أكد القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لشركة الأمان للاستثمار يوسف إبراهيم الغانم أنه يتوجب على شركات الاستثمار أن تغلق باب الأزمة المالية التي أصابت الأسواق عام 2008، وأن تعمل على استعادة قوة القطاع واسترداد ثقة المستثمرين، معتبراً أن الأزمة أو «المحنة» تعد في بعض جوانبها «منحة» يجب استفادة الخبرة مما عانته الشركات خلالها لزيادة قدرتها على إدارة ثروات المستثمرين بوسائل أكثر أمناً لتحقيق مستويات ربحية جيدة وتنمية الأصول.
ويرى الغانم أنه برغم الظروف الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، فإن الأسواق اليوم توفر العديد من الفرص، لكن يجب دراستها بحذر واختيار المناسب منها حسب استراتيجية المستثمر وقدرته على تحمل المخاطر.
وعبر حوار لـ القبس مع الغانم، لفت الغانم إلى تصور واضح حول التعامل مع موروثات الأزمة المالية والركود الحالي لأسواق المال، بالإضافة إلى استراتيجية استثمار واضحة لدى شركة الأمان للسنوات المقبلة، مؤكداً سعي الشركة للتخارج من 15 استثماراً خلال السنوات القليلة المقبلة، كما كشف عن خطوات اتخذتها «الأمان» لتعزيز مستوى الربحية على مستوى الشركة الأم وشركاتها التابعة.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
* بداية، نود أن نتعرف على خطواتكم في إعادة هيكلة ديون الشركة؟
- لقد تطلبت عملية هيكلة ديون الشركة الكثير من الجهد وتخللتها العديد من المفاوضات، وصادفتنا إخفاقات في أحيان كثيرة. فبرغم أن «الأمان» طالما اتبعت سياسة تمويل متحفظة ولم تتعد في أي وقت من الأوقات المعايير التي وضعها بنك الكويت المركزي بشأن ديون شركات الاستثمار، إلا أن المشكلة مع حدوث الأزمة كانت في انخفاض قيم الأصول وتراجع بعضها إلى نسب وصلت إلى %50 من قيمها الدفترية. وكانت «الأمان» قد حصلت على تسهيلات من ثلاثة مصارف هي البنك الأهلي الكويتي وبنك بوبيان وبيت التمويل الكويتي، وحين انخفضت قيم الأصول المرهونة عن حجم المديونية خاطب مجلس إدارة الشركة البنوك للوصول إلى حل قبل تفاقم الأزمة، لكنها تأخرت في الاستجابة لطلبات التسوية، حيث امتدت المفاوضات من عام 2008 إلى عام 2014. وكانت أول تسوية مع البنك الأهلي الكويتي تبعتها التسوية مع بنك بوبيان ومن ثم بيت التمويل الكويتي.
* ما الأصول التي تنازلت عنها الشركة لعقد التسويات؟
- اشتملت التسوية على مزيج من آليات السداد، منها مبالغ تم سدادها نقدا تعدت 5 ملايين دينار بقليل، والباقي كان من خلال أصول تم التنازل عنها للبنوك كوسيلة للتخارج منها، حيث انها كانت أصولاً جيدة حققت الهدف منها ولا تتناسب مع استراتيجيات المرحلة المقبلة لـ«الأمان». وبذلك حققت «الأمان» تسوية win-win لها وللبنوك.
* ما حجم المديونية التي كانت على الشركة للبنوك الدائنة؟
- بلغت أقصى مديونية في دفاتر «الأمان» 30.3 مليون دينار، وأؤكد أنها حتى في أقصى حالاتها لم تتعد معايير بنك الكويت المركزي، ومن ثم تناقصت عاماً بعد عام نتيجة للتسويات، إلى أن ظهرت ميزانية «الأمان» كما في 2015/9/30 خالية تماما من الديون.
* ما استراتيجية الاستثمار الحالية لشركة الأمان؟
- لقد اكتسبنا الكثير من الخبرات خلال سنوات الأزمة المالية، وإن كنا ومنذ بداية عمل «الأمان» نمارس أعمالنا بمهنية عالية، إلا أننا الآن بلا شك على وعي كبير بالاحتياجات المتغيرة للمستثمرين في ظل التغيرات التي شهدتها بيئة الاستثمار. إن من أهم توجهاتنا خلال المرحلة الجديدة أن يكون لـ«الأمان» دور رائد في هندسة أفكار منتجات استثمارية، وأن يكون لها دور فاعل في إدارة الاستثمارات التي تطرحها. وجار العمل حاليا على التخارج من استثماراتنا المدارة من جهات أخرى لغرض توفير السيولة لمشاركة مساهمينا في ما نقوم بطرحه من منتجات. فمن أهم أهدافنا دخول الشركة كمستثمر في كل ما نطرحه على عملائنا من منتجات، أولا لقناعتنا بالمستوى الذي ستظهر عليه تلك المنتجات من ناحية، ورغبتنا في إفادة مستثمري «الأمان» من عوائدها، وثانيا لتحقيق المصداقية التي يتوقعها العملاء بمشاركتي لهم فيما أعرضه من منتجات.
