نبض أرقام
04:45 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/23
2024/12/22

البنك التجاري يرفع من حمى التنافس الخليجي على السوق التركية

2013/10/10 الراية القطرية

خطوة غير مسبوقة أقدم عليها البنك التجاري القطري بأن يستحوذ ولأوّل مرّة على حصّة غالبة في أحد البنوك، وذلك عندما احتفل الاسبوع الماضي رسميًّا باستحواذه على حصّة 70,84% في ألترناتيف بنك (إيه بنك) التركي من شركة أناضول إندستري القابضة (شركة الأناضول).

خطوة تعكس الطموح الكبير والفكر الاستراتيجي السليم الذي قاد خطوات البنك التجاري خلال السنوات الماضية بقيادة واعية مدركة ظلت تخطط وترسم معالم الطريق لتحقيق طفرة نوعية معتبرة في أعمال واستشراف افاق رحبة من النمو داخليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.

هذه الاستراتيجية التي انبنت على توسع مدروس بدأ باقامة شراكات استراتيجية مع بنوك رائدة وذات تاريخ متميّز من البنك الوطني العماني في سلطنة عمان والبنك العربي المتحد في دولة الإمارات. وهي تجربة انعكست آثارها الإيجابية على البنك التجاري الذي توسّعت أعماله وزادت عائداته واكتسب من الخبرات ما أهلته للتوسّع إقليميًّا ليضيف حليفًا جديدًا وقويًّا لتحالف ثلاثي برزت نتائجه جلية وبايجابية خلال السنوات القليلة الماضية.


توقيت مناسب

بالتأكيد أن خطوة مجموعة البنك التجاري لم تأت قفزة في المجهول وإنما على العكس من ذلك كانت خطوة مدروسة بعناية من الناحيتين السياسية والاقتصادية. فمن الناحية السياسية يُشير سعادة عبدالله بن خليفة العطية رئيس مجلس ادارة البنك فقد لخصت كلماته الأهمية الكبيرة لهذا التوقيت الممتاز الذي توفقت فيه إدارة البنك التجاري لتحقيق الصفقة بقوله: إن هذه الشراكة جاءت في وقت تتعزّز فيه روابط قطر وتركيا السياسية والثقافية والتجارية.

ويضيف في كلمته في الاحتفال الذي أقيم بهذه المناسبة ومع وجود هذه الروابط الوثيقة سنتطلع جميعًا الى المزيد من الفرص ومزيد من الاستثمارات المشتركة.

ويضيف السيد حسين الفردان العضو المنتدب للبنك التجاري الى هذا البعد بقوله: إننا سنعمل في ظل اقتصاد يتسم بالحركة والنشاط الاقتصادي الواسع وفي ظل وجود مؤشرات واعدة بنمو مستقبلي على المدى الطويل وفي بلد له ارتباط تاريخي وثقافي واستراتيجي بالمنطقة وهذا أمر رائع. كذلك فإن الاستحواذ يمثل خطوة مهمّة تمّت في اطار استراتيجية البنك التوسّعية خارج إطار مجلس التعاون الخليجي.

ومن المهم هنا الاشارة الى العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية المتينة التي تربط بين البلدين. وأكثر من ذلك مهم ملاحظة التطوّرات المُثيرة في العلاقة بين تركيا ودول منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج العربية. وضمن هذا السياق تأتي جملة من الحقائق حول تركيا الاقتصادية والتي تجعل لدخول البنك التجاري الى هذه السوق الكبرى والمتنامية وفي هذا التوقيت بالذات أهمية لافتة . ومن ذلك أن الاقتصاد التركي يحتل المرتبة الخامسة عشر بين أكبر اقتصادات العالم. وتتمتع تركيا بمعدّل نمو سنوي أكثر من 5 % منذ عام 2002 .

ويعتقد كثير من المراقبين بأنها ستصبح بحلول 2020 بين الاقتصادات العشرة الأقوى في العالم.

