قفزت أسعار غرف فندقية في أبوظبي خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، بنسب فاقت الـ300% مقارنة بفترة الصيف، للمرة الأولى منذ سنوات، وفقاً لمسؤولي ونزلاء فنادق في الإمارة.
وشكا مواطنون في الدولة حرمانهم الإقامة في الفنادق نتيجة هذا الارتفاع الكبير، فيما أرجع مديرو ومسؤولو فنادق الارتفاع إلى استضافة أبوظبي العديد من المؤتمرات والفعاليات الكبرى التي شارك فيها آلاف الأشخاص، ما أدى إلى زيادة الطلب على المعروض بشكل كبير، وبالتالي ارتفاع الأسعار.
وأوضحوا أن الفنادق شهدت خلال الفترة الماضية انخفاضاً في أسعارها بعد دخول آلاف الغرف الفندقية إلى السوق خلال العامين الماضيين، لافتين إلى أن تنامي الطلب وارتفاع الأسعار وفرا فرصة كبيرة للفنادق لتعويض هذا الانخفاض.
اختلال العرض والطلب
قال المدير العام لفندق «ميلينيوم الوحدة»، مروان مسيكة، إن «ارتفاع الأسعار يرجع إلى الاختلال الكبير بين العرض والطلب في السوق الفندقية في الإمارة، فبينما تشهد الفنادق فترات من انخفاض الإشغال، تنخفض فيها الأسعار إلى مستويات لا تناسب فنادق الخمس نجوم خارج أوقات الموسم، ترتفع الأسعار أيضاً لتعويض هذا الانخفاض أثناء الموسم».
وأشار مسيكة إلى أن «التصنيف الفندقي الذي تم إقراره أخيراً، لرفع مستوى الأداء الفندقي في فنادق العاصمة إلى مستويات عالمية، تطلّب توفير كماليات معينة كلفت الفنادق مبالغ كبيرة، واستفاد منها أيضاً النزيل الفندقي، الذي أصبح يتمتع بخدمات أفضل». وأفاد بأن «صناعة الفنادق مثلها مثل الطيران، إذ ترتفع أسعار تذاكر الطيران بشكل كبير في حالة وجود طلب كبير أو أثناء الحجز في اللحظات الأخيرة».
إشغال كامل
أفادت مريم المحمودي، بأنها تعمل مسؤولة علاقات عامة في إحدى الشركات الكبرى، وسعت إلى حجز بعض الغرف في فندق قريب من مركز أبوظبي للمعارض، لإقامة وفد أجنبي زائر خلال الشهر الماضي، إلا أنها فوجئت بأنه يزيد على 300% في الأسعار، مشيرة إلى أن إدارة الفندق أخبرتها بأن نسبة الإشغال تقترب من 100%، وأنه من الصعب إيجاد غرف بأسعار مناسبة، وأن عليها الانتظار حتى انقضاء نوفمبر، وانتهاء عدد من الفعاليات والمؤتمرات الكبرى المقامة خلاله، التي تستقطب آلاف الزوار والوفود من خارج الدولة، ما يزيد الضغط على الفنادق.
مصلحة الاقتصاد
أفاد مسؤول في سلسلة فنادق كبرى في الدولة، فضل عدم ذكر اسمه، بأن «الارتفاعات في أسعار الغرف الفندقية في أشهر الشتاء تأتي في مصلحة الاقتصاد الوطني، إذ تصب في زيادة الاستثمارات الفندقية، خصوصاً الأجنبية منها في الإمارة».
وأكد أنه «عند مقارنة أسعار الغرف في فنادق الخمس نجوم في أبوظبي بالفنادق ذاتها في الدول الأوروبية، نجد أنها بالمستويات ذاتها، خصوصاً في أوقات المؤتمرات الكبرى»، لافتاً إلى أن «أبوظبي توفر خدمات أفضل عند مقارنتها بالعديد من الدول الأخرى الشهيرة في صناعة الفنادق».
وأعرب عن اعتقاده بأن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة لم تعد تتدخل في تحديد حدود قصوى لارتفاعات الغرف الفندقية في الوقت الراهن، بعد أن كانت تدخلت منذ أكثر من أربع سنوات للحد من الارتفاعات في أسعار الغرف أثناء الفعاليات الكبرى.
إلى ذلك، فضلت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الجهة المعنية بتنظيم القطاع، عدم الرد على استفسارات «الإمارات اليوم» بشأن ما إذا كانت لاتزال تلزم الفنادق بوضع حدود قصوى لأسعار الغرف الفندقية أم لا، إذ تدخلت الهيئة لأول مرة في تحديد أسعار الغرف الفندقية خلال معرض البترول والغاز، الذي أقيم في نوفمبر 2008، لمنع حدوث زيادات كبيرة في الأسعار، اعتبرتها تضر السياحة الوافدة إلى الإمارة على المدى الطويل.
وتفصيلاً، قال المواطن موسى الحاربي، إنه حاول في نوفمبر الماضي حجز ثلاث غرف فندقية له ولأسرته في فندق اعتاد الإقامة فيه، لكنه فوجئ بأن سعر الغرفة وصل إلى 1650 درهماً للغرفة، مقابل سعر راوح بين 500 و550 درهماً سابقاً في سبتمبر الماضي، في حين وصل السعر في الفندق ذاته إلى 350 درهماً في أغسطس الماضي، ما يعني أن الارتفاع ناهز نسبة 370%.
وأوضح أنه تحدث مع مسؤول الحجز في الفندق، الذي أوضح له أن أبوظبي تستضيف فاعلية كبرى هي مسابقات جائزة الاتحاد للطيران الكبرى (فورمولا 1) في نوفمبر من كل عام، وأن نسب الإشغال تلامس 100%، وأنه من المستحيل إيجاد غرف خالية بسعر مناسب في هذا التوقيت.
ولفت الحاربي إلى أن «هذه الأسعار غير المسبوقة حرمتني وأسرتي الإقامة في الفندق أو في غيره»، مطالباً بتدخل حكومي لتحديد حدود قصوى لنسب الزيادة في الأسعار، لعدم حرمان النزلاء العاديين الإقامة فيها.
من جانبه، قال المواطن حمد الربيعي، إنه فوجئ بأن سعر الغرفة الفندقية في جزيرة ياس ارتفع تزامناً مع إحدى الفعاليات الكبرى إلى 2700 درهم، على الرغم من أن السعر لم يتجاوز 650 درهماً في الأحوال العادية، أي بزيادة تفوق الـ315%، وأوضح أن «هذه القفزة الكبيرة في الأسعار غير منطقية، وحرمت الكثير من المواطنين والمقيمين الإقامة في الفنادق فترات طويلة، لتكرار استضافة الفعاليات الكبرى في الدولة شتاء».
من جهته، أقر المدير العام لفندق «ميلينيوم الوحدة»، مروان مسيكة، بأن هناك ارتفاعاً كبيراً في أسعار الغرف وصل إلى 400%، خلال فترة انعقاد عدد من الفعاليات والمؤتمرات الكبرى في الشهرين الماضيين، مثل سباقات «فورمولا 1» ومعرض أبوظبي للنفط والغاز (أديبيك)، مشيراً إلى أن هذه الفعاليات تواكبت مع زيارات لوفود دبلوماسية وتجارية عدة وكبيرة زارت أبوظبي في الفترة الماضية.
وذكر أن «أبوظبي أصبحت مركزاً رئيساً للمعارض والمؤتمرات في المنطقة، تستضيف أكبر المعارض والمؤتمرات التي يشارك فيها الآلاف، ما يؤدي إلى نقص المعروض من الغرف الفندقية وقتها»، لافتاً إلى أن «أسعار الغرف الفندقية في فنادق الخمس نجوم في أبوظبي تعد معقولة وعادلة، حتى في ظل ارتفاعها، قياساً بالمدن العالمية التي تستضيف فعاليات كبرى».
بدوره، قال المدير العام لفندق «شاطئ الراحة»، كمال زياتي، إن «العاصمة تشهد بالفعل ارتفاعات كبيرة في أسعار الغرف الفندقية أثناء الفعاليات الكبرى التي تستضيفها»، موضحاً أن «أسعار الغرف الفندقية في جزيرة ياس باتت تصل إلى ما يراوح بين 5000 و6000 درهم أثناء بعض الفعاليات الكبرى، وعلى رأسها (فورمولا 1)، على الرغم من الإشغال الضعيف والأسعار المنخفضة معظم العام».
وأكد أن «ارتفاع الأسعار يرجع في المقام الأول إلى ارتفاع الطلب بشكل كبير، ووجود فوارق كبيرة بين العرض والطلب».
ورأى أن «هذه الأسعار المرتفعة يمكن تبريرها بأن المنافسة الشديدة في السوق تؤدي إلى انخفاض الأسعار في الأوقات الأخرى من العام»، معرباً عن اعتقاده بأن السوق ستشهد استقراراً خلال عام تقريباً، وسيشهد الطلب ارتفاعاً، ما يؤدي إلى توازن مع المعروض بقية العام، وبالتالي ترتفع الأسعار بشكل متوازن على مدار العام.
وأشار زياتي إلى أن «بعض الفنادق تستغل النقص الحاد في الغرف لتعويض تدني الأسعار، في ضوء ارتباط الاستثمارات الفندقية بأجور ومرتبات العمالة، للحفاظ على تصنيفها وعدم خفضه».
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}