ألقت المذكرة القانونية التي قدمتها شركة اجيليتي في دعم طلب المدعى عليه لرد لائحة الاتهام، والتي سبق ان نشرت «الراي» فصولها الاولى في عدد الخميس الماضي، بظلال جديدة من الشك على نوايا أميركية مخبأة ضد الشركات الاجنبية التي لا تحظى بشعبية هناك، في وقت أوضحت فيه الشركة «الكويتية» ان نقل البضائع عبر منطقة القتال لم يكن الخطر الوحيد المحيط بـ «المخازن العمومية سابقا». اذ ان الشركة تعرضت مع ذلك الى ما لا يقل عن 3 مخاطر كبيرة لجهة الوقت وخطر القاعدة العسكرية في العراق ووضع البضائع في قوائم الجرد.
واعربت «اجيليتي» في دفاعها امام محكمة اتلانتا الاميركية عن قلقها من هذه القضية، حيث قبضت الشركة في هذا الخصوص على اعتبارين رئيسين، اولهما ان الحكومة الاميركية تلقت منافع نتيجة اداء شركة المخازن العمومية لاكثر من خمس سنوات، وكانت على علم بكل هذه المزاعم التي ساقتها لتقديم الاتهام، ورغم ذلك تم تجديد عقد الشركة 3 مرات ما يطرح علامة استفهام كبيرة على سبب وجود هذه المواقف المتحركة للجانب الاميركي؟
ثانيا، منعت الحكومة نفسها دون اصدار حكم قضائي منظم صادر عن الهيئات المدنية المرعية لتسوية خلافات في العقود الحكومية، والحق في الاجراءات القانونية تمنع الحكومة من الصاق المدعى عليه بالمسؤولية الجنائية عندما تكون الادعاءات بالسلوك الاجرامي في مجملها تستند على قرار غامض في العقد.
وقالت «اجيليتي» للمحكمة الاميركية في اتلانتا ان هذه المبادئ وهي حجر الاساس للعب العادل والاشعار المناسب تمنع الحكومة من جعل المدعى عليه يعتقد ان بعض هذه التصرفات قانونية ومن ثم وبعد سنوات لاحقة تقوم بتوجيه الاتهامات الجنائية بالاستناد عليها.
ومن الواضح من دفاع «اجيليتي» انها حاولت غير مرة الحد من مجال المناورة المتاح مستقبلا أمام الاميركان في حال تغير رأس النظام لديهم، وتحولت القناعات الى ذلك من تأييد الحرب على العراق الى مناهض لها، وهو ما اوضحته رسالة الكترونية مرسلة من الموظف المتعاقد تيموني دلو غاكابكي الى «اجيليتي» في رده على استفسار ارسلته الشركة في شأن تبيان مدى حقها في الاحتفاظ بجميع الحسومات المشروطة موجهة الدفع لنفسها أم للاميركان؟ وهو ما اجاب عنه دلوغاكابكي بان «التخفيضات أو الحسومات التي تلقاها المورد الرئيسي من مورديها نتيجة الدفع الفوري أو في اي وقت مبكر ليس مطلوبا منه».
لكن بخلاف العقود الاخرى، فان مركز فيلادفيا للامداد لم يفاوض «اجيليتي» لتزويد الجيش الاميركي في الشرق الأوسط بالمواد الغذائية، في الاساس بحثا عن البائع الرئيسي الذي يقدم ادنى الاسعار، كما لم تقض المتطلبات ان يحصل البائع الرئيسي عند اختياره على ادنى الاسعار الممكنة من مورديه وهي حقيقة شهد عليها نائب الادميرال كيت ليبرت مدير الوكالة الأم لمركز فيلادفيا للامداد امام لجنة الخدمات المسلحة البرلمانية، حيث بدلا عن ذلك وضعت العقود «dscp» مسؤولية ضمان ان الاسعار التي تحصل عليها «اجيليتي» هي عادلة ومعقولة.
وبحسب رواية الشركة فان العنصر الاساسي في اختيار «اجيليتي» مقاولا في زمن الحرب كان قدرتها على اداء هذه المهمة المهمة في ظروف صعبة وفي بعض الاحيان مميتة، اذ اتمت الشركة عملها بصورة ممتازة، رغم الظروف الخطرة والتي ادت الى موت 33 موظفا لديها واصابة اكثر من 200 وخسارة عدد كبير من المعدات والسيارات، علما بان «اجيليتي» حققت معدل تعبئة بنسبة اكثر من 99 في المئة في تسليم الطعام الى القوات الاميركية في العراق والكويت والاردن وقطر.
