كشف السيد محمود حيدر رئيس برنامج " بيتش هيد " النيوزلندي في الشرق الأوسط، في حوار خاص أجرته "الشرق"، أن الشركة القطرية لتجارة اللحوم والمواشي " مواشي"، تتفاوض حالياً مع الجانب النيوزلندي، لاستيراد الأغنام والأعلاف من نيوزلندا، والتي تأتي ضمن خطة الأمن الغذائي التي تحرص الدولة على تحقيقها، إلى جانب تنويع أنواع الأغنام المستوردة من الخارج في الأسواق المحلية، خاصة بعد الأزمات السياسية التي اجتاحت بلدان المراعي والتي قللت من نسب التصدير الخارجي، مؤكداً أن الاستيراد القطري من نيوزلندا يتركز على اللحوم الحمراء ومشتقات الألبان المختلفة، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 575 مليون دولار أمريكي، مشيراً إلى أن هناك العديد من الجهات المحلية تتواصل دائماً مع الجانب النيوزلندي، كشركة حصاد الغذائية، ومواشي، ووزارة التربية والتعليم، والمستشفيات الحكومية، إلى جانب جهات أخرى تهتم بتقنيات وتكنولوجيا الطاقة النظيفة والأبنية الخضراء ومعالجة المياه والتربة، كما أن هناك اهتماما مشتركا بين البلدين في قضايا الأمن الغذائي والتصنيع ذات الأساس العضوي في المقام الأول، إلى جانب الاهتمام الرياضي، وقد بدأت العلاقة بين قطر ونيوزلندا منذ أكثر من 10 أعوام، في النواحي الصحية والتعليمية، ليضاعف التعاون اليوم في القطاعات الاقتصادية والبيئية، ومجالات الطاقة والأمن الغذائي، وهذا ما ساعد على تبادل الخبرات والتجارب، كما أن نيوزلندا تتمتع بأدوار كبيرة تجاه القضايا العربية، مما يجعلها من الدول الغربية المميزة، التي لها مواقفها السياسية والاقتصادية الخاصة، وهو ما يتشابه مع المواقف القطرية على المستوى العربي، هذا وأشار حيدر إلى أن الوفد النيوزلندي قام هذه المرة، بالاجتماع مع عدد من المؤسسات القطرية كغرفة تجارة وصناعة قطر، ووزارات بالدولة، حول سبل التعاون في المجالات المختلفة، في الصحة والزراعة والثروة الحيوانية، والصناعة والتجارة، والغذاء، وتقنيات التكنولوجيا والبناء الأخضر، ومعالجة التلوث.
كما عقد برنامج " بيتش هيد " الثلاثاء الماضي ندوة متخصصة، حول رؤية قطر 2030، وتم خلالها استعراض الفرص الاستثمارية القطرية، أمام الشركات النيوزلندية، وذلك لتعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين، وقد صقلت هذه الندوة على أساس علمي، من خلال برنامج عمل تمت متابعته من قبل الوكالة الحكومية للتجارة وإنشاء الشركات، التي تتخصص بدراسة ومتابعة الأسواق والصادرات والاقتصاد بشكل عام، ويتابع كذلك من قبل رجال الأعمال في القطاع الخاص النيوزلندي، ويتم التواصل مع هذه الشركات دورياً في الدوحة والدول الأخرى، وإصدار التقارير الفورية التي تبين حالة هذه الشركات من جميع المناحي، مع تقييمها في كل دولة، وتكون هذه البيانات تحت إشراف المستشارين في الـ " بيتش هيد "، الذين يتولون دور الاستشارة للشركة النيوزلندية، وإسداء النصح إليها، بالتوجه إلى البلدان التي تتفوق فيها الاستثمارات الأجنبية، وفتح المجال كذلك للشركات النيوزلندية المنتجة في نيوزلندا، لإمكانية تصدير بضائعها بما يتلاءم مع احتياجات الدول المستوردة، فهي حلقة متكاملة بين الشركة النيوزلندية في موطنها الأم، وبين القطاعين الحكومي والخاص، وهذا ما يختص به برنامج " بيتش هيد" الذي يتمتع بالبعد الاستراتيجي.