وتزداد العلاقات الاقتصادية والمالية بين تركيا ودول المنطقة العربية ومن بينها قطر تقاربًا وبشكل ملحوظ. حيث تمثل صادرات تركيا لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى حوالي 28 % من جملة صادرات تركيا، وهو ضعف مستوى صادراتها خلال السنوات الخمس الماضية.

وزادت صادرات تركيا الى الدول العربية بمعدل 11 ضعفًا خلال العقد الأخير فيما نمت وارداتها من الدول العربية إلى حوالي 12 ضعفًا. وبلغ حجم التجارة البينية العربية - التركية حوالي 50 مليار دولار في عام 2012.

وارتفعت قيمة الاستثمارات التركية في منطقة الشرق الأوسط من حوالي 5 مليارات دولار إلى أكثر من 34 مليار دولار في أقل من عشرة أعوام.

ولذلك لا بدّ من النظر الى عملية الاستحواذ كخطوة تأتي ضمن سياق أوسع فهي تنسجم مع الواقع القطري الاقتصادي الذي يشهد نموًّا قويًّا، ووضع اقتصادي قوي ومستقر تؤكدها البيانات المالية لدولة قطر كما تؤكدها البيانات الصادرة عن المؤسسات المالية العالمية . وهي خطوة تؤكد أيضًا على الوضع القطري المالي القوي والذي بات يبث اشارات قوية تبعث الحيوية في الاقتصاد العالمي الذي لايزال يعاني من وطأة الأزمة المالية العالمية.

كما تنسجم مع عمليات الاستحواذ الكبرى والاستثمارات التي نفذتها دولة قطر عبر السنوات القليلة الماضية وتوزعت في كل قارات العالم تقريبًا. وعلى ذلك فإن خطوة البنك التجاري تتمّ ضمن هذا السياق العام الذي يمثل أقوى حافز على انتهاج سياسة باتت مجربة في الدولة . وبالتالي يمكن النظر اليها كحلقة أخرى جديدة في مسلسل الاستحواذات القطرية التي شملت مجموعة كبيرة ومتنوعة من الشركات والاستثمارات حول العالم.

كذلك تعكس خطوة البنك التجاري حاجة البنوك القطرية التي تتمتع بوضع مالي قوي للتوسّع الإقليمي.. وهي - البنوك القطرية - التي تحظى بدعم قوي وتشجيع من جانب الدولة تحفزها على التمدد بأنشطتها المالية لتشمل رقعة واسعة في المنطقة واقليميا في منطقة الشرق الأوسط واستثمار كل الفرص الخارجية، وتزيد من قوة هذا الوجود خارج رقعة دول مجلس التعاون الخليجي الجغرافية. أيضًا هذه الخطوة من جانب البنك التجاري لاشك انها ستزيد من حمى التنافس الخليجي على الاستثمار في السوق المالية التركية الجاذبة والمغرية. وهو تنافس ظل محدودا طوال الفترة التي اعقبت اندلاع الأزمة المالية العالمية 2008 .

وترى صحيفة زمان التركية التي وصفت خطوة البنك التجاري بـ (المهمة والجريئة) في استحواذ البنك التجاري على إيه بنك التركي استجابة قوية للنداء التركي "لقد ظلت الحكومة التركية طوال السنوات الماضية تبذل الجهود في سبيل جذب استثمارات خليجيّة على المدى الطويل في وقت تشهد فيه العلاقات التركية والخليجية تطورًا لافتًا وعميقًا". وتضيف: "الصفقة تدفع باستثمارات قطر - البنك الخليجي السريع - خطوة للأمام في تركيا".

وتؤكد أن القطاع المصرفي التركي المرن قد عمل على جذب انتباه المستثمرين الأجانب في السنوات الأخيرة "ولم يخبئ المستثمرين الخليجيين رغباتهم بالاستثمار في تركيا".

هذه الاشارة المهمّة تشير إلى أن تحقيق هذه الصفقة قد تمّ وسط سباق محموم خليجي وعالمي لايجاد موطئ قدم في السوق التركية الواعدة. فهناك عدد من البنوك الخليجية التي دخلت في صراع قوي لاقتطاع حصة لها في السوق هناك، كل يريد الدخول الى قلب الصناعة البنكية في تركيا. في هذا الإطار كان لعدد من البنوك القطرية مساعي جادّة وفي مقدّمتها البنك التجاري جعلتها تبرز ضمن طليعة البنوك المهتمة بالتواجد في السوق التركية.

