نبض أرقام
12:30 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/31
2024/10/30

هل الماس الأكثر قيمة أم الماء؟.. مفارقة لا تزال تحير العقول

2017/06/26 أرقام - خاص

بعد قرنين من التنمية والتطور عاشهما الإنسان، لا يزال علم الاقتصاد يفتقر إلى فهم جيد لكيفية تقييم الأشياء، وقبل ذلك كافح الفلاسفة لقرون من أجل فهم ما يسمى بـ"مفارقة القيمة"، والغموض الذي يحيط بإجابة السؤال القديم الجديد: لماذا تعتبر بعض الكماليات مثل الماس والذهب أكثر قيمة من ضروريات مثل الماء والغذاء؟

 

 

الجميع يحتاج إلى الماء، ولكن عادة ما يكون من السهل الحصول عليه، فيمكن لأي شخص شراء زجاجة مياه أو فتح الصنبور، وفي المقابل الماس نادر ومكلف، ولكنه اختياري، بمعنى أن الحياة قد تمضي في ظل عدم وجوده دون أي مشكلة.
 

بديهياً ومنطقياً يبدو أن شيئاً أساسياً للحياة بالنسبة لجميع البشر مثل الماء يجب أن يكون أكثر قيمة من شيء تكون حيازته في أغلب الأحيان اختيارية.
 

حاول العديد من المفكرين فهم القيمة من ناحية "ملكية الأشياء"، فعلى سبيل المثال رأوا أن المكتب له قيمة لكونه مسطحا وله ساقان وأنه مصنوع من الخشب وله فائدة معينة، ويسمى هذا النهج في التفكير "موضوعية القيمة".
 

ومنذ عصر الإغريق القدماء وحتى اليوم تستمر النقاشات لمحاولة فهم لماذا يكلف الماء (الضروري) القليل في حين يكلف حجر مثل الماس (عديم الفائدة) الكثير.
 

أصل "مفارقة القيمة"
 

- يعتقد البعض أن "آدم سميث" هو أول من تناول "مفارقة القيمة"، لأنه تعرض لها في كتابه "ثروة الأمم" ولكنه في الحقيقة لم يكن أول من لاحظ هذه الظاهرة، وفي الواقع سمع "سميث" نفسه سؤال الماس والماء في المحاضرات أثناء دراسته الاقتصاد.

 

- قبل آلاف السنين من ظهور "آدم سميث" وتحديداً في عام 384 قبل الميلاد كتب أفلاطون عن "مفارقة القيمة" في كتابه "يوثيديموس" وهو عبارة عن محادثة وهمية بين سقراط معلم أفلاطون مع يوثيديموس السفسطائي.

 

- في "ثروة الأمم" صاغ "سميث" نظريته حول القيمة بهذه الطريقة: "كلمة قيمة أو VALUE لها معان مختلفة، فهي تعبر أحياناً عن منفعة شيء معين، وأحياناً تدل على القدرة على شراء سلع أخرى تمكننا منها حيازة ذلك الشيء. فالأولى تسمى قيمة استعمالية، والثانية تسمى قيمة تبادلية".

 

هذا هو الفهم الأقرب لهذه المعضلة
 

- أفضل طريقة لفهم "مفارقة القيمة" هي من خلال استيعاب اثنتين من أعظم الأفكار في تاريخ الفكر الاقتصادي: نظرية ذاتية القيمة ومفهوم المنفعة الحدية. ولعب الأستاذ في جامعة فيينا "كارل منجر" دوراً رئيسياً في صياغة ونشر هذين المفهومين في كتابه "مبادئ الاقتصاد" عام 1871.

 

- أوضحت نظرية ذاتية القيمة أن مفتاح القيمة هو عملية التقييم أو (valuation). ويمكن أن يكون موضوع التقييم ملومساً أو غير ملموس. يمكنه أن يكون أي شيء على الإطلاق اختاره الشخص كهدف أو كوسيلة. وفقاً لهذه النظرية، يستمد أي شيء قيمته من أهميته بالنسبة للفرد.

 

- قبل المتابعة ربما يجب على الجميع إدراك الحقيقة التالية: الناس لديهم أولويات مختلفة، والشخص الواحد لديه أولويات مختلفة في أوقات مختلفة.

 

- مثال: شخص اشترى زجاجة مياه، ولكن بعد أن قرأ مقالاً عن المخاطر المحتملة للزجاجات البلاستيكية قرر في اليوم التالي مقاطعة المياه المعبأة في زجاجات بلاستيكية. نفس الشخص بينما كان في طريقه لحضور مؤتمر لمكافحة استخدام البلاستيك تعطلت به السيارة في الصحراء، وفجأة أصبحت زجاجة بلاستيكية من الماء أكثر الأشياء في الكون قيمة بالنسبة له في ذلك الوقت وفي ذلك المكان.



- الفكرة الأساسية التي تم بناء نظرية ذاتية القيمة على أساسها هي أنه من المستحيل أن يجد أي شخص نفسه في وضع يتيح له الاختيار بين "الماء بشكل مطلق" و"الماس بشكل مطلق"، أو بين جميع المياه وجميع الماس، دائماً وأبداً هناك عوامل أخرى ضمن المعادلة.

 

- بافتراض الآتي: شخص يريد شرب الماء. فهو يقوم بالذهاب إلى المطبخ وصب الماء في الكوب قبل أن يشربه. ما اختاره هذا الشخص لم يكن "الماء بشكل عام" بل كوب من الماء في ذلك الوقت بالتحديد، وأيضاً لم يختر شرب لترين من الماء أو كأساً من الماء في اليوم التالي.

 

- هذا يقود إلى مفهوم آخر وهو مفهوم المنفعة الحدية. إذا كان لدى الشخص تفاحة واحدة فقد يقوم بأكلها، أما إذا كان لديه تفاحتان فربما يقوم بإعطاء الثانية إلى شخص آخر، ومن الممكن أيضاً أن يحتفظ بواحدة لليوم التالي إذا كان لديه ثلاث تفاحات.

 

- في المثال السابق، قام ذلك الشخص بإعطاء التفاحة الثانية لآخر لأنه أكل الأولى، كما أنه احتفظ بالثالثة فقط بعد أن أكل الأولى وأعطى الشخص الآخر التفاحة الثانية، بمعنى أنه لم يكن ليحتفظ بتلك التفاحة لو لم يتم تلبية الأولويتين الأولى والثانية.

 

- يعني ذلك أن كل وحدة إضافية من نفس السلعة يكون لها قيمة أقل بالنسبة للشخص مقارنة مع الوحدة التي قبلها، وهذا ما تسميه المدرسة النمساوية في الاقتصاد قانون "تناقص المنفعة الحدية".

 

- كل ما سبق له انعكاسات مهمة على فكرة أن القيمة يمكن قياسها. فمن أجل قياس المسافة يحتاج الشخص إلى وحدة قياس ثابتة مثل البوصة، ولكن مع القيمة الأمور مختلفة تماماً. ففي مثال التفاح، كان لكل تفاحة قيمة إضافية مختلفة عن الأخرى، تخيل محاولة قياس مسافة إذا كان طول كل بوصة مختلفًا عن الآخر!

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.