شفافية الاقتصاد القطري
وعن الاقتصاد القطري أشار السيد حيدر إلى أن قطر تمثل الاقتصادات العربية والعالمية، من حيث سرعة النمو والشفافية، وقابلية جذب الاستثمارات الخارجية إليها، وكما هو ملاحظ فإن الشركات التي تبحث عن فرص استثمارية تتجه سريعاً إلى الدوحة، وذلك للمردود الربحي الذي يمكن تحقيقه على المدى القصير، وهي مركز صالح للدخول إلى الشرق الأوسط، ولدى قطر أيضاً القابلية لأن تكون منصة لاستثمارات مجدية على المدى الطويل، وأضاف: فمن الصعب أن نجد أسواق فيها جدوى مغرية، وجذب للمستثمر، على المستويين القصير والطويل في الوقت ذاته، ولكن قطر استطاعت أن تجمع بين الاثنين وبكل جدارة، التي جعلت من أسواقها سوقا عالميا مفتوحا، يبعث المستثمرين على الثقة والارتياح، فنحن نعلم تماماً أن هناك أسواقا عالمية مغرية وجاذبة، ولكن من الصعب الدخول إليها بغرض الاستثمار، وهذا يدلل على أن دولة قطر تعني بالتخطيط الاستراتيجي للاقتصاد والاستثمار بكل وضوح على أراضيها، ولدول المنطقة والعالم، ولديها قصد واضح جداً جعلها تتمتع بشفافية عالية ملفتة للغاية، خاصة مع عنايتها التامة بالحصول على أفضل الخبرات والخيارات وهذا ما نعتبره أمرا فريدا من نوعه، فأنا كاستشاري أزور بلدان عديدة بشكل دائم، ويمكنني القول إن الدوحة توفر أفضل الفرص الاقتصادية للشركات والمؤسسات التي تبحث عن الريادة والتميز، وهذا راجع إلى الشفافية الحكومية التي تتمتع بها قطر، إلى جانب حصولها على مكانة في التنافسية العالمية، التي جعلت المستثمر يندفع بقوة نحو الاستثمار فيها، لوجود البيئة الصالحة للأعمال المختلفة، كما أن التنافسية تفتح شهية المستثمرين الأجانب لزيادة استثماراتهم في البلاد.
100 مؤسسة قطرية
كما تحدث حيدر عن الشركات النيوزلندية في قطر حيث قال: تتواجد حالياً 52 شركة نيوزلندية في قطر، تتعاون مع ما يفوق على 100 شركة قطرية، وقريباً ستفتتح شركتان نيوزلنديتان، مكاتب لها بالدوحة، بعدما تناقشنا معها الأربعاء الماضي خلال اجتماع خاص، والحقيقة هناك رضا عام بين الشركات النيوزلندية على المستوى المحلي، ومن بينها شركة " كوجنشن " التعليمية، التي افتتحت في قطر عام 2003، وهي الأولى في تقديم خدمات التعليم والاستشارات التعليمية في نيوزيلندا، ولاحظنا عمق العلاقة التي نشأت منذ ذلك الحين، حيث كانت قطر النقطة الرئيسية، التي انطلقوا من خلالها إلى دول الخليج العربي، كدبي وأبو ظبي، حيث وصل عدد مستشاريهم إلى 150 مستشارا، ويقدمون مساعدتهم التربوية إلى 65 مدرسة قطرية، التي تقوم بمهمة مراجعة البرامج وعملية تصنيف التلاميذ، وعمل تقييمات للمعلمين، ودعم البرامج الحكومية في مجال التعليم، وكما نعلم فالتعليم هو الحجر الأساسي في رؤية قطر 2030، فالدوحة تميزت بهذا الاهتمام بين دول المنطقة، كما جاري البحث في الوقت الراهن بين الجانب القطري والنيوزلندي لاستقطاب جامعات نيوزلندية، على مستوى عال من الاهتمام والجدية، خاصة وأن كفاءة وقدرة هذه الجامعات لا تختلف عما تتمتع به الجامعات الأمريكية والأوروبية، ولكنها أقل شهرة.
