الإدارة التنفيذية في وادي السيليكون.. كيف تغيرت قواعد اللعبة؟

2020/03/14 أرقام

على الورق هذا عصر ذهبي للرؤساء. فالرؤساء التنفيذيون لديهم سلطة واسعة حيث يرأس 500 شخص ممن يديرون أكبر الشركات الأمريكية المدرجة في البورصة أكثر من 26 مليون موظف. الأرباح مرتفعة والرواتب رائعة، فمتوسط تلك الرواتب يصل إلى 13 مليون دولار في السنة.
 

وقد حصل "ساندر بيشاي" لنفسه على صفقة مقابل إدارته لشركة "ألفابيت" تصل إلى 246 مليون دولار بحلول 2023.
 

مخاطر تلك الوظيفة محدودة للغاية ففرصتك في الفصل أو التسريح تصل إلى 10% فقط وغالباً ستفلت من عقوبة الأداء المتدني أيضاً. ففي أبريل ستتنحى "جينني روميتي" من إدارة "آي بي إم" بعد ثماني سنوات تراجعت فيها أسهم الشركة الأمريكية في البورصة بنسبة 202%، كما أن "آدم نيومان" الذي قام بتدخين المخدرات على الطائرات الخاصة خسر 4 مليارات دولار قبل أن يتم عزله عن منصبه في "WeWork". العيب الوحيد لهذه الوظيفة هو أن الاجتماعات تستهلك أكثر من ثلثي وقت شاغلها.



 

وعلى الرغم من ذلك يقول معظم الرؤساء التنفيذيين إن المهمة أصبحت أكثر صعوبة، وبينما تشير أصابع الاتهام إلى الابتكارات المزعزعة إلا أن المنافسة هي العامل الأكثر شراسة. ولكن لطالما اشتكى الرؤساء التنفيذيون من صعوبة مهامهم. ففي الواقع كلما زاد الاقتصاد الأمريكي صلابة زادت معه قدرة الشركات الكبرى على تحقيق أرباح مرتفعة لفترات أطول.
 

ومع ذلك، فإن الرؤساء التنفيذيين على حق، فقد تغير شيء ما بالفعل. فطبيعة الوظيفة نفسها تعرضت للاضطرابات، حيث إن آليات الرؤساء في السيطرة على مؤسساتهم باءت بالفشل خاصة وأن طرق عمل الشركات في تغير مستمر، وهو الأمر الذي توجد له آثار كبيرة على بيئة الأعمال، وعلى أي شخص يتدرج في السلم الوظيفي للشركات.
 

الأصول غير الملموسة
 

تواجه النخبة الصغيرة من التنفيذيين تغييرات كبيرة، بداية من كيفية  التحكم في شركاتهم. فمنذ عشرينيات القرن الماضي كانت الأداة الرئيسية للرؤساء التنفيذيين هي التحكم في الاستثمارات المادية أو إدارة الأصول الملموسة عن طريق تخصيص رؤوس الأموال.
 

ولكن الوضع اختلف تماماً الآن، حيث إن أكثر من 32% من الشركات الأمريكية الكبرى والمدرجة بمؤشر "إس آند بي 500" أصبحت تستثمر في الأصول غير الملوسة أكثر من استثمارها في تلك الملموسة. كما أن أكثر من 61% من القيمة السوقية للمؤشر متكتلة في الأصول غير الملموسة مثل البحوث والتطوير.
 

وتظل الحدود بين الشركات والرؤساء التنفيذيين غير واضحة. فعلى سبيل المثال نجد أن سائقي أوبر الذين يصل عددهم إلى 4 ملايين سائق ليسوا موظفين بالشركة، وهو نفس حال ملايين العمال في سلاسل التوريد الخاصة بـ"أبل"، ولكنهم على قدر كبير من الأهمية لتلك الشركات.
 

تحديات العولمة
 

حتى مع إعادة تحديد سلطات الرؤساء التنفيذيين، يبقى التحول في أماكن عمل الشركات محلاً للاختلاف. حيث لبى الكثير من الرؤساء نداء التحول إلى العالمية، إلا أن هذه الدعوة لم تؤتِ ثمارها خلال العقد السابق على مستوى ربحية الشركات متعددة الجنسيات حيث بلغت العوائد على الاستثمار 7% فقط.
 

كما أن التوترات التجارية تمثل تحديًا جديداً للرؤساء التنفيذيين حيث إنهم يواجهون الآن مشاكل إعادة الإنتاج إلى البلدان الأصلية للشركات وهو ما يتطلب تغيير وإعادة تصميم سلاسل التوريد الخاصة بهم.
 

حالياً يقوم الرؤساء التنفيذيون بالتجربة دون ضمان النتائج، فمثلا يقوم "ريد هاستنجز" الرئيس التنفيذي لـ"نتفلكس" باتباع أسلوب الحكم الذاتي، حيث يقوم الموظفون بتقرير مصروفاتهم، ولا يقومون بإجراءات تقييم الأداء الرسمية، وهي فكرة قد تسبب الفوضى في معظم الشركات.



 

في حين أن البعض الآخر من الرؤساء يفضل اتباع أساليب مشاهير الرؤساء التنفيذيين في الثمانينيات من القرن الماضي مثل "ساتيا ناديلا" والذي أعاد إحياء "مايكروسوفت" باستخدام القيادة المتعاطفة والتي أحيانا قد تأتي بنتائج إيجابية وأحيانا أخرى تفشل في تحقيق المرجو منها.
 

كما يريد المديرون في الولايات المتحدة أن يكون لهم دور مجتمعي، وأراء مسموعة في قضايا مثل السيطرة على السلاح أو الإجهاض، ولكن المشكلة هنا تكمن في النفاق.

فمثلاً يريد رئيس "جولدمان ساكس" تسريع التقدم الاقتصادي للجميع، لكنه يواجه غرامة كبيرة لدوره في فضيحة الفساد البالغة مليون دولار في ماليزيا.

 

نموذج الرئيس التنفيذي الحديث
 

إذن، ما الذي يتطلبه الأمر لكي تصبح قائدا لشركة في عام 2020؟ كل شركة مختلفة، ولكن أولئك الذين يطمحون إلى أن يكونوا مديرين تنفيذيين، يجب أن يحصلوا على عدة مهارات. من الضروري أن يتقنوا اللعبة الصعبة ما بين الإبداع وتخصيص رأس المال غير الملموس.
 

يجب أن يكون المدير التنفيذي قادرًا على تنظيم البيانات التي تتدفق بين الشركات والمساهمين، وإعادة تقييم الربح والمخاطر وعليه أن يتحمل تبعية قراراته.



 

بعض الشركات سبقت في هذا المجال بالفعل، فـ"أمازون" على سبيل المثال قامت بإعداد أدوات رقابة محددة بـ500 هدف قابل للقياس. في حين أن رؤساء الشركات الأخرى غارقون في الرسائل الإلكترونية في منتصف الليل.
 

وأخيراً، على المديرين أن يكونوا واضحين بشأن حقيقة أن المصلحة طويلة الأجل هي لأصحاب الشركة فقط، ولا يعني هذا أن تكون الشركة قصيرة النظر فيما يخص مواجهات بعض المشاكل العالمية مثل التغير المناخي ولكن ذلك يعني أن تتجنب المخاطر التي يمكن تجنبها.

 

المصدر: الإيكونوميست

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.