كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي»، أن بنك الكويت المركزي ألزم البنوك بتخصيص 5 في المئة من قروضها السنوية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مبينة أنه تم توجيه المصارف نحو إدراج تمويل المبادرين ضمن حدود تركزها الائتماني المقررة، على أن يكون الحد الأدنى للتركز 5 في المئة من قيمة المحفظة التمويلية.
ووفق آخر بيانات صادرة عن «المركزي» ارتفع الائتمان الممنوح من القطاع المصرفي في نوفمبر الماضي 4.7 في المئة، على أساس سنوي، إذ تجاوز حاجز 38.2 مليار دينار، وقياساً بإجمالي المحفظة تشكل نسبة الـ5 في المئة، نحو 200 مليون دينار.
وأوضحت المصادر أنه وفقاً لهذا الإلزام سيكون على البنوك توجيه 5 في المئة على الأقل من إجمالي قروضها السنوية للمبادرين، منوهة إلى أنه في حال عدم التزام أي بنك بتوجيه النسبة المحددة لتمويل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، سيتم تجميدها من قيمة محفظتها، وهنا سترتفع كلفة هذه الأموال عليها، على أساس أنها مبالغ مجمدة يدفع عليها البنك فوائد غير مستردة. ولفتت إلى أن «المركزي» خلص بعد نقاشات مع البنوك في هذا الخصوص إلى تحديد نسبة التركز الجديدة في محافظها، وذلك في مسعى رقابي إلى دعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في مواجهة التحديات والمعوقات التمويلية التي تحول دون القيام بدوره في التنمية على الوجه الصحيح.
وذكرت المصادر أن الناظم الرقابي شجع في اجتماعاته المختلفة مع البنوك على ضرورة منحها قروضاً وتسهيلات ائتمانية للشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وذلك انطلاقاً من الأهمية العالية لهذه المشاريع، وبما يعزز جهود توطين هذا القطاع على أسس سليمة تدعم منشآته، وتقوّي بنيته، وتضمن كفاءته بعد مرحلة الحضانة والرعاية.
ويُلزم «المركزي» الجهات التمويلية عامة بحدود قصوى للتركز الائتماني، بهدف توزيع المخاطرالائتمانية بمفهومها الواسع على قاعدة عريضة من العملاء، بما يقلل من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها البنوك، نتيجة تركز الائتمان في عددٍ محدود، فيما استجدّ تركز المشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن حدود المحفظة قناعة منه بأهمية تمويل المبادرين المستحقين، علماً بأنه يتعين ألا يزيد إجمالي الالتزامات الائتمانية للعميل الواحد تجاه البنك عـلى 15 في المئة مـن قاعـدة رأس المال.
وبالطبع، لن يكون توسع البنوك في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة عشوائياً، كما لن تقدم تسهيلات سهلة بلا ضمانات، حيث سيحدد كل بنك كفاءة كل مبادر، وجدوى تمويله وفقاً لمرئياته، حيث المستهدف رقابياً ومصرفياً بهذا الشأن أن يزيد اهتمام البنوك بتمويل هذا القطاع أكثر، وبشكل منظم يساعد على توفير الاحتياجات التمويلية للمبادرين المستحقين.
ومعلوم أن الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمنح المبادر تمويلات بحد أقصى نصف مليون دينار، وبما لا يتجاوز 80 في المئة من قيمة مشروعه، ما يعني أن تحرك البنوك في الغالب سيكون على تغطية الـ20 في المئة المتبقية، وفقاً لأسس رقابية محددة تضمن للبنوك تقديم تمويلات محدودة المخاطر.
ونوهت المصادر إلى أن «المركزي» والبنوك مقتنعة بأن الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم تُعتبر من القوى الرئيسة المحركة للاقتصاد الوطني من خلال توفيرها فرص العمل والاستثمار والمساهمة في زيادة الصادرات، ومن ثم كانت هناك حاجة لإقرار حد تركز ائتماني جديد خاص بهذا القطاع، على أن يتناغم ذلك مع دور «الصندوق».
وعملياً، تتفاوت نسبة الاقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من بنك محلي لآخر، للدرجة التي تتركز فيها تمويلات هذا القطاع في الغالب في مصرفين أو ثلاثة، شُكلت فيها قطاعات متخصصة لتقديم كل الخدمات المصرفية سواءً التمويلية أو غير التمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهناك اتفاقيات تفاهم بين هذه البنوك والصندوق الوطني لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لكن محاسبياً لا تشكل التمويلات المصرفية الممنوحة لهذا القطاع نسبة تذكر من إجمالي المحافظ الائتمانية لتلك البنوك حتى الآن.
ولعل أكثر التحديات التي تواجه المبادرين في تمويلهم أنهم يصنفون غالباً على أنهم عملاء مرتفعو المخاطر، ولذلك يكون التعامل معهم ائتمانياً بانتقائية أكثر عن المشاريع التقليدية التي لديها تدفقات نقدية منتظمة وضمانات مناسبة.
ويؤكد توجيه «المركزي» للبنوك بوضع حد ائتماني لهذا القطاع رغبته في زيادة حصة التمويل المصرفي لهذا القطاع في الفترة المقبلة، والتعاون مع المبادرين ائتمانياً بنظرة مختلفة، دون إغفال جانب دراسة المشروع، وتقييم جدواه.
ووفقاً للتعليمات الصادرة لنسب التركز الائتماني التقليدية، لا يحق للبنك التصرف في نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلا لصالح أصحاب هذه المشاريع، ما يجعل البنك أمام خيارين، إما زيادة مساهمته في هذا القطاع أو تحمل كلفة الأموال التي سيضطر إلى تجنيبها من محفظته دون استفادة.
وذكرت المصادر أن توجيه نسبة التركز الائتماني الجديد سيكون بشروط معينة، وستوجه التمويلات المصرفية نحو القطاعات المنتجة، مبينة أن توسع البنوك في دعم المبادرين سيشمل تقديم حلول وخدمات مصممة خصيصاً لهذه الفئة.
وأضافت أنه وبحكم الدور التنظيمي الذي يلعبه «المركزي» في التنمية الاقتصادية كان ضرورياً أن يدفع نحو مشاركة مصرفية قوية في دعم هذا القطاع ائتمانياً، لافتة إلى أن الناظم الرقابي يدرك جيداً الأهمية المضاعفة لقطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة بالنسبة للكويت، اقتصادياً واجتماعياً.
يشار إلى أن هناك توافقاً عالمياً من الناحية الاقتصادية على قدرة قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لاستيعاب القادمين الجدد من المواطنين إلى سوق العمل في فرص فعلية مجزية ومنتجة، ومن ثم تخفيف الضغوط المتزايدة على الميزانية العامة لخلق وظائـف حكومية تموّه حجـم البطالة المعلنة لتزيد من حجم البطالة المقنعة.
وتسهم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يملكها ويديرها ويتفرغ لها مواطنون إلى حد بعيد في الانتقال من دولة موظفين إلى دولة منتجين، ما يعزز التوازن الاجتماعي ويدفع بالممارسة الديموقراطية نحو الأمام.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}