يتمثل الاستثمار الحقيقي لنيوزلندا في الشركات النيوزلندية سواء على المستوى المحلي في بلدها، أو تلك التي تنتشر حول العالم، التي تحصل على الدعم الكبير من قبل حكومة أوكولاند، من خلال مجموعة من البرامج لمساعدتها ومساندتها من أجل الانفتاح على المستوى العالمي، وإتاحة الفرص لها، وفي هذا الإطار تقوم الوكالة الحكومية النيوزلندية للتجارة وإنشاء الشركات، بدعم الشركات النيوزلندية كافة، وتطويرها بما يتلاءم مع منظومة التجارة العالمية، وتشتمل تلك البرامج الخاصة على: تدريب العاملين، والتخطيط الجيد للشركة، وضمان حمايتها الفكرية والقانونية، ودراسة منتجات الشركات، وطريقة تصنيعه، والنظر في مدى إمكانية حصولهم على المواد الأولية، إلى جانب الاطلاع على الشروط والضوابط الاقتصادية في العالم، من أجل تأهيل منتجات أي شركة لإمكانية التصدير للخارج، كما توفر الوكالة المعلومات والبيانات كافة، بالإضافة إلى الدورات التأهيلية والتدريبية في هذا المجال، التي من شأنها أن تخدم أصحاب الشركات في نيوزلندا، وتوجهاتهم الاستراتيجية في مجال الأعمال، ويمكن القول إن برنامج " بيتش هيد " هو من أكثر البرامج تخصصاً في التركيز الاستراتيجي للشركات.
مساندة حكومية
فمن أصل 12 ألف شركة تعمل مع الوكالة الحكومية النيوزلندية للتجارة وإنشاء الشركات، يتم اختيار 500 شركة منها للدخول ببرامجها المباشرة والمتخصصة، وأقل من 100 شركة منها، تؤهل للدخول في برنامج " بيتش هيد "، والتي يمكن وصفها بأكثر الشركات حيوية ونشاط وقابلية للنمو، وهذه الشركات تزور العديد من دول العالم، الذين يخضعوا للدراسة من قبل القائمين على البرنامج في نيوزلندا، ثم يأتي دورنا في الـ " بيتش هيد"، حيث نتصرف كمجلس إدارة لأي شركة نيوزلندية، فنقوم بالتعريف بهذه الشركات في بلدان الشرق الأوسط، نبدأ بمتابعتها منذ لحظة الدخول للأسواق، وطريقة اختيار الفرص الاستثمارية المتاحة، والنظر في أهدافها التسويقية والدعائية، وكيفية عمل شراكات حقيقية مع نظرائهم في هذه الدول، كما ننبه هذه الشركات للمحاذير التي يجب أن يتنبهوا لها، لمراعاة عادات وثقافات الآخرين، كما نشرح لهم النطاق القانوني الخاص بكل الدول المراد الاستثمار فيها، والتغييرات الخاصة بوضع الأسواق العربية، ولذلك فالاستثمارات هي حماية حقيقية للشركات بحسب إمكاناتها ومقدراتها المالية، وفتح آفاق جديدة لها في البلدان التي تتوافق تطلعاتها لإمكانات هذه الشركات، كالتعليم والصحة والأمن الغذائي وغيرها من القطاعات.
زيارات خليجية
هذا واختتم السيد محمود حيدر رئيس برنامج " بيتش هيد " النيوزلندي، حديثه لـ " الشرق ": ستكون لنا زيارات قادمة إلى دول مجلس التعاون الخليجي ولكنها مازالت قيد التخطيط، إلى كل من: السعودية والكويت والإمارات، وإلى دول عربية: كبيروت وعّمان والقاهرة، وسوف تشتمل هذه الزيارات على برنامج عمل حول استثمارات الشركات النيوزلندية في هذه البلدان، والحقيقة كانت دبي من الدولة السباقة كذلك في المنطقة في استقطاب الشركات، منذ أكثر من 15 سنة، مع الطفرة الاقتصادية التي مرت فيها خلال تلك الفترة، ولكن اليوم نجد أن قطر تحتل الصدارة بين دول المنطقة في جذب الاستثمارات الخارجية، وتتمتع باقتصاد واعد، مع توجه الحكومة القطرية الرشيدة بالاهتمام الكبير بالبنى التحتية، التي تعتبر أساسا رئيسيا لجميع المجالات والقطاعات المختلفة، إلى جانب اهتمامها بالصحة والبيئة والتعليم واقتصادات المعرفة، هذه جميعها استثمارات فعلية تخدم الحاضر والمستقبل، كما أن نيوزلندا ترحب بالمستثمرين القطريين، خاصة مع التشابه الكبير بين البلدين، وعمق العلاقات بينهما في الكثير من القطاعات الحيوية، كما أن هناك تقاربا في وجهات النظر والاحتياجات، فالمستثمر المحلي يمكنه أن يجد استثمارات متوازنة في نيوزلندا، تحقق له أرباح وجدوى اقتصادية مثمرة على المستويين القصير والطويل، مع شركاء نيوزلنديين، فالمجال مفتوح والقوانين الاستثمارية واضحة ومريحة للراغبين بالخوض في مجال الاستثمار.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}