في تقرير خاص لها عن صناعة الخدمات اللوجستية في الشرق الاوسط، قالت مجلة ميد ان الموانئ في دول الخليج سجلت انتعاشا بطيئا في اعقاب التراجع الذي تعرضت له التجارة الدولية نتيجة الازمة المالية العالمية، باستثناء السعودية التي سجل نشاط الموانئ فيها اداء قياسيا خلال العام الماضي، بزيادة نسبتها %8 في عمليات المناولة والشحن عما كانت عليه في عام 2009، في حين شهد ميناءا جبيل وجيزان ارتفاعا في حجم الخدمات بلغ %65، ورغم المناخ السائد الذي ينطوي على تحديات مالية كبيرة، فان الاقتصاد السعودي مازال مزدهرا مع زيادة في احجام التصدير والاستيراد.
واضافت المجلة انه فيما تراجع دول اخرى في المنطقة خططها لتوسيع موانئها وزيادة طاقتها التشغيلية، فان الارقام المتوفرة توحي بان الموانئ السعودية مازالت في حالة ازدهار قوي، في ظل التزام المملكة بانفاق نحو 385 مليار دولار ضمن خطتها التنموية الخمسية 2014/2010، الامر الذي يحمل الكثير من الفرص لصناعة الخدمات اللوجستية مع توقع استمرار ظاهرة النمو، اما في بقية دول مجلس التعاون فان الصورة تبدو اقل يقينا في ظل استمرار مخاوف من تولد طاقة احتياطية زائدة عن الحاجة.
استقطاب الشركات
من ناحية اخرى، قالت ميد ان نشاط الخدمات اللوجستية في المنطقة بات يستقطب الشركات من خارج دولها، لاسيما الشركات التي ترغب في توحيد ودمج نشاطاتها للانطلاق منها الى تنفيذ عقود كبرى في قارة افريقيا وشبه القارة الهندية والدول العربية الاقل تطورا.
وقالت ان نحو 40 شركة خدمات لوجستية اجنبية اقامت لها قاعدة في دولة الامارات في عام 2008، فيما قامت شركة سيفا للخدمات اللوجستية في سبتمبر 2008 بتوسيع قاعدة نشاطاتها في الشرق الاوسط بما يتجاوز 800 مليون دولار.
وقد حمل العقد الماضي في جعبته توسعا كبيرا في الخدمات اللوجستية في الشرق الاوسط لاسيما في فترة الذروة بين عامي 2003 و2008 حيث كانت الشركات تكافح لتضمن لها موطئ قدم في المنطقة، ومن الملاحظ ان معظم تلك النشاطات تركزت في الامارات لاسيما على الشركات التي لها قاعدة سوق قوية في دبي.
تراجع النشاطات
وقالت ميد ان الركود اصاب منطقة الشرق الاوسط متاخرا عن دخوله الاسواق المتقدمة، وما ان حل عام 2009 حتى بدات النشاطات الاقليمية بالتباطؤ حيث توقفت البنوك العالمية عن الاقراض، وتفجرت ازمة ديون دبي حيث ادت الى توقف طفرة البناء في الامارة وتراجعت عمليات الشحن واعادة الشحن في المنطقة في غمرة تراجع عالمي في احجام التجارة بدءا من اكتوبر 2008.
وكان من نتيجة هذا التراجع ان توقفت البيانات الصحافية التي كانت تتغنى بها الشركات اللوجستية العالمية والتي كانت تتحدث عن اندماحات ومشاركات وافتتاح مكاتب جديدة في الشرق الاوسط، والتزمت هذه الشركات الصمت تماما فيما يتعلق بخططها الحالية والمستقبلية.
تباطؤ الاندماجات
وقالت ميد ان عمليات الاستحواذ والاندماج منيت بتباطؤ شديد حيث حولت الشركات انتباهها الى الداخل، وحلت عبارات مثل تقليص التكاليف والانكماش محل التوسع واقامة المشاركات في اسواق جديدة.وقد اعلنت الكثير من الشركات عن فوائض في طاقتها ومن بينها شركة اجيليتي الكويتية ودبي وورلد الاماراتية، في حين اعلن الجانب الاخر عن تخفيض التكاليف التشغيلية.
ونسبت ميد الى المدير التجاري في شركة غلف تينر التي تتولى ادارة ميناء الشارقة كيث نوتال قوله «ان معظم اللاعبين على الساحة اللوجستية توقفوا لالتقاط نفس عميق، كما ان نشاطات الاستحواذ والاندماج كانت غائبة عن الساحة في عام 2009، غير انه كانت ثمة دلائل على بدء الانتعاش من جديد العام الماضي، في حين كانت الشركات في غمرة الطفرة، تناضل من اجل الحصول على مساحات تخزينية وعمليات نقل وخدمات هيكلية اخرى، الامر الذي خلق طفرة قوية في نشاطات التخزين والطلب على المساحات اللازمة لاستخدامها كمكاتب».
لوجستيات الأسواق الناشئة
على ان السوق بقي هادئا حتى منتصف عام 2010 حيث لم يكن هناك اهتمام يذكر بالتوسع.وفي الوقت الذي بدات فيه الثقة بالعودة الى السوق، بدأت ملامح توحي بان الانتباه يتجه الى المنطقة ولكن من خارج منطقة دول مجلس التعاون، حيث كانت هناك مجموعة من الصفقات والعقود التي تستهدف افريقيا وشبه القارة الهندية والدول العربية التي تعتبر اقل تطورا.
وفي نهاية عام 2010 اعلنت شركة ارامكس الاقليمية العملاقة عن سلسلة من الاستحواذات في آسيا حيث اشترت حصة الاغلبية في شركة ماليزية وشركتها الفرعية في بنغلاديش.وقامت ارامكس التي تتخذ من دبي مقرا لها بزيادة مساهمتها في شركة ارامكس تركيا لتستحوذ عليها بالكامل، بالاضافة الى نشاطات اخرى قامت بها الشركة في فيتنام، كما انتهت من الاستحواذ على شركتين للوجستيات السريعة في كينيا في مارس 2011، وستمتد هذه النشاطات انطلاقا من نيروبي وممباسا الى تنزانيا ورواندا واوغندا.
ويقول فادي غندور مؤسس الشركة ان هذه الاستحواذات تعتبر مرحلة جديدة من النمو والتوسع، انها بداية توجه الشركة نحو التوسع في الاسواق الناشئة.
مرحلة صعبة
في غضون ذلك، تقول شركة اجيليتي انها ستستخدم قاعدتها في الشرق الاوسط محطة انطلاق لمرحلة جديدة من التوسع في كل من مصر وافريقيا جنوب الصحراء.وفي دول التعاون، فان الشركة تعتقد ان الاسواق السعودية وسوق ابو ظبي ودبي توفر افضل الفرص واقواها على المدى المتوسط للنمو والتوسع.
وعلى الرغم من ان الاشهر الثمانية عشر الماضية كانت صعبة بالنسبة لشركات الخدمات اللوجستية في دول التعاون، الا ان ثمة تطورات ايجابية في الاسواق، ومن هذه الايجابيات تزايد اهتمام الشركات العالمية متعددة الجنسيات بالعمل في المنطقة، وخصوصا اولئك الذين حاولوا العمل خارج نطاق المراكز الاقليمية ذات التكلفة العالية في اوروبا، وقد بدأوا الآن افتتاح فروع لهم في المنطقة.
ونسبت ميد الى نائب المدير الاقليمي للمبيعات في شركة اجيليتي محمد عيسى قوله «اننا نستشرف فرصا جديدة من النمو الذي نشهده من خلال تقارب الشركات والمؤسسات متعددة الجنسيات مع اسواق المنطقة.ففي الماضي على سبيل المثال كانت الخدمات التي تحتاجها صناعة الادوية والصناعات الصيدلانية تقدم لها من خلال مراكز التوزيع في اوروبا، وقد بدات هذه الشركات الآن باحضار منتجاتها الى هذه الاسواق في مناطق مثل جبل على، وادى الركود الى الاستعانة بالكثير من الشركات من الخارج».
واضاف عيسى «في اسواق مثل الشرق الاوسط، يعتبر الاحتفاظ بمزودي خدمات يعتمد عليهم وقادرين على اقتحام الاسواق خارج نطاق البيروقراطية، من الامور الحاسمة والمهمة، ومن هنا كانت اهمية الاستعانة بخدمات شركات اخرى حيث ان الشركات العالمية ليست ميالة الى الاستثمار في قطاع اللوجستيات ولكنها تميل الى استخدام خدماتها، انها الآن تركز على المبيعات والتسويق».
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}