ساعات محدودة تفصل الولايات المتحدة عن إعلان اسم الرئيس المقبل بين "دونالد ترامب" الساعي لتأمين ولاية ثانية في البيت الأبيض، والمرشح الديمقراطي "جو بايدن".
ومع اقتراب وصول السباق لمحطته الأخيرة، نرصد أبرز الأسئلة التي تدور في أذهان المتابعين للمعركة الرئاسية في أكبر اقتصاد في العالم.
متى يبدأ وينتهي التصويت؟
من المقرر أن يتم فتح أبواب لجان الاقتراع صباح يوم الثلاثاء الموافق الثالث من شهر نوفمبر في الولايات المتحدة مع إغلاق الصناديق في مساء نفس اليوم، لكن المواعيد الفعلية تختلف باختلاف كل ولاية وموقعها الجغرافي.
ومع اتساع رقعة الولايات المتحدة (حوالي 9.8 مليون كيلومتر مربع)، فإنها لا تشهد توقيتا موحدا، وإنما يختلف التوقيت بين الولايات وأحيانا في الولاية نفسها.
ومن المتوقع أن تصدر النتائج الأولية في مساء نفس يوم الانتخابات في عدد من الولايات وهو ما سيكون قرب فجر الأربعاء بتوقيت مكة المكرمة، مع حقيقة أن الأخيرة تسبق التوقيت الشرقي للولايات المتحدة بثماني ساعات كاملة.
وسمح عدد كبير من الولايات الأمريكية بالتصويت عبر البريد بسبب الخوف من تفشي وباء "كوفيد-19"، لكن عملية التصويت الشخصي لا تزال ممكنة في كل الولايات في يوم الانتخابات.
وقام بالفعل أكثر من 91 مليون أمريكي بالتصويت المبكر لأول مرة في التاريخ، سواء عبر البريد أو من خلال مراكز مخصصة للإدلاء الشخصي بالأصوات بشكل مبكر.
ويعادل عدد المصوتين بشكل مبكر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية نحو 43% من إجمالي عدد الناخبين المسجلين على المستوى الوطني، ما يشير إلى الإقبال الكبير من جانب الأمريكيين على التصويت رغم أزمة كورونا.
ومع القفزة القياسية لعدد الناخبين بشكل مبكر عبر البريد، فإن عملية رصد وإحصاء الأصوات قد تستغرق المزيد من الوقت، ما قد يشير لتأخر محتمل في إعلان بعض النتائج.
بالتالي فإن ظهور مؤشرات أولية لتفوق أحد المرشحين يجب أن يتم معاملته بنوع من الحذر لأن الأصوات البريدية أو الشخصية التي تمت عبر التصويت المبكر قد تشكل تغييرا كبيرا في شكل النتيجة النهائية.
وإذا لم يكن هناك نتيجة واضحة للانتخابات مع نهاية يوم الثالث من نوفمبر، فإن الأمر قد يحتاج لأيام وربما أسابيع للانتهاء من إحصاء كل الأصوات، وسط مخاوف بشأن حدوث معركة قانونية بين الجانبين.
كيف يعمل المجمع الانتخابي؟
بخلاف ما قد يعتقده الكثيرون، فإن نظام الانتخاب في الولايات المتحدة يعتبر فريدا من نوعه بين دول العالم في أنه يشهد اختيارا غير مباشر للرئيس.
ويعتبر المجمع الانتخابي والذي يضم 538 مندوباً هو صاحب كلمة الحسم في اختيار رئيس الولايات المتحدة، لأن الناخبين لا يمنحون أصواتهم للمرشح مباشرة وإنما لصالح أحد المندوبين في الولاية التي يصوتون فيها.
يحتاج "ترامب" أو "بايدن" للفوز بـ270 صوتاً على الأقل في المجمع الانتخابي للفوز بكرسي الرئاسة، ما يعادل أكثر من نصف عدد الأصوات.
لا تمتلك كل الولايات الأمريكية عدد أصوات متساوياً، فالأمر يختلف بناءً على عدد السكان وعدد النواب الذين يمثلونها في الكونجرس، كاليفورنيا مثلاً ممثلة بـ55 صوتاً في المجمع الانتخابي تليها تكساس بـ38 صوتا وفلوريدا ونيويورك بـ29 صوتا، بينما لا تمتلك نورث داكوتا سوى ثلاثة أصوات فحسب.
في حين لا تمتلك واشنطن أي تمثيل في المجمع الانتخابي مع حقيقة أنها غير ممثلة في الكونجرس باعتبارها مقرا للحكومة الأمريكية وأجهزتها، مع فشل المشرعين طوال سنوات في منحها صوتاً داخل المجمع الانتخابي.
ويحصل المرشح الأكثر حصداً لأصوات الناخبين على دعم المجمع الانتخابي وبالتالي كرسي الرئاسة، لكن في بعض الحالات التي تشهد تقاربا ملحوظا بين كلا المرشحين فإن الأمر قد لا يكون بهذه البساطة.
مثلاً، إذا حصل مرشح على 50.1% من أصوات الناخبين في ولاية ما، فإنه سيحصد كل أصوات المجمع الانتخابي الخاصة بالولاية، بينما قد يفوز آخر بأغلبية ساحقة ويحصد نفس عدد أصوات المجمع.
ومن شأن ذلك أن يجعل من الممكن أن يصبح أحد المرشحين رئيساً من خلال الفوز بعدد من الولايات المتأرجحة رغم عدم حصوله على أغلبية أصوات الناخبين في عموم البلاد.
