رغم الصدمة التي تشهدها الأسواق العالمية، فإن الرئيس "ترامب" لا يزال يدافع عن الحزمة التاريخية من التعريفات التي يرى أنها الدواء المناسب لاقتصاد بلاده الذي وصفه بالمريض، لكن هذه الحرب التي أشعلها لن تلحق الضرر بأمريكا فقط بل قد يكون لها آثار سلبية متتابعة على العالم أجمع.
تحذير
يحذر الاقتصاديون من أن الرسوم الجمركية الشاملة والمرتفعة على بعض الشركاء التجاريين لأمريكا مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي قد تُضعف إنفاق المستهلكين وتلحق الضرر بالشركات المصنعة وتثقل كاهل النمو الاقتصادي، وترفع أسعار العديد من السلع مما يؤجج التضخم.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
تضرر محلي
وقد تواجه الشركات احتمالية تباطؤ المبيعات أو انخفاض الأرباح وذلك اعتمادًا على مقدار رفع الأسعار الذي ستقرره لتعويض زيادة التكاليف، وبالتالي سينخفض التوظيف إن لم يسفر الأمر عن تسريح العمالة، وسيؤدي لتجميد الشركات لقراراتها الاستثمارية نظرًا لحالة عدم اليقين.
ماذا يعني الركود؟
يعرف بشكل عام بانكماش الناتج الاقتصادي على مدار ربعين سنويين متتاليين، لكن لجنة تابعة للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في أمريكا تعرفه بشكل مختلف: بأنه انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي ينتشر في أنحاء الاقتصاد ويستمر لأكثر من أربعة أشهر.
تحديد الركود
قد يستغرق الأمر شهورًا أو عامًا بعد بدء الركود حتى تتأكد اللجنة من ذلك، ولتحديد حدوث ركود أو لا تنظر في عوامل مثل التوظيف والإنفاق المعدل حسب التضخم والإنتاج الصناعي والدخل، لكن الظروف القاسية التي تظهر في أحد المقاييس تعوض أحيانًا الإشارات الضعيفة من مقاييس أخرى.
تراجع الواردات
إذا تراجعت واردات أمريكا بشدة، فإن ذلك سيؤدي إلى إضعاف محرك رئيسي للاقتصاد العالمي، وخاصة الدول المعتمدة على التصدير مثل ألمانيا والصين التي تصدر الكثير من السلع التقنية مثل الآيفون، وأيضًا توفر سلعا بأسعار معقولة لملايين من ذوي الدخل المحدود، وهو ما يعني أن الرسوم على الصين وحدها قد تزيد الفقر.
ركود عالمي
يرى محللو "جيه بي مورجان" أنه من المرجح أن يحدث ركود عالمي هذا العام في أعقاب التعريفات، ورفعوا توقعاتهم إلى 60% بدلاً من 40% قبل الرسوم الشاملة الأخيرة، وأوضحوا أن آخر زيادة في التعريفات بهذا الحجم عام 1968 أعقبها ركود، وأشاروا إلى أن سيناريو دخول الولايات المتحدة في ركود مع نجاة بقية العالم أمر وارد لكنه أقل احتمالاً.
كيف سيتضرر الاقتصاد العالمي من قرارات "ترامب"؟ |
||
المحلل |
|
التوضيح |
"بول دونوفان" كبير الاقتصاديين بإدارة الثروات العالمية لدى "يو بي إس" |
|
كان الاقتصاد الأمريكي في وضع جيد للغاية في بداية العام، أما الآن إذا استمرت هذه الرسوم على حالها، فربما ينزلق نحو الركود.
وهو ما قد يكون له تأثير سلبي متتال على اقتصادات العالم.
لأن الركود أو تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة سيؤدي إلى تراجع كبير في إنفاق المستهلكين الأمريكيين، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع الأجنبية.
|
خبراء "دوتشيه بنك" |
|
توقعوا ارتفاع معدلات البطالة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة خلال الـ 12-18 شهرًا القادمة نتيجة لرسوم "ترامب" الجمركية.
|
"بن ماي" مدير أبحاث الاقتصاد الكلي لدى "أوكسفورد إيكونومكس" |
|
نعتقد أن الاقتصاد العالمي قد يتجنب الركود على الأرجح هذا العام، لكنه قد ينمو بأقل من 2%، وهو ما سيكون أضعف معدل نمو سنوي منذ الأزمة المالية العالمية باستثناء فترة الوباء.
|
"أولو سونولا" الخبير الاقتصادي لدى "فيتش" |
|
التعريفات الجمركية قد تحدث تغييرًا جذريًا في الاقتصاد العالمي، وربما تدخل العديد من الدول في حالة ركود.
|
خبراء لدى "ويلمنجتون ترست" |
|
حتى لو تم إلغاء التعريفات سريعًا، فإن الآثار المتبقية لعدم اليقين قد تدفع الاقتصاد نحو الركود من خلال إبطاء استثمارات الشركات والإضرار بثقة المستهلكين.
|
هل يتحقق الهدف؟
يأمل ترامب" أن تدفع التعريفات الشركات لبناء مصانع جديدة في أمريكا، وتضيف المزيد من فرص العمل في المصانع، لكن مسؤولي الشركات لن يفعلوا ذلك إلا إذا اقتنعوا بالاستقرار الاقتصادي والقدرة على التنبؤ.
هل الجميع قلق؟
لا يعتقد "ستيفن ميران" كبير المستشاريين الاقتصاديين في إدارة "ترامب" أن يكون هناك أضرارًا ملموسة على المدى القصير من التعريفات لأن الأمريكيين سيتكيفون، وحتى الرئيس يدافع عن قراراته ويرى أنها ستجعل البلاد في وضع أفضل على المدى الطويل.
العدوى ليست حتمية
إذا دخلت أمريكا في حالة ركود لا يعني بالضرورة دخول بقية العالم، فمنذ عام 1950 شهدت 11 حالة ركود حسب المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، لكن البنك الدولي لا يحصى سوى 5 حالات ركود عالمية في نفس الفترة وهي: 1975، و1982، و1991، و2009 و2020.
الخلاصة
تفسر العولمة التي شكلت شبكة معقدة من الاقتصادات المترابطة مقولة: "إذا عطست أمريكا ، فسوف يصاب العالم بالزكام" وبالتالي فإن الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد الأمريكي بسبب الحرب مع شركائها التجاريين، سينعكس سلبًا على اقتصادات العالم، لكن الآثار الإجمالية ستعتمد على عوامل منها مدى نجاح الحكومات في التفاوض على استثناءات من تلك الرسوم.
المصادر: فوربس – وول ستريت جورنال - الجارديان - أكسيوس – ماركت ووتش - بلومبرج
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: