في كتاب (اتجاه التطلعات) لجون مريام وجول ماكور حيث يتم شرح تأثير الإعلام على خلق التوجهات والتأثير عليها.
ومن ضمن وجهات نظر الكتاب هو أن الفرد يستطيع أن يفكر في مجموعة من الحالات حيث تكون الرغبة في التعرف على أفكار جديدة أو التحقق من مشكلات معينة لإبعاد القلق عن أفكار مغايرة أو مشكلات أخرى.
وكثيرا ما نرى المعلنين يركزون على نقاط فرعية لصرف نظر المراقبين عن قضايا رئيسية.
ويشير الكتاب إلى مجموعة من الإعلانات التجارية عن بعض المواد الغذائية تركز على لذة الطعم ورونقه دون التطرق إلى قيمته الغذائية.
إذا ما نبحث عنه حقا هو الجوانب الأخرى من كل المعطيات.
وكلنا يعلم انه ما وجد داء إلا وجد له الدواء. وان التعرف على واقع وحقيقة الموضوع بشكل متروٍ ودقيق، يجعل الدارس للحالة يعزف عن اتخاذ إجراءات أو قرارات خاطئة.
ولما كان الكي آخر العلاج وبتر عضو آخر الحلول فإن تصفية الأعمال بشكل عاجل يجب أن تكون آخر الخيارات المتاحة.
ولكي اربط ما سيق من حديث مع واقع سوق الأسهم في المملكة فإني وددت أن أوضح بعض الحقائق التي قد تغيب في هذه المعمعة عن المساهم البسيط، والذي أتمنى أن يتحول إلى مستثمر له أثره الإيجابي على السوق.
وسوف أورد باختصار العوامل التي يجب أن يضع لها حامل الأسهم اعتبارا قبل أن يتخذ قرارا بالحكم على قيمة استثماراته وذلك من خلال الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: نتائج أعمال الشركة: تعد النتائج الإيجابية للشركات المحققة للأرباح من أحد أبرز المؤشرات المطمئنة لحامل الأسهم من توافر عوائد ربحية مضمونة في نهاية السنة المالية للشركة، دون الإخلال في أصل رأسماله، سواء تم توزيع الأرباح بالكامل أو جزء منها أو دورت كأرباح مجمعة للدخول في توسعات مستقبلية دون إرهاق الشركة بالقروض.
فإذا كان العائد على الاستثمار يصل في إجماليه إلى 25% وهو متحقق لكثير من الشركات السعودية فذلك يعني أن استرداد رأس المال سيتم في أربع سنوات.
ولو انخفض الصافي إلى 15% وتم توزيع ما نسبته 10% فإن رأسماله سيسترد في سبع سنوات تقريبا، مع احتفاظ المستثمر الأصلي بأصل استثماره.
وعليه فان اتخاذ قرار بالبيع هو قرار غير صائب.
أما إذا نظرنا للمشكلة كما فلسفها الكتاب على أنها انخفاض في القيمة السوقية للسهم دون أي معايير قياسية أو علمية تحدد هذا السعر فان هذا التصور سوف يطرد أو يشل التفكير عن النواحي الأخرى التي أغفلتها الضوضاء حول معدلات المؤشر.
الحقيقة الثانية: توافر النقد والسيولة: لا شك أن هناك فوارق بين الأرباح المحققة نظريا وبين التوازن في المحقق من نتائج الأعمال وترجمة هذا المتحقق في توافر إمكانية توزيع أرباح نقدية.
فإذا عجزت الشركة عن دفع مديونياتها أو توزيع أرباح أو شراء أصول إنتاجية جديدة رغم ربحيتها الكبيرة، فان هذا قد يعطي مؤشرا على خلل في إدارة الشركة.
