير المتخصص لزيادة ثروته على المدى الطويل.

 

وبشكل عام، من الضروري أن يعلم المستثمر أن حدوث فترات من التقلبات في الأسواق يعتبر أمراً طبيعياً ومتكرراً، لكن التعامل الهادئ والمنضبط يظل كلمة السر في تجاوز هذه الفترات بنجاح.

 

 

المصادر: أرقام – موتلي فول – سي إن بي سي – ويلمنجتونبيز - إينك

كتاب: Why a Few Succeed in the Stock Market When Everyone Else Fails

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.