وفي عام 2000 مثلاً، فاز "جورج بوش الابن" بالانتخابات بعد حصوله على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي رغم حقيقة أن منافسه "آل جور" تفوق في أصوات الناخبين بفارق 540 ألف صوت تقريباً، وهو ما أثار خلافا قانونياً استمر 36 يوما قبل أن يتنازل الأخير عن موقفه.
الولايات المتأرجحة
هناك عدد من الولايات التي تشهد عادة تأرجحاً بين مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والتي يتم تحديد أصواتها النهائية من قبل المجمع الانتخابي.
ومع اعتياد ولايات معينة على التصويت بشكل دوري للحزبين الديمقراطي والجمهوري، فإن أخرى لا تشهد أغلبية واضحة لأي من المعسكرين.
ويرى معظم المتابعين أن الولايات المتأرجحة الأكثر أهمية في انتخابات هذا العام هي: فلوريدا وبنسلفانيا وميتشجن ونورث كارولينا وأريزونا ويسكونسن.
وفاز الرئيس "دونالد ترامب" بالانتخابات أمام "هيلاري كلينتون" في 2016 بسبب فوزه بولايات لم تكن محسومة لأي من الطرفين مثل "ميتشجان" و"أوهايو" و"بنسلفانيا".
وتوجه كلا المرشحين بالفعل في جولة انتخابية أخيرة للولايات المتأرجحة، والتي تشهد تقاربا في استطلاعات الرأي وبالتالي قد تكون عامل الحسم في نتيجة الانتخابات.
"ترامب" ركز جولاته الأخيرة في عطلة نهاية الأسبوع على ولايات "أيوا" و"ميتشجن" مع خطة لزيارة "نورث كارولينا" و"جورجيا" و"فلوريدا".
"بايدن" من جانبه فضل التوجه إلى "بنسلفانيا" والتي تشير الاستطلاعات إلى أنه يمتلك أفضلية بسيطة فيها مقارنة بـ"ترامب"، في حين توجهت نائبته المتوقعة "كمالا هاريس" إلى "جورجيا".
وتعتبر ولاية "فلوريدا" كلمة السر في حسم الانتخابات الأمريكية منذ عام 2000، مع امتلاكها 29 صوتاً في المجمع الانتخابي وحقيقة أنها أكثر الولايات المتأرجحة أهمية.
وقال الرئيس السابق "بارك أوباما" في حدث انتخابي لدعم المرشح "بايدن" إن الفوز في "فلوريدا" سيضمن للديمقراطيين الانتصار في معركة الرئاسة بدون انتظار باقي النتائج.
ماذا تقول استطلاعات الرأي؟
قبل ساعات من بدء التصويت في الانتخابات الأمريكية، لا يزال المرشح الديمقراطي "جو بايدن" يتفوق على "ترامب" في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني، وإن كان الفارق آخذاً في التراجع.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن "بايدن" يتفوق على الرئيس الحالي بمعدل يتراوح بين 6 إلى 12 نقطة مئوية، مقارنة بفارق كان بين 8 إلى 16 نقطة قبل ثلاث أسابيع ماضية.
ويتفوق "بايدن" في ثلاث ولايات صناعية منحت "ترامب" الصدارة في انتخابات عام 2016 وهي "أريزونا" و"فلوريدا" و"جورجيا".
لكن من الضروري الإشارة هنا إلى أنه قبيل عقد انتخابات 2016 كانت استطلاعات الرأي تشير أيضاً إلى تفوق "هيلاري كلينتون" على "ترامب"، لكن هذا لم يمنع الرئيس الحالي من كسب الانتخابات ودخول البيت الأبيض.
وربحت "كلينتون" بالفعل عدد أصوات شعبية يتجاوز "ترامب" بنحو 2.87 مليون صوتا، لكن الأخير تلقى 304 أصوات من المجمع الانتخابي مقابل 227 صوتا للأولى، ليصبح الرئيس الخامس والأربعين في تاريخ الولايات المتحدة.
معركة أخرى على المحك؟
رغم أن الصراع على المكتب البيضاوي سيكون الأمر الشاغل لكل وسائل الإعلام والمتابعين حول العالم في الثالث من نوفمبر، فإن معركة أخرى لا تقل أهمية ستجري في نفس اليوم.
ومن المقرر أن تنعقد انتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي، والذي يشهد حالياً أغلبية للحزب الجمهوري بـ53 عضوا مقابل 47 للديمقراطيين.
وبالفعل، ساعد مجلس الشيوخ بأغلبيته الجمهورية الرئيس "دونالد ترامب" مراراً في ولايته الأولى من خلال دعم تشريعات وتعيينات قضائية أقرها، بالإضافة إلى إعلان براءة الرئيس بعد عزله من قبل مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
وفي حال فوز "بايدن" بمنصب الرئيس مع استمرار أغلبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ فإن ذلك سيمثل "انتصارا منقوصا" للديمقراطيين، بينما حصول "ترامب" على ولاية ثانية مع فقدان أغلبية الغرفة الأعلى من الكونجرس يجعله في مواجهة معارضة أكثر شراسة وتحكماً.
وتأمل الأسواق المالية حول العالم في نهاية واضحة وسريعة للانتخابات الأمريكية، مع مخاوف بشأن آثار سلبية كبيرة لأي صراع محتمل على نتائج المعركة الرئاسية، في الوقت الذي يشهد فيه العالم بالفعل أزمات وباء "كوفيد-19" والركود الاقتصادي.
المصادر: أرقام – إيليكشن بروجيكيت - إيه بي سي – سي إن إن – بي بي سي – الجارديان – سي إن بي سي – سكاي نيوز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}