* كيف تخطط الشركة لتعزيز الربحية؟
- بما أننا شركة متخصصة في إدارة الأصول، فمن الطبيعي أن تكون الحصة الأكبر من إيراداتنا ناتجة عن أتعاب إدارة أموال الغير. لذا نتطلع إلى زيادة حجم الأموال المدارة خارج الميزانية، بتسويق «الأمان» ليس كمجرد شركة استثمار، إنما كمدير للثروات. ويمكننا تحقيق ذلك من خلال عرض منتجات متنوعة تلبي احتياجات عملائنا المختلفة.
* هل لديكم أهداف استراتيجية أخرى؟
- تدور أهدافنا الاستراتيجية بشكل عام حول تكثيف وجودنا في السوق من خلال تطوير المنتجات والتوسع في الأسواق ومن خلال التركيز على علاقاتنا بعملائنا وكسب ثقتهم حتى تصبح «الأمان» هي الشريك الأمثل في استثماراتهم.
* هل يوجد لديكم خطة جغرافية للمناطق التي ترغب الشركة بالاستثمار فيها؟
- تتضمن خطتنا الاستراتيجية هدف التوسع في الأسواق كما ذكرنا سابقا. ونشير إلى أن شركة الأمان هي جزء من مجموعة شركة بيت الأوراق المالية، وهذه المجموعة تمتلك ذراعين استثماريتين، إحداهما هو بنك «غيت هاوس» ويتخصص في هندسة وإدارة الفرص الاستثمارية في أوروبا وأميركا، والثانية هي شركة الأمان التي يتم توجيهها حاليا وفق الاستراتيجية الموضوعة لتغطية أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «مينا».
* ما الخطوات التي تبدأون بها تنفيذ استراتيجيتكم الجديدة؟
- بدأنا تنفيذ استراتيجية التوسع في الأسواق في طريقين متوازيين، أولهما من خلال الاستثمار في أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال المحافظ وصناديق الاستثمار، وذلك بهدف تحقيق التنوع وتقليل مخاطر الانكشاف على سوق واحد. وقد قامت «الأمان» بدعم وحدة إدارة الأصول فيها بكفاءات جديدة لديها خبرات سابقة في تلك الأسواق، وحققت أداء تاريخياً متميزاً على استثماراتها. وثانيهما الاستثمار في الملكيات الخاصة من خلال تملك شركات واعدة تمارس أنشطتها في قطاعات دفاعية عليها طلب حقيقي. وقد بدأنا بالفعل بدراسة عدد من البدائل في شركات ذات رأسمال صغير إلى متوسط.
والخطة أن يتم دعم رأس المال في هذه الشركات إن لزم الأمر ودعم الكفاءات الإدارية فيها لتحقيق نقلة نوعية في أدائها تؤدي إلى زيادة قيمتها ومن ثم التخارج منها عند تحقيق العوائد المستهدفة. ولـ«الأمان» خبرة سابقة في هذا المجال من خلال إدارتها لصندوق الفايز للملكيات الخاصة في ماليزيا بمشاركة بيت التمويل الكويتي على مدى سنوات طويلة حقق فيها الصندوق عوائد مجزية لمستثمريه.
* ماذا عن نشاط نشاط شركتكم الاستثماري من خلال الصناديق؟
- تدير الشركة حاليا صندوق الأمان الإسلامي وهو صندوق مالي يستثمر في سوق الكويت بشكل رئيسي. وتتم حاليا بناء على متطلبات هيئة أسواق المال مخاطبة حاملي الوحدات للموافقة على تعديل النظام الأساسي للصندوق بما يسمح له بالتوسع في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، تحقيقا للتنويع وتوزيع المخاطر الذي ترغب «الأمان» في تحقيقه لجميع استثماراتها كما اشرنا سابقا. أما استراتيجيتنا الأخرى التي تتعلّق بالاستثمار في الملكيات الخاصة، فقد حصلنا بالفعل على رخصة من هيئة أسواق المال لتأسيس صندوق الأمان للملكيات الخاصة برأسمال من 5 ملايين دينار إلى 50 مليوناً.
