نبض أرقام
10:09 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

خفض البطالة.. طريق محفوف بالمخاطر رغم النوايا الحسنة

2019/07/13 أرقام - خاص

يعد خفض البطالة أحد الأهداف الرئيسية لأي حكومة على مستوى العالم، فهو مؤشر على الازدهار الاقتصادي من جهة، كما أنه يضمن دعم الكثيرين للسياسات الاقتصادية للحكومات، بالإضافة إلى أن تراجع نسب البطالة يساعد على تحقيق حالة من الرواج الاقتصادي عبر زيادة الإنفاق.

 

 

مناورات بيروقراطية
 

وفي كتابه "المناورات البيروقراطية: إدارة البطالة المتنازع عليها" يشير "جون جراندي" الأستاذ في جامعة "مانوش" الأسترالية إلى الثمن الذي يتكبده الكثير من الدول في سبيل خفض البطالة، بما في ذلك التضخم الكبير في الديون والاختلالات الهيكلية للميزانيات العامة.
 

ويقدر "جراندي" أن الحكومات الغربية أنفقت أكثر من 200% مما تحتاج لإنفاقه على البنية التحتية، وذلك لبلوغ هدف رئيس وهو الاستمرار في تحقيق نسب نمو تعادل الزيادة السكانية، وبالتالي الحفاظ على معدل تشغيل مقبول يمتص البطالة.
 

وعلى الرغم من أن ذلك يبدو مقبولًا من ناحية الأثر الإيجابي "الإنساني" إلا أن له آثاراً سلبية عدة، ولعل أهمها زيادة الدين العام في الدول الغربية إلى مستويات تخطت نسبة 100% من الناتج المحلي في دول كبرى، بما يشكله ذلك من ضغط متصاعد على الاقتصاد.
 

وفي هذا الإطار، يمكن النظر إلى أن تشغيل بعض العاطلين في الواقع يتم على حساب هؤلاء "الذي يستحقون العمل"، فهم دافعو الضرائب التي يتم من خلالها تمويل مشروعات البنية التحتية الحكومية التي تمتص الفائض من العمالة، بما يجعل الأمر "غير عادل" وأقرب للاقتصادات المركزية منه لتلك الرأسمالية.
 

إعانات البطالة أفضل
 

وفي هذا الإطار أيضًا فإن تكلفة إعانات البطالة أقل كثيرًا من تكلفة "المشاريع الوهمية" التي لها أضرار من ناحية الديون كما سبق، كما أنها تسهم في زيادة الآثار البيئية غير المرغوبة للنمو الاقتصادي، بما يجعل مضار مثل هذا "التمويل الزائف" للنمو كبيرة.



 

ويقدر "جراندي" أنه يمكن زيادة الحد الأدنى للأجور في الولايات المتحدة وأوروبا بنسبة 12-20% إذا توقفت الحكومات عن دعم السياسات والمشاريع التي تهدف فقط لامتصاص البطالة، بينما سيبقى الناتج الإجمالي بلا تغير كبير.
 

كما أن أحد "أخطر السياسات" الهادفة لامتصاص البطالة تتمثل في خفض أسعار الفائدة بما يسمح للشركات بالحصول على المزيد من القروض، وبالتالي التوسع وتشغيل المزيد من العمالة، ولا شك أن العالم كله رأى آثار منح القروض بلا ضمانات كافية إبان الأزمة المالية العالمية.
 

فجذور الأزمة بدأت برغبة إدارة الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون" في تشجيع القطاع العقاري، بوصفه أحد أكثر القطاعات قدرة على امتصاص البطالة، وقد تحقق هذا الهدف مرحليًا غير أنه أنتج "فقاعة" كبيرة تسبب انفجارها في موجة من التداعيات التي فاقت تخيل الجميع.
 

والشاهد هنا أن الكثير من تلك السياسات قد تؤدي في نهاية الأمر إلى زيادة البطالة، حيث وصلت في الولايات المتحدة إلى قرابة 10% أثناء الأزمة المالية العالمية، بما يؤكد أن "الفشل الحتمي" لتلك السياسات سيؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا للنتائج المرغوبة.
 

حكومات صغيرة
 

الحل هو "التبني الحقيقي" لنظرية حكومات "الحد الأدنى" أي تلك التي تقتصر نفقاتها على ما لا يستطيع القطاع الخاص تقديمه بصورة عادية للمواطنين على الإطلاق، أو لا يمكن تقديمه لهم بتكلفة مقبولة، مع إبقاء حجم الحكومة في إطاره الأدنى.
 

فعلى الرغم من تبني غالبية الدول الرأسمالية لتقليص حجم الحكومات إلا أن اللافت يبقى في زيادة نسبة الوظائف الزائدة داخل القطاعات الحكومية بنسبة 30% عن القطاع الخاص، خاصة في الدول التي يتواجد بها إدارات فيدرالية مثل الولايات المتحدة حيث توجد إدارات مركزية وأخرى إقليمية لكافة قطاعات الاقتصاد.



 

وفي الختام يؤكد الكتاب أنه على الرغم من "النوايا الحسنة" في مجال السعي لخفض البطالة إلا أنه يجب التأكيد على أن ذلك ينطبق عليه مقولة "الطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة"، ولذلك يجب ألا يكون هذا الأمر هدفًا في حد ذاته لما في ذلك من آثار سلبية كبيرة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.