توقع أرقام كابيتال، المصرف الاستثماري المتخصص في الأسواق الناشئة ، في تقرير استراتيجي أصدره بمناسبة انعقاد منتدى جدة الاقتصادي أن يكون للتغيرات الحاصلة في السياسات الاقتصادية والمالية التي باتت تنتهجها المملكة العربية السعودية في أفق التحول الاقتصادي، وتحقيق التوازن المالي المستدام أثر إيجابي غير مسبوق في الدفع قدما بالشراكات بين القطاعين العام والخاص في المملكة.
وأشار التقرير أن استقراء التاريخ يبرز أن انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة مصحوباً بتخفيض الإنفاق الرأسمالي يؤثر سلباً في نمو الائتمان، وجودة الأصول، و قيمة الأسهم، وتماسك الاقتصاد بشكل عام. وتقوم الحكومة السعودية في الوقت الراهن بتمويل أكثر من 80% من مشاريع البنية التحتية فيما تمثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص حالياً 4% فقط من إجمالي المشاريع. وفي هذا الإطار فمن المتوقع أن يتم اللجوء إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص كبديل من أجل تفادي تقليص كبير للإنفاق الرأسمالي الذي من شأنه إضعاف القطاعات غير النفطية.
وقال سهيل حاجي، المدير التنفيذي و رئيس قسم إدارة أصول البنية التحتية في أرقام كابيتال: "تتخذ المملكة العربية السعودية خطوات ملموسة نحو زيادة التنويع الاقتصادي، ويشمل ذلك خصخصة بعض الأصول المملوكة للدولة.
ونتوقع أن يتوسع نطاق موجة الخصخصة عقب إعلان الحكومة عن جاهزية المطارات والمستشفيات والمرافق التعليمية لتلك العملية. ونحن ننظر إلى تلك الخطوة من منظور إيجابي، ويعود ذلك جزئياً إلى زيادة العائدات التي ستتلقاها الحكومة على المدى القصير، عدا عن كونها ستساعد في تخفيف بعض الضغط الواقع على احتياطات المملكة من النقد الأجنبي، وخفض تكاليف الاقتراض، وستساعد في الوقت ذاته على زيادة كفاءة تلك الأصول".
وأضاف قائلاً: "إن المملكة العربية السعودية ملتزمة بالشراكات بين القطاعين العام والخاص، وقد تجسّد ذلك فعلياً في قطاع الطيران المدني بالمملكة، مع إعلان الحكومة عن نيتها خصخصة المطارات الدولية والمحلية بحلول عام 2020. وفي الواقع، لقد أرست الحكومة أسس أول برامج الشراكة من هذا النوع في العام 2015 عندما دشّنت مطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينة بتكلفة 1.4 مليار دولار أمريكي. ونتوقع أن يستمر هذا التوجه، حيث تهدف الحكومة للتقليل من التكاليف وتجنب التمويل العام".
وبالنظر إلى أوجه التشابه بين التحديات المالية الحالية التي تواجهها المملكة العربية السعودية والتداعيات التي واجهتها في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، حين أجبرتها الزيادة المفرطة في المعروض النفطي حينها على تخفيف نشاط جميع أصولها، فإن أرقام كابيتال يتوقع أن تقوم المملكة هذه المرة باستكشاف إمكانية توسيع مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك بدلاً من تخفيض النفقات الرأسمالية إلى حدّ كبير كما فعلت في تلك الفترة.
ووفقاً للتقرير الاستراتيجي، ستحقق المملكة العربية السعودية مكاسب هائلة عبر الاستفادة من شراكاتها المتنامية مع القطاع الخاص لتوفير مصدر دخل جديد للتمويل، إلى جانب منافع أخرى مهمة مثل الإدارة والتنفيذ والخدمات الأفضل والتقدم على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
ويتوقع أرقام كابيتال أن تعيش أسواق النفط حالة كسادٍ لبعض الوقت، مع عدم توقع انتعاش أسعاره في النصف الأول من عام 2016. كما يتوقع أن يستمر تراجع الإنفاق الرأسمالي العام في السعودية وارتفاع عدد المشاريع المؤجلة أو الملغاة، والتي كانت قد ارتفعت بنسبة 6% و7% على التوالي خلال عام 2015.
كما يتوقع أرقام كابيتال أن يؤدي تأجيل أو إلغاء الإنفاق الرأسمالي العام بصورة كاملة في قطاعات النقل والإنشاء والطاقة إلى وضع البلاد تحت ضغطٍ شديد لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان. وقد تسعى المملكة العربية السعودية لإعداد برامج شراكات بين القطاعين العام والخاص لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في مجموعة متنوعة من المشاريع، وبالتالي الحد من حاجة الحكومة للحصول على قرضٍ إضافي أو تعليق العمل في المزيد من المشاريع الأساسية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}