* هل تتوقعون أن يحظى الصندوق باهتمام الأفراد والمؤسسات في ظل الظروف الحالية؟
- لم تأت فكرة تأسيس صندوق الملكيات الخاصة من فراغ، بل جاءت نتيجة دراسة لاحتياجات المستثمرين في ظل التغيرات التي شهدتها بيئة الاستثمار، والتي سبق أن أشرنا إلى أنها محرك رئيسي لما نقدمه من منتجات في الفترة المقبلة. إن صندوق الأمان للملكيات الخاصة كما تم التجهيز له يعتبر فرصة جيدة ليس للمؤسسات الحكومية والخاصة فقط بل للأفراد ذوي الملاءة أيضاً. ونحن نعول على مهنية الفريق المعني وعلى ثقة عملائنا التي جعلت من الأمان شركة الاستثمار الإسلامي المدرجة الأولى من حيث حجم الأموال المدارة، حيث ندير أصولا بلغت 240 مليون دينار، ونتطلع لخدمة الاحتياجات الاستثمارية لعملائنا الحاليين والجدد.
* بصفتكم ضلعاً مؤثراً في قطاع الاستثمار، كيف تقيم وضع القطاع في الوقت الحالي؟
- لا شك في أن دخول هيئة أسواق المال كجهة رقابية قد ترك بصمة تنظيمية إيجابية كان السوق في أمس الحاجة إليها. ولكن ما نعانيه على أرض الواقع هو البطء في تنفيذ ما نحتاجه من إجراءات وتصاريح لممارسة أعمالنا، حتى البطء في الإجابة عن استفساراتنا بشأن عملياتنا اليومية. نأمل أن تتطور الهيئة في جانب تسهيل الأعمال وتسريع بت القرارات التي تصب في مصلحة السوق والشركات، فإن ذلك من أهم العوامل التي تؤدي إلى تسكين رأس المال وجذب رؤوس أموال أجنبية، وهو ما يحقق المصلحة العامة للاقتصاد الوطني، كما يحتاج قطاع الاستثمار إلى الدعم عبر مراجعة بعض القوانين وتقليل الإجراءات البيروقراطية. إن الاستثمار في الكويت بشكل عام يمكن أن يكون واعدا، وطالما وثق أهل الخليج في العقليات الكويتية وفي رجالات الكويت الذين أسسوا بنوكا وشركات استثمار اثبتت كفاءتها لعقود طويلة، وكانوا روادا في المنطقة. المشكلة في البيئة التشريعية والتنظيمية التي للأسف جعلت من الكويت بيئة طاردة.
* هل تجد فارقاً كبيراً بين أسلوب تعامل الجهات الرقابية في الكويت ومثيلاتها في الدول المجاورة؟
- الفرق واضح وكبير. فعلى سبيل المثال تقوم هيئة سوق المال السعودية بمنح من يطلب رخصة لتأسيس صندوق الترخيص خلال شهر من تقديم الطلب كحد أقصى، حتى إذا تأخرت الجهات الرقابية عن هذه الفترة يكون الترخيص سارياً تلقائياً بمجرد انتهاء المدة. وفي دبي، يتم الحصول على ترخيص لتأسيس صندوق خلال سبعة أيام عمل. أين نحن هنا في الكويت من هذا؟
* بصفتكم شركة مدرجة كيف تقيمون وضع بورصة الكويت حاليا؟
- اعتقد أنه لتقييم وضع البورصة الحالي ليس أوقع من الإشارة إلى عدد الشركات التي اتجهت نحو الانسحاب الاختياري من السوق، بالإضافة إلى تراجع معدلات قيمة التداول اليومي بشكل كبير، بالمقارنة مع السنوات الماضية. لا مجال لإنكار أن سوق الأسهم الكويتي يعاني عزوفا من المستثمرين، ومهما حاولنا التفتيش عن الأسباب تبقى الحقيقة أن البورصة مرآة الاقتصاد، وأن الواقع هو أن الإدارة الاقتصادية في الكويت لم تجار في الإجراءات التي اتخذتها فداحة الأزمة المالية، ولم نر سياسة مالية ترتقي إلى حجم المشكلة وتدعم الشركات العاملة في السوق.
