تأسست "أمازون" منتصف عام 1994 في خضم موجة صعود الشركات التكنولوجية في وول ستريت، وأسست قطاعاً جديداً لم تتطرق إليه أي شركة من قبل، ألا وهو تجارة التجزئة عبر الإنترنت.
وبحلول مطلع الألفية الجديدة، شهدت وول ستريت واحدة من أسوأ أزمات سوق الأسهم في تاريخ، فقاعة الإنترنت التي عصفت بأسهم الشركات التكنولوجية الناشئة آنذاك، وفي عام 2001 كانت "أمازون" مهددة بالانهيار بعد هبوط سهمها بنسبة 90%، واعتقد بعض المحللين والمستثمرين أن الشركة لن تتعافى مطلقاً.
لكن "جيف بيزوس" مؤسس "أمازون" استطاع قلب الأمور تماماً، وساعد شركته على النهوض مجدداً بفضل بعض النصائح من منافسه "جيم سينيجال" الشريك المؤسس لسلسلة متاجر التجزئة "كوستكو".
التقى "بيزوس" و"سينيجال" آنذاك لاحتساء القهوة في أحد مقاهي "ستاربكس" بواشنطن، لمناقشة اعتماد "أمازون" على "كوستكو" كأحد موردي بعض المنتجات بالجملة.
وحسبما ورد في كتاب " – “The Everything Store للصحفي "براد ستون"، تحول مسار اللقاء تماماً عما هو مخطط له، وانتهى بنقاش حول استراتيجية التسعير الخاصة بـ "أمازون".
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
تطرق "سينيجال" أثناء الحديث إلى نموذج عمل "كوستكو"، وكيفية إدارتها للتكاليف كي تتمكن من بيع العديد من المنتجات بأسعار منخفضة للغاية.
قال "سينيجال" لـ "بيزوس" إن "كوستكو" تستطيع ذلك بفضل استبعاد بنود الإنفاق غير الضرورية، والحفاظ على علاقات قوية مع الموردين لضمان الحصول على أفضل صفقات، وإن خفض التكاليف هذا كان المفتاح لتقليل الأسعار، وبالتالي تشجيع العملاء على دفع رسوم العضوية السنوية في متاجر الشركة التي تشكل النصيب الأكبر من أرباحها.
وأوضح في حديثه أن رسوم العضوية تعد تكلفة تدفع مرة واحدة بالنسبة للمستهلك، لكنها تمنحه ميزة العثور على منتجات منخفضة السعر، فعندما يذهب المستهلك لأحد متاجر "كوستكو" ويجد تلفازاً مقاس 47 بوصة بسعر أقل 200 دولار عن أي بائع آخر، فهذا يعزز إدراكه لقيمة الاشتراك ومفهوم عمل الشركة.
وأكد "سينيجال" أن المبدأ الأساسي لشركته هو أن إعطاء الأولوية للقيمة المقدمة للمستهلك، وضمان حصوله على قيمة تشعره بالرضا.
وأشار "سينيجال" في حديث مع "ستون" حول كتابه، إلى أنه يعتقد بأن "بيزوس" استلهم أفكاراً من هذا اللقاء بينهما، واعتقد بأن نهج "كوستكو" يتماشى مع أعمال "أمازون" أيضاً.
وفي حين لم ينسب "بيزوس" علناً الفضل إلى لقائه بـ"سينيجال" في استلهام أي من استراتيجيات التسعير في "أمازون"، لكن "ستون" ذكر أنه دعا إلى اجتماع عام في "أمازون" بعد أيام قليلة على اللقاء.
كان موضوع الاجتماع هذا هو استراتيجية التسعير "غير المتماسكة" التي اعتمدت عليها الشركة، وضرورة الوفاء بالتعهد بتوفير أسعار أقل من المنافسين دائماً.
وبحلول فصل صيف عام 2001، خفضت "أمازون" أسعار بعض من منتجاتها الرئيسية -الكتب والموسيقى والفيديوهات- بما يصل إلى 30% في بعض الحالات، وبحلول نهاية السنة، انتعشت المبيعات، وحققت الشركة الصاعدة أول ربح فصلي لها على الإطلاق.
وحسبما ورد في مقال لصحيفة "نيويورك تايمز" آنذاك، أرجع "بيزوس" الفضل في تعافي أعمال "أمازون" إلى خفض الأسعار، وتعهد بالقضاء على أوجه الإنفاق غير الضرورية من أجل إتاحة المزيد من الخصومات للعملاء، وهي استراتيجية مماثلة لنهج "كوستكو".
ذكر "بيزوس" في تصريح للصحيفة حينها، أن هناك نوعين من الشركات، تلك التي تعمل على رفع الأسعار، وأخرى تسعى لخفضها، وسوف تحرص "أمازون" دوماً على أن تكون ضمن التصنيف الثاني.
وبعد مرور قرابة 4 سنوات، طرحت "أمازون" في عام 2005 برنامج العضوية الخاص بها "أمازون برايم"، والذي يتيح للمشتركين الحصول على أسعار مخفضة، وشحن مجاني للطلبات.
وفي خطاب للمساهمين عام 2016، وصف "بيزوس" الفكرة وراء برنامج العضوية "برايم" في عبارة تشبه إلى حد كبير لهجة "سينيجال"، إذ قال "نرغب في أن تكون خدمة برايم ذات قيمة عالية للعملاء، ومخطئ من لا يشترك بها".
المصدر: سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}