ومن الواضح من مذكرة الشركة ان نزاع الاميركان مع «اجيليتي» يضعهم على طرف نقيض مع بعضهم البعض، ففي حين ابدى مركز فيلادفيا للامداد سروره الكبير باداء الشركة، الى الدرجة التي منحها عقد بائع رئيسي جديد موسع بعد انتهاء العمل بالعقد «pv» الاول عام 2005، والاشادة على اداء الشركة بشكل متكرر ومارس سلطته الاختيارية بتمديد العقد لها في 2007 و2008 و2009. بفضل العقود واسعة الحجم والنطاق والمخاطر الجمة فيها، اضافة الى المدة الزمنية المطلوبة في اداء العقد والتي تنضوي على تأمين مئات الالوف من وجبات الطعام الى القوات على مدى سبع سنوات تقريبا، حيث تتجاوز كلفة هذه العقود 2 مليار دولار.
تسعى الحكومة الاميركية وبعد انتفاعها من اداء «اجيليتي» المتميز في تنفيذ عقود البائع الرئيسي، الى حل ما هو غامض في العقد من خلال اعادة صياغة لهذه العقود من اجل خلق اتهام جنائي. باتهام مثقل بلغة تعاقدية معقدة، تستند على مجموعة من الادعاءات غير المنسجمة مع طبيعة الخلاف على تفاصيل التعاقد، الا ان ما هو ملحوظ في هذه الادعاءات انها تفتقد لاركان الاتهام الجنائي، حيث لم يدع الاتهام ابدا ان الشركة تقاضت ثمن طعام لم تقم بتسليمه حقا، كما لم يدع الاتهام بان الشركة كذبت بشأن نوعية أو كمية الطعام التي سلمتها بالفعل.
واذا كانت الحكومة الاميركية تسعى اليوم الى تجريم سلوك سبق وان صدقت عليه غير مرة، فانه مهما كانت الاسس الوجيهة لتفسيرات الحكومة للعقد فهي لا ترقى الى التحايل الجنائي، فعلى حد تعبير محكمة الدائرة الاولى بالكويت في خلاصتها حول عدد من هذه الادعاءات التي وجهت ضد «اجيليتي» فمن الواضح جدا لهذه المحكمة بان المسألة المطروحة امامها هي نزاع مدني تم تلبيسه مظهر تهمة الاحتيال جنائيا، خصوصا وان الاتهام يفتقر لاساس وجيه أو الى القصد الجرمي.
ودفعت «اجيليتي» في طلبها برد الاتهام، بانه لا يجوز السماح للحكومة الاميركية باستخدام الصيرورة الجنائية لجعل المحكمة تساعدها في اعادة صياغة شروط العقد التي سبق ووافقت عليها الحكومة وكتبتها واستفادت منها، اضافة الى انه لا يجوز ان يسمح للحكومة الاميركية بتجريم عدم الامتثال بمتطلبات تعاقدية غير موجودة.
اضافة الى ذلك فان الحكومة الاميركية كانت على علم بالادعاءات التي يستند اليها الاتهام الموجه الى الشركة، من خلال قبولها لاداء «اجيليتي» من اكتوبر 2005 حتى 2010.
وخلصت «اجيليتي» في طلبها رد الاتهام بان هذه القضية هي نزاع حول العقد والتي تحاول الحكومة الاميركية بشكل غير صحيح تحويله الى اتهام جنائي، فيما تنضوي هذه القضية على مقاضاة مبتدعة ضد شركة اجنبية لا تحظى بشعبية، استجلبت للمقاضاة بعيدا عن وطنها، ما يجعل هذه القضية مقلقة.
أسباب تبدد مزاعم الحكومة الأميركية
1- فشلت الحكومة في الادعاء ببيان أو عمل كاذب من قبل «اجيليتي».
2- تستند مزاعم الحكومة كاملة على تفسيرها المفضل لشروط العقد الغامضة، والذي ينفي اي ادعاءات بالنية للاحتيال من قبل «اجيليتي».
3- عمدت الحكومة في الواقع الى التصديق على سلوك تسعى اليوم الى تجريمه.
وبالنسبة للعديد من الاتهامات لا تزعم لائحة الاتهام تقديم «اجيليتي» لبيان كاذب، اذ ان السبب المزعوم هو ارتفاع الرسوم التي يمكن ان تتقاضاها من مركز فيلادفيا للامداد، حيث لا تدعي الحكومة الاميركية في اي مكان ان «اجيليتي» عمدت الى تغيير أو اخفاء حجم العبوة المستخدمة فعلا للمنتج الذي تسلمه ولا الكلفة التي تتقاضاها، كما لا تدعي الحكومة ان الشركة قامت بالتلاعب بالفواتير، ومن ثم لا تستطيع الحكومة الاجابة عن السؤال البدهي، في اي دعوى احتيال تتحدث؟
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}