في سبتمبر أيلول الماضي وقف الناس لساعات خارج مقر إعمار العقارية أكبر شركة تطوير عقاري في دبي منتظرين فرصة لشراء وحدات في مجمع للشقق الفاخرة.
ولم تكن أعمال البناء في المجمع الذي يقع في منطقة راقية في دبي قد بدأت بعد لكن المشترين ومن بينهم أجانب من أوروبا وآسيا إضافة إلى مواطنين اماراتيين كانوا يتوقون للحصول على الشقق وعلى استعداد للتعاقد بناء على خطط البناء.
وكان بعضهم يأمل في تحقيق مكسب حتى قبل استكمال الوحدات من خلال بيع وحدته إذا ارتفعت أسعار العقارات. ويشبه هذا المشهد -ولو على نطاق أضيق- ما حدث في فقاعة دبي العقارية التي تكونت في منتصف العقد الماضي حين دفعت المضاربات المحمومة أسعار العقارات للارتفاع بشدة.
ومن خلال وضع حد أقصى للإقراض العقاري لمح مصرف الامارات المركزي هذا الأسبوع إلى أنه مصمم على عدم السماح بتكون فقاعة أخرى.
وقد تضمن هذه القواعد الجديدة التي وضعها البنك المركزي نمو الدولة الغنية بشكل أكثر استقرارا مما حدث على مدى العقد الماضي من ازدهار وركود. لكن تلك القواعد قد تضر أيضا التعافي الوليد في سوق العقارات إضافة إلى أن الطريقة المفاجئة التي ظهرت بها تسلط الضوء على مخاطر القيام بأنشطة أعمال في مناخ تنظيمي لا يمكن التنبؤ به.
وقال مصرفي في بنك تجاري بأبوظبي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا للحساسية السياسية والتجارية للموضوع "لم تكن هناك أية مشاورات حول تلك المسألة...إنه قرار من جانب واحد اتخذه المصرف المركزي.
"ليس من المعقول تقييد الإقراض للمغتربين في الوقت الذي تشهد فيه سوق العقارات بداية التعافي."
وأرسل المصرف المركزي تعميما للبنوك التجارية يوم الأحد ينص على ألا تتجاوز القروض العقارية الممنوحة للأجانب 50 في المئة من قيمة العقار في المرة الأولى لشراء منزل و40 في المئة لعمليات الشراء التالية للمنازل.
وتم وضع حد أقصى للمواطنين الاماراتيين عند 70 في المئة من قيمة العقار في المرة الأولى لشراء منزل و60 في المئة لعمليات الشراء التالية.
ويشكل الأجانب نحو 80 في المئة من سكان دولة الامارات البالغ عددهم حوالي ثمانية ملايين نسمة وهم مشترون رئيسيون في مناطق محددة يسمح لهم بتملك العقارات فيها.
وقال جوراف شيفبوري رئيس قسم أسواق رأس المال لدى جونز لانج لاسال للاستشارات "تتم نحو 30 إلى 40 في المئة من مبيعات المنازل والعقارات التجارية في الامارات من خلال التمويل العقاري. يقدر مصرفيون أن حوالي 60 إلى 70 في المئة من عملاء التمويل العقاري في البلاد مغتربون."
لذا فإن القواعد الجديدة للمصرف المركزي وهي مشابهة لقواعد في دول أخرى من بينها سنغافورة قد يكون لها تأثير كبير على القطاع العقاري.
وقال شافان بوجيتا رئيس وحدة استراتيجية الأسواق ببنك أبوظبي الوطني "عندما تنفذ تلك القواعد فإنها قد تأخذ معها بعض الفوران في سوق العقارات السكنية من منظور المبيعات.
"ورغم ذلك فعلى الأمد البعيد أو من منظور استراتيجي أعتقد أن تلك الخطوة ستساعد على إبعاد المضاربين عن السوق وهذا قطعا جانب إيجابي."