وبطبيعة الحال هناك وجود لعدد من البنوك كما هناك تنافس عالمي لدخول السوق التركية يشارك فيه بنوك مثل البنك الهولندي "رابوبنك"، والبنك الصناعي التجاري الصيني (ICBC) ، وبنك ميتسوبيشي الياباني، وبنك انتيسا سانبولو الايطالي، وستاندارد تشارترد البريطاني وهي جزء من مجموعة من البنوك التي تصارع لأجل دخول السوق التركية.

وباختصار يمكن القول إن خطوة البنك التجاري جاءت في توقيت مناسب ليس فقط للبنك وانما تصبّ في مساعي البلدين لدفع عجلة الاستثمارات المشتركة. كما تدعم بدرجة أعلى العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا ودول التعاون الخليجي التي تنمو بقوة واطراد، وفي ظل زيادة ملموسة في حجم النشاط التجاري بين الشركات في السوقين التركي والخليجي. وهذا مايجعلنا نقول بان البنك التجاري قد توفق في اختيار الوقت والاطار السياسي والاقتصادي وبشكل رائع .

إيجابيات وفوائد

هنا لا بدّ من التوقف لتسليط بعض الضوء على حقائق متعلقة بالقطاع البنكي في تركيا. إذ مر هذا القطاع بعملية إعادة بناء وإعادة هيكلة كبيرة وجادّة في أعقاب الأزمة المالية التي عصفت بتركيا عام 2001 . ثم انقلبت الأوضاع الاقتصادية في تركيا خلال السنوات القليلة الماضية وسجلت البلاد معدّلات نمو اقتصادي لافت . وتطور هذا النمو بحيث أصبح الاستقرار والانتعاش الذي تعيشه السوق المالية في تركيا حاليًا مغريًا للعديد من المؤسسات المالية العالمية الكبرى، والتي باتت تتنافس على الدخول الى السوق التركية ومن بينها البنوك الخليجية والقطرية خاصّة.

وبالنسبة لإيه بنك فهو قد تأسس عام 1991 ويحتلّ اليوم مرتبة متقدمة بين أقوى البنوك العاملة في السوق التركية من حيث الأصول، وبما لديه من أكثر من 69 فرعًا في تركيا منتشرة ضمن 25 موقع في أنحاء البلاد.

ويقول السيد تونكاي أوزيلان، رئيس مجلس إدارة مجموعة الأناضول: إن القطاع البنكي في تركيا مستمر في النمو على عكس ما يجري في المنطقة المحيطة بتركيا، ويتمتع بموقف مالي قوي.

ويضيف: إن القطاع البنكي في تركيا سوف يستمر في الأداء القوي والمستقر في السنوات المقبلة على الرغم من حالة الهبوط والصعود الداخلية أو الخارجية.

ويربط تونكاي هذا الوضع الجيّد بالتحالف الجديد مع التجاري "إن الشراكة بين البنكين سوف تحدث إضافة كبيرة على القطاع البنكي التركي . وإن استحواذ التجاري على حصّة الأغلبية في البنك سوف تؤثر إيجابيًّا على علاقات الصداقة القائمة بين البلدين وبين الشركاء في البنكين وبما سيحمله ذلك من انجازات وفوائد مشتركة".

ونضع في الاعتبار هنا حقيقة اشار اليها سعادة السيد عبدالله بن خليفة العطية وهي أن هذا هو الاستثمار المالي الأول والأكبر للبنك في تركيا، بل الأول من نوعه من حيث الحجم الذي ينفذه البنك التجاري ، وهو اول استحواذ لغالبية الاسهم يقوم بها البنك تجاه بنك آخر.

وهي "خطوة هامة يقوم بها البنك" على حدّ تعبير رئيس مجلس إدارة البنك التجاري. ويرى العطية " إن موعد دخولنا إلى السوق التركية قد جاء في توقيت ممتاز .. والبنك التركي يحتل مكانة مرموقة في السوق .. ونتطلع الى ثمرة انضمام البنك الى مجموعتنا حتى يحقق المزيد من النمو شأن جميع البنوك الحليفة لنا".

ويوضح سعادته أن هذه الشراكة تضيف للتحالف القائم "منذ الاجتماع الاول بدا واضحًا أن البنك التركي نموذج للفعالية والادارة الجيدة وطموح ومعدّل الأرباح". كما ان البنك الجديد ينتظر أن يقدم إسهامًا قويًّا في النمو المستقبلي لمجموعة البنك التجاري.

وبالنسبة للبنك التركي فإن التحالف مع التجاري يجعله يدخل ثلاثة أسواق جديدة ومتسارعة النمو ويقدم لعملائه في تركيا امكانية الدخول لهذه الأسواق الجديدة، واكساب العاملين به تجارب جديدة تتاح لهم من خلال الدخول في هذه الاسواق عبر المجموعة.

ويُحدّد سعادة عبدالله العطية هدفًا مهمًّا للتجاري "يهدف البنك التجاري إلى خلق فرص جديدة لعملائه في تركيا وهذه الفرص ستخلق بدورها فرصا إضافية للبنك التركي. وبالنسبة لعملائه وحملة الاسهم به فإن التحالف سيخلق فرصا وقيمة مضافة جديدة".

من جانب البنك التركي، يقول تونكاي أوزيلان في حديثه للزميلة "جلف تايمز" إن البنك التجاري سيرفد البنك التركي بديناميات جديدة للنمو بما لديه من قدرات عالمية ومحلية.

و"بالاضافة الى التعاون الاقليمي، والفرص التي يتيحها التحالف الخليجي ونقل الخبرة والمعرفة المتراكمة ، والشراكة في التقنيات ستفتح افاقا جديدة أمام البنكين ، كما ستمهد الطريق نحو تنسيق المشترك".

ويذهب السيد آندي ستيفنز إلى أبعد من ذلك والغوص في تحديد جانب من اهداف التجاري " إن قطاع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة تمثل مجالا مهما في تركيا وسيمثل محطا لاهتمام مجموعة البنك التجاري" . ويضيف: إن السوق التركية توفر مجالاً للأعمال وعلى أعلى مستوى . وبالتالي يمكن للبنك خلق عمليات عالية المستوى تحظى بقبول ودعم حملة اسهم البنك.

واعتقد ان قيادة البنك التجاري وبهذه الخطوة الجريئة قد حققت أحد اهداف الاستراتيجية الطموحة، وهذا بدوره سيضعهم أمام تحد جديد وكبير. ولا أشك في ان هذه الاضافة الجديدة ستخضع للدراسة في سبيل تحقيق الفائدة القصوى المرجوة منها آخذين في الاعتبار السوق التركية الكبيرة وتنفيذ خطة تعود بأكبر المكاسب والعائدات على البنك وعملائه وحملة أسهمه.

وستضيف المزيد من العملاء الجدد للبنك، وفي نفس الوقت سيقدم المزيد من الخدمات المبتكرة والمنتجات البنكية كما اعتاد على ذلك عملائه ، كما انه وبهذه الخطوة سيفتح السوق التركية امام قطاع رجال الاعمال القطريين لارتياد تجربة جديدة من المؤكد انها ستعود عليهم بمزيد من المكاسب.

وأخيرًا من المسلم به ان هذه الخطوة تفرض تحديا من نوع جديد على ادارة البنك وفرقه الادارية العاملة في التحالف البنكي الرباعي وتدفعه الى تقديم خدمات بنكية أكثر ابتكارا وتنوعا وهذا بدوره يطلق رسالة الى الجميع في قطر وتركيا بأن جسرًا جديدًا قد امتد يسهم في تحقيق الاهداف الكبرى لحكومتي البلدين والشعبين في تعاون اقتصادي وسياسي أعمق تعود فائدته على شعبي البلدين.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.