* ما وضع الشركات التابعة والزميلة؟
- لـ «الأمان» شركة زميلة هي شركة المجموعة السعودية للمشاريع القابضة، وهي شركة متخصصة في إدارة وتطوير العقارات في المملكة العربية السعودية. وهناك تعاون حثيث بين «الأمان» وبين المجموعة السعودية للمشاريع القابضة لإيجاد فرص استثمارية واعدة في القطاع العقاري بالمملكة، تقوم «الأمان» بهندستها على شكل منتجات متناسبة مع الاحتياجات الاستثمارية لعملائها.
* هل لديكم خطة للتخارج من بعض استثماراتكم خلال الفترة المقبلة؟
- إن شراء الأصول والتخارج منها عند تحقق الهدف من الشراء هو صلب ديناميكية العمل في شركات الاستثمار. إلا أن تخارجنا من بعض استثماراتنا خلال الفترة القادمة له صبغة خاصة، حيث إنه يأتي في غالبه تنفيذا للاستراتيجية التي وضعها مجلس الإدارة، والتي تهدف إلى التخارج من الاستثمارات المدارة من أطراف أخرى غير «الأمان»، والاستثمارات التي لا تتناسب في طبيعتها الاستراتيجية العامة للشركة والتي تركز كما أشرنا على أسواق المال وعلى الاستثمار المباشر في منطقة مينا. وفي هذا الإطار فقد تم تعريف 15 استثمارا مرشحة للتخارج منها خلال السنوات الخمسة المقبلة.
شركات استثمار بمحاسب وموظف استقبال فقط!
بسؤاله حول كيف يمكن لشركات الاستثمار استعادة الثقة بها بعد تأثرها الكبير بتداعيات الأزمة، قال الغانم: أود أن أفرق هنا بين فقدان الثقة في الاستثمار كمبدأ وبين فقدان الثقة في الشركات. ما حدث بشكل عام هو فقدان الثقة في مجالات استثمارية بعينها، حيث أصبحت الغالبية غير مستعدة لتحمل مخاطر الاستثمار العادية. ومهما حدث فإن العلاقة ستبقى أبدا طردية بين العائد والمخاطرة، وما يجب أن نسعى للعمل على استعادته الآن هو قابلية المستثمرين لقبول مستويات معقولة ومدروسة من المخاطر في ظل شركة مديرة يثقون بمصداقيتها. أما فقدان الثقة بالشركات، فقد حدث مع بعضها بالفعل، ونرى شركات قد خلت الآن إلا من محاسب وموظف استقبال. نحمد الله أن «الأمان» كانت وما زالت تحظى بثقة ودعم مساهميها وعملائها والأطراف ذات المصالح التي نتعامل معها. نسعى في الفترة القادمة لتكثيف جهودنا التسويقية للتعامل مع المخاوف الاستثمارية للعملاء الحاليين والمحتملين من خلال عرض منتجاتنا الجديدة التي تمت هندستها لترضي ما رأيناه من حاجات جديدة للمستثمرين، وذلك بكل تفصيل وشفافية. إن التنوع في المنتجات التي تقوم «الأمان» بالتجهيز لها في الفترة القادمة سوف يمكننا من القيام بدور مديري الثروات وسوف نكون قادرين على تكوين محافظ استثمارية متنوعة تلبي الاحتياجات المختلفة لكل عميل من حيث مستويات العائد والمخاطرة.
240 مليون دينار
أصول تديرها «الأمان».. شركة الاستثمار الإسلامي المدرجة الأولى من حيث حجم الأموال المدارة
50 مليون دينار
حد أقصى لرأسمال صندوق ملكيات خاصة لـ«الأمان» حصل على ترخيص من هيئة الأسواق
المستثمر الكويتي ليس ساذجاً
عما إذا كانت المخاوف لا تزال مستمرة في نفوس المستثمرين الكويتيين، قال يوسف الغانم: لا تختلف مشاعر المستثمر الكويتي عن غيره في أن توجه المستثمرين بشكل عام أصبح ضد تحمل المخاطر. والواقع أن الفرد الكويتي قد عُرف على مدى التاريخ بأنه شخص مغامر، يمارس التجارة ويبدع فيها، وما الاستثمار إلا أحد أشكال التجارة. لذلك نجد أن أساس التعامل مع المستثمر الكويتي هو كسب ثقته وإقناعه بجدوى الاستثمار، فهو ليس مستثمر ساذج. ونعلم بالتأكيد أن تكوينه المغامر لا يجعله يرضى بمجرد الاحتفاظ بأمواله في البنوك، إذن هو سيستمر في البحث عن فرص بديلة. وهنا تكمن الفرصة في مقابلة الطلب مع ما نعرضه من منتجات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}