والسؤال الذي طرحه كثير من المصرفيين والمطورين العقاريين الاماراتيين هذا الأسبوع هو هل تسرع المصرف المركزي في قراره بما قد يهدد التعافي في سوق العقارات الذي بدأ يظهر فقط في الأشهر القليلة الماضية؟
وهبطت أسعار العقارات في الامارات أكثر من 50 في المئة في الفترة بين عامي 2008 و2011 الامر الذي أدى الى أزمة ديون للشركات في دبي كان من نتائجها إعادة هيكلة ديون تقدر بمليارات الدولارات.
وفي 2012 بدأت أسعار السكن تنتعش في بعض أنحاء دبي وعاودت شركات التطوير العقاري وضع خطط لإقامة مشروعات للاسكان الفاخر.
وقال محمد علي ياسين العضو المنتدب لدى أبوظبي للأوراق المالية إنه لا يعتقد أن القواعد الجديدة ستنهي التعافي في سوق العقارات لكنها ربما تبطئ وتيرته.
وتابع "ستواجه البنوك التي تقرض حاليا ما يصل إلى 85 في المئة من قيمة العقار تحديات للتعامل مع سقف الإقراض العقاري الجديد."
وأضاف أن نحو 40 في المئة من الإقراض المصرفي في الامارات يتجه إلى شركات عقارية.
وهناك جانب آخر في التعميم أثار قلقا وهو صدوره على نحو مباغت. فقد قال مصرفيون من بنوك تجارية إنهم فوجئوا بتلك الخطوة ودعوا إلى اجتماعات على مدار اليوم الأخير من عام 2012 لتقييم تأثير ذلك على أعمالهم.
وقال كثير منهم إنهم يريدون معرفة تفاصيل لم ترد في التعميم الموجز.
فعلى سبيل المثال لم يتم تحديد إطار زمني للتنفيذ ولم يتضح بعد ما إذا كانت القواعد ستؤثر على القروض العقارية القائمة أم لا.
وقال سوفو ساركار المدير العام للتجزئة المصرفية لدى بنك الامارات دبي الوطني أكبر بنك في دبي "لا يزال الوقت مبكرا لتحليل التداعيات.
"سنجري اتصالات مع المصرف المركزي قريبا جدا لاستيضاح بعض المسائل مثل الإطار الزمني للتنفيذ."
ولم يتسن الوصول إلى مسؤولين بالمصرف المركزي للحصول على تعليق يومي الأحد أو الإثنين لكن صدور التعميم بشكل مفاجئ يثير تساؤلات حول ما إذا كان المصرف المركزي ينسق بشكل وثيق مع القطاعات الأخرى في الحكومة.
وقالت تقارير لوسائل إعلام محلية إن شركة التطوير والاستثمار السياحي الحكومية بأبوظبي وقعت اتفاقا مع مصرف أبوظبي الإسلامي في ديسمبر كانون الأول للبدء في تقديم تمويل عقاري للمستثمرين يبلغ 100 في المئة من قيمة العقار بما يصل إلى 30 مليون درهم (8.2 مليون دولار) لشراء منازل فاخرة في جزيرة السعديات بأبوظبي.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت القواعد الجديدة ستطبق بصرامة حيث حاول المصرف المركزي في السابق تنظيم إقراض البنوك التجارية لكنه تراجع بعد أن احتجت البنوك.
وأعلن المصرف المركزي في أبريل نيسان أن البنوك سيتعين عليها اعتبارا من 30 سبتمبر الالتزام بحد أقصى لإقراض الكيانات المرتبطة بالحكومة لكن بعض البنوك الكبرى كانت متجاوزة لتلك الحدود حين انقضى الموعد النهائي المحدد.
وفي ديسمبر أعلن المصرف المركزي تجميد تلك القواعد ريثما يتشاور مع البنوك.
وربما حدت التوقعات بأن تواجه القواعد الجديدة المصير نفسه من انخفاض أسهم شركات التطوير العقاري والبنوك الإماراتية أمس الإثنين.
وهبط سهم إعمار العقارية 1.6 في المئة فقط.
ورحبت إعمار -وهي مملوكة جزئيا للإمارة- بالقواعد الجديدة وقالت في بيان إن قرار المصرف المركزي سيساهم في دعم القطاع العقاري من خلال تشجيع المشترين الجادين على الاستثمار في العقارات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}