إلا أن هذا الخلل يجب ألا ينصرف مباشرة على تحطم قيمة السهم السوقية بل يظل الربح مسيطراً على التأثير على قيمة السهم ما لم تصل الأمور إلى درجة من الخطورة بحيث تصبح مديونية الشركة تتفوق على إمكاناتها على السداد لمدد طويلة الأجل.
ويمكن قياس ذلك من قبل كل مساهم من خلال قراءة القوائم المالية في نهاية العام التي في معظمها منشورة في الصحف المحلية.
الحقيقة الثالثة: قيمة حقوق الملكية الدفترية: من المؤشرات المهمة في التعرف على حقيقة قيمة السهم هو حجم حقوق الملكية في نهاية العام، حيث في معظمه يشمل على رأس المال مضاف إليه الأرباح الحالية والاحتياطيات ثم مجمع الأرباح أو مجمع الخسائر.
وان الفرق بين القيمة الاسمية للسهم وبين نصيب السهم في إجمالي حقوق الملكية يعطي مؤشراً حالياً على مدى التغير في قيمة السهم خلال سنوات التشغيل للشركة دون تجاهل ما تم توزيعه من أرباح أو أسهم انشطارية أو مجانية.
وهذا التحقق يجب أن يتم قبل اتخاذ قرار بالبيع ويجب ألا يستحوذ ما يشاع حول أسواق الأسهم وانخفاض أقيامها في الآونة الأخيرة على تفكير المساهم فيدفعه بقرار البيع دون النظر إلى هذه الحقيقة.
الحقيقة الرابعة: القيمة الحالية للشركة: لا شك أن اتخاذ قرار البيع يعني اتخاذ الفرد قرار بتصفية شراكته في الشركة من جانب واحد دون أن يؤثر على حقيقة وواقع الشركة، ففي معظم الحالات يكون الخاسر هو متخذ قرار التصفية.
ذلك أن الشركة رغم انخفاض قيمة أسهمها في سوق تداول الأسهم ولو كانت في بعض الظروف محققة لخسائر، لا يعني بالمطلق في أحيان كثيرة ولا يعكس القيمة السوقية للشركة فيما لو طرحت للتصفية.
فالأصول تقيم وفقا لقيمتها الشرائية وكثيراً منها ما يخضع لمعدلات إهلاك متفاوتة وقد تكون مجحفة.
ولهذا فإن مجموع صافي الأصول قد لا يعبر حقيقة عن قيمتها السوقية فيما لو عرضت للبيع، حيث نجد أن أقيام الأصول في أحيان كثيرة أعلى من القيمة الدفترية لهذه الأصول.
وعلى ذلك فان متخذ قرار بيع أسهمه يكون قد بنى قراره على تقييم غير دقيق لقيمة هذا السهم. ونرجع مرة أخرى إلى أهمية التركيز على جوانب مهمة بالنسبة للمساهم وصرف النظر عن أفكار مغايرة تجعله يتخذ القرار الخاطئ.
الحقيقة العامة: من المهم جدا أن ينظر المساهم الفرد إلى هذه الحقائق الأربعة منفصلة ثم ينظر إليها مجتمعة لكي يصل إلى حقيقة واضحة حول مستقبل استثماراته، ويتيقن على أساسها أن كثيرا من الاستثمارات أو الملكيات في شركات معينة قد لا تتكرر إلا بدفع المبالغ الطائلة، خصوصا تلك التي لها مستقبل واضح ومؤكد.
وكما قيل آنفا، يجب ألا يصرفنا الطعم والنكهة عن القيمة الغذائية. بمعنى يجب ألا يشغلنا الشكل والمظهر عن المضمون.
هذا لمن يدير استثماره بنفسه أما بالنسبة لمن لا يملك حق قرار البيع والشراء فاني أدعو له بالعون من الله.
الحقيقة الإعلامية: لا شك أن تركيز القنوات الفضائية على عرض شريط الأسعار والتحدث اليومي عن اتجاه المؤشر العام للسوق صعوداً وهبوطاً يعد وفق فلسفة الكتاب هو