تشهد دبي انتعاشاً صناعياً حالياً، بفعل المناطق الصناعية الحرة الجذابة من المؤسسات والشركات العالمية ومن المستثمرين المحليين والأجانب وارتفاع الطلب على المنتجات الصناعية في دول مجلس التعاون .
ويسهم القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي للإمارات ب 16 % من إجمالي الناتج المحلي ويتوقع المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة العام 2013 بنسبة تتراوح بين 1 إلى 3% وصولاً إلى 19% ، مشيراً إلى أن هذه الزيادة تعتمد على مدى تحرك السوق العالمي لبعض المنتجات والصناعات الموجودة في الإمارات والخليج .
وبفضل بنية دبي التحتية وجاذبيتها للاستثمارات الخارجية أصبحت الإمارة مركزاً لعدد من الصناعات التحويلية والصناعات الخفيفة والمتوسطة بين مدن الخليج، ما جعلها موطناً لعدد من المنتجات الغذائية والمشروبات والمنتجات المعدنية والإلكترونية، مدعومة بعدد من الحوافز والتجمعات الصناعية والمناطق الحرة .
يقول خالد بن كلبان العضو المنتدب وكبير المسؤولين التنفيذيين في مجمع دبي للاستثمار: إن ذراع الاستثمار في الملكية الخاصة التابعة ل”المجمع” تعمل على رفد القطاع الصناعي في دبي بالعديد من الصناعات التي تعمل فيها شركات :”مشاريع” التي تضم في محفظة شركاتها “لايتك للصناعة” العاملة في مجال تجهيزات الإنارة وشركة “معادن الخليج الفنية” العاملة في مجال إدارة الكابلات وشركة “الخليج للمفاتيح الكهربائية والديناميكية” التي تقدم خدمات متعددة في مجال تصنيع وحدات مراقبة الكهرباء وشركة “أنكور آلايد” الشركة المصنعة للمواد اللاصقة وشركة “الإمارات لسحب الألمنيوم” و”لابتيك” الشركة المتخصصة في تصنيع تجهيزات المختبرات وشركة “ستروميك” المتخصصة في مقاولات الأساسات وشركات “الإمارات للزجاج” و”لوميجلاس” و”الإمارات للزجاج المسطح” التابعة لشركة “زجاج” التي تعتبر أول شركة قابضة للزجاج في الشرق الأوسط، كما تقوم الشركات العاملة تحت مظلة “دبي للاستثمار الصناعي” وهي “دبي للرافعات والخدمات الفنية” و”جلوبال فارما” و”الإمارات لأنظمة المباني الحديدية” .
تعتمد “دبي للاستثمار” التي تأسست عام 1995 معايير عالمية وتستثمر في الكيانات المجدية والمربحة كما تعد أكبر شركات الاستثمار المساهمة في سوق دبي المالي إذ يبلغ عدد المساهمين فيها حالياً “19” ألفاً و”894” مساهماً ويقدر رأسمالها المدفوع بنحو “5 .3” مليار درهم .
ويتجسد هدف “دبي للاستثمار” الرئيس في الاستثمار في الشركات والمشاريع كما أسست شركات يغطي نشاطها مجموعة متنوعة من القطاعات بما في ذلك التصنيع والأغذية والسلع الاستهلاكية سريعة التداول والبيع بالجملة وتمثيل تجارة التجزئة والرعاية الصحية والصناعات الدوائية والعقارات المخصصة للأغراض الصناعية والتجارية وإدارة العقارات وتطويرها والنقل والشحن والتوزيع واللوجستيات والتسويق والمبيعات والطباعة والاتصالات .
مدينة دبي الصناعية
يقول عبدالله بالهول، مدير عام مدينة دبي الصناعية: “نؤمن في مدينة دبي الصناعية أن القطاع الصناعي نظام متكامل لا يمكن أن يعمل بفعالية وكفاءة من دون توافر كل العناصر الأساسية اللازمة من حيث البنية التحتية والطرق والمدن العمالية ومجمعات المكاتب الحديثة، والطاقة وغيرها من المتطلبات الصناعية، ولذلك بنيت مدينة دبي الصناعية لتكون الوجهة الأمثل من حيث توافر جميع هذه العناصر في مكان واحد، لخدمة المستثمرين في القطاع الصناعي” .
وأضاف بالهول أن مدينة دبي الصناعية مثال على التطور الذي يشهده القطاع الصناعي في الإمارات، حيث شهدت كل من مناطق الأغذية والمشروبات والكيماويات والمعادن الأساسية في المدينة معدل نمو كبير خلال العام 2012 .
وشهدت المدينة تزايداً في الطلب على الأرض الصناعية التي يرغب المستثمرون ببناء مصانع عليها، حيث ينشط في المدينة 20 مصنعاً، كما يجرى العمل حالياً على بناء 20 مصنعاً اضافياً في المدينة، وبلغت أعداد المستثمرين المسجلين لدى مدينة دبي الصناعية ما يزيد على 450 مستثمراً .
وبلغ حجم الاستثمارات الخاصة من قبل المستثمرين إلى ما يزيد على ملياري درهم في المدينة لإنشاء مصانعهم ووحداتهم الصناعية، كما قامت مدينة دبي الصناعية باستثمار 4 مليارات درهم في البنية التحتية للمدينة لتوفير خدمات عديدة للمستثمرين مثل الطاقة، والمياه، والطرق، وشبكات الصرف الصحي والري، والاتصالات، حيث تغطى تلك الخدمات حالياً 30% من إجمالي مساحة المدينة البالغة 55 كيلومتراً مربعاً .
وأوضح بالهول مدير عام مدينة دبي الصناعية ان الاستقرار الذي تشهده الإمارات ودبي وسط القلاقل السياسية في بعض الدول العربية في الشرق الأوسط يساهم أيضاً في جذب الاستثمارات الصناعية إلى دبي، واستفادت دبي من موقعها كملاذ آمن في مواجهة القلاقل المحيطة بالمنطقة .
وكان من نتيجة ذلك الارتفاع في عدد المؤسسات الصناعية التي تستهدف أن تتخذ من دبي منصة انطلاق لها للتوسع في المنطقة وشمال إفريقيا، وهي منطقة تتميز بارتفاع الطلب والقوة الشرائية فضلاً عن أن عدد سكانها يتجاوز 424 مليون نسمة، وتتوقع لها الأمم المتحدة أن تنمو بمعدل 10 % سنوياً على المدى القصير من حيث عدد السكان .
ومن أمثلة الشركات العالمية التي اتخذت من دبي مقراً إقليمياً لها مؤسسة نسلة الشرق الأوسط التي فتحت مصنعاً في دبي بتكلفة 136 مليون دولار .
وقد ميزت دبي نفسها بأنها مركز للقيمة المضافة في الصناعات الغذائية فمثلاً تقوم شركة الخليج للسكر، أول شركة لتكرير السكر في منطقة الخليج، باستيراد السكر الخام من البرازيل وتكريره في مصنعها في دبي ثم يتم تصديره إلى المستهلكين من مصانع الأغذية والمشروبات في أنحاء المنطقة .
وتعتبر منطقة دبي الصناعية درة تاج الصناعة في دبي وتعتبر ثاني أكبر مشروع غير عقاري في الإمارة، وتضم المنطقة الصناعية نحو 150 شركة منها شركات كبرى مثل باسف وايكيا، وتشمل أهم الاستثمارات الجديدة مجمع بريان للمعدات، وهو مشروع يتكلف 15 مليون درهم والمتوقع ان يكتمل العام المقبل، والمقر الجديد لمعمل الاختبارات للعلوم الأرضية، ومشروع جديد لانتاج العطور ومشروع للتغليف تطوره مجموعة الرصاصي .
وتسلحت مدينة دبي الصناعية بالمرافق مثل الكهرباء والمياه، والطرق والري والاتصالات، بحيث تكون مركزاً للشركات التي تود الانطلاق من دبي وتعمل المدينة على توفير الموارد اللازمة للمستثمرين وتوفر ما يلزم ل 6 مناطق صناعية حرة في دبي لخدمة الصناعات الرئيسة هي الأغذية والمشروبات ومعدات النقل وقطع غيارها، والآلات الثقيلة، والمنتجات المعدنية، والكيماويات والمعادن الأساسية .
وتطلبت البنية التحتية للمدينة الصناعية حتى الآن مليار دولار والمزمع ان تغطي مدينة دبي الصناعية مساحة 185 مليون متر مربع لتضم نصف مليون نسمة يعملون في القطاع الصناعي، وتضم 30 مصنعاً، عندما يتم الانتهاء منها بالكامل في عام 2015 .
ويستمر الطلب على المساحات في مدينة دبي الصناعية في الارتفاع بدعم من الحملات والمعارض والمناسبات والأحداث التي تقام لهذا الغرض، وفق ما قاله بلهول . وأضاف بلهول أن هناك مفاوضات مع عدد من اللاعبين الكبار في مجال الصناعة يريدون إقامة قواعد لهم في مدينة دبي الصناعية . وسوف يعلن عن بعض من هؤلاء قريباً، ونحاول الحفاظ على قوة الدفع هذه .
“دوبال” قلعة صناعة الألمنيوم في دبي
يقول عبدالله بن كلبان، الرئيس والرئيس التنفيذي ل”دوبال”: إن القطاع الصناعي في دبي أصبح جذاباً وقوياً للغاية، مشيراً إلى أن صناعة الألمنيوم هي أكبر قطاع غير نفطي في الإمارات حالياً والألمنيوم عبارة عن سلعة والبنوك تحتفظ بالمعادن على سبيل الاستثمار وتبيع دوبال منتجاتها حالياً لأكثر من 300 عميل في 435 دولة في انحاء العالم . ويبلغ انتاج المصنع الذي يمثل 7 إلى 9 % من القطاع الصناعي في الإمارات، 03 .1 مليون طن سنوياً، ويتم استخدام 10 % من الإنتاج في السوق المحلية ويتم تصدير 90 % منه إلى الخارج .
وقال ابن كلبان: في الثمانينات اعتدنا ان نصدر 80 % من منتجاتنا إلى آسيا، غير اننا غيرنا تركيزنا بعد الأزمة الآسيوية إلى أسواق أخرى في العالم، برغم أن السوق الآسيوية تمثل أهمية كبيرة لنا لكننا نصدر الآن إلى تونس والمغرب ومصر وسوريا والأردن ولبنان ونصدر 17 % من انتاجنا إلى أوروبا؟
وأضاف أن “أحدث أسواق صادرات “دوبال” هي أمريكا الجنوبية التي بدأنا التصدير اليها في 2011 وبحلول 2015 نخطط لتصدير 50 ألف طن إلى تلك الأسواق، خاصة البرازيل وشيلي وفنزويلا . وقال ابن كلبان: إن أسعار الألمنيوم تراجعت بسبب الأزمة العالمية إلى 1300 دولار للطن، برغم ان عام ،2009 بعد بداية الأزمة، كان عاماً جيداً على دوبال . وعلى الرغم من أن بعض الشركات خفضت الإنتاج والعمالة وأوقفت مشاريع التوسع، فقد قمنا نحن بالعكس .
وقال ابن كلبان: إن تركيا سوق قريبة منا ونعتقد أن صناعة الألمنيوم مزدهرة هناك لكننا بدأنا بيع الألمنيوم إلى تركيا وعندما نعتاد السوق التركية سوف نستثمر في تقنيات أعلى . ونحن نصدر 25 ألف طن إلى تركيا سنوياً ونحن نفكر أيضاً في دخول السوق التركية، حيث نريد أن نبيع إلى أسواق أخرى عن طريق تركيا” .
قطاعات داعمة للصناعة
يرى أحمد بن حسن الشيخ، رئيس مجلس إدارة شركة “دوكاب” أن القطاعات التي تقود النمو في الإمارات حالياً وعلى رأسها التجارة والسياحة بالإضافة إلى قطاع اللوجستيات المتمثل في الموانئ والمطارات يمكنها أن تساهم في رفد قطاعات مثل الصناعة كقطاع اقتصادي يمثل المستقبل بالنسبة للإمارات وذلك من خلال التخديم عليها بزيادة التصدير أو الترويج لها محلياً وعالمياً .
وأضاف الشيخ: “إن القطاع الصناعي على وجه الخصوص في دبي والإمارات عامة لا يزال يكافح في ما يتعلق بالتحديات التي تواجهه وعلى رأسها ارتفاع أسعار الطاقة وكلف التشغيل بشكل عام وكذلك تحدي التصدير والمنافسة في الخارج وبالتالي فإن القطاع الصناعي لا يزال بحاجة إلى دعم قطاعات أخرى وعلى رأسها التجارة واللوجستيات خصوصاً لتوفير قيم مضافة للصناعة الوطنية” .
ويشير الشيخ إلى تزايد مساهمة قطاعات الصناعة والتعليم والصحة في زيادة الاستثمارات المحلية وكذلك جذب رؤوس أموال خارجية ومن هنا تأتي أهميتها كقطاعات واعدة يجب الانتباه إليها والتركيز على سبل النهوض بها في المرحلة المقبلة وتذليل كافة العقبات والتحديات التي تواجهها خاصة بعد تراجع القطاعات التقليدية في الاستثمار وعلى رأسها العقار والأسهم بسبب تبعات الأزمة العالمية، الأمر الذي صب في مصلحة قطاعات أخرى كان أهمها القطاع السياحي والصناعي والتجارة، حيث بلغت نسبة النمو في الأخير 14% خاصة في قطاع الصناعة الغذائية الذي كان ينمو في الأوضاع العادية بنسبة 8% فقط سنوياً .
الاستثمارات الصناعية
يؤكد خلف بن سيف العتيبة، الرئيس التنفيذي ل?مجموعة شركات العتيبة? أن الاستثمار في قطاعات وعلى رأسها القطاع الصناعي والتعليم والصحة لابد أن يربط بخريطة الاستثمار الحقيقي كونها استثمارات حقيقية وطويلة الأمد وعلى اعتبار أنها مجالات استثمارية متعاظمة في الأرباح على مر الزمن .
ويضيف أن الصناعة بحاجة ماسة إلى دعم وربط بقطاعات مثل التجارة والسياحة من حيث البيع محلياً والتصدير عبر التجارة إلى الخارج، مشيراً إلى إمكانية انفراد الإمارات بتصنيع العديد من المنتجات التي يتم استيرادها من الخارج وبالأخص المنتجات المتعلقة بصناعة النفط،كما يمكن التركيز على الصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا كونها صناعات لا تحتاج إلى عمالة كثيفة،كما يمكن ترسيخ العديد من الصناعات المرتبطة بالقطاع الصحي والتعليمي كذلك .
ويؤكد العتيبة أن توفير البنية الملائمة للاستثمار في الصناعة والتعليم والصحة من خلال التشريعات المنظمة لابد أن يقابله توفير الركائز الأساسية للاستثمار في هذه المجالات مثل توفير الأراضي الصناعية كاملة المرافق والطاقة بسعر مناسب وربط الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم بالواقع المحلي يمكن أن يوفر المزيد من الدعم لنمو الاقتصاد الوطني .
ويشير العتيبة إلى أن إمكانية جذب رؤوس أموال للاستثمار في الصناعة وقطاعي الصحة والتعليم أمر ممكن إذا ما تم العمل على تذليل العقبات التشريعية والتمويلية بالإضافة إلى سرعة إنجاز المعاملات في الدوائر والوزارات فضلا عن تخفيض الرسوم الحكومية كأبرز التحديات التي تواجه الاستثمار في أي دولة .
ضرورة إعداد خريطة للاستثمار الصناعي بالدولة
أوصى تقرير حديث أعدته شركة “تروث للاستشارات الاقتصادية”، المتخصصة في الاستشارات والأبحاث بضرورة الإسراع في إصدار قانون الصناعة الجديد باعتباره مصدر التشريع الخاص بالقطاع الصناعي، والدعوة إلى إنشاء وزارة مستقلة للصناعة تعنى بهذا القطاع الهام ويسند إليها مهمة إعادة هيكلة وتنظيم القطاع الصناعي ورسم السياسات ووضع الخطط الاستراتيجية لهذا القطاع على مستوى الدولة .
وأوصى التقرير ضرورة إعداد خريطة للاستثمار الصناعي بالدولة وتحديد أهم الأنشطة التي يجب أن تتبناها الاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية لجذب الاستثمار الأجنبي للدخول في الأنشطة الصناعية المختلفة ونقل التكنولوجيا ومن ثم توطينها، وإنشاء وتشجيع ودعم جهات التمويل المتخصصة لتقديم خدماتها إلى هذا القطاع بخلاف مصرف الإمارات الصناعي . كما أوصى التقرير بإنشاء هيئة مستقلة لدعم وتنمية الصادرات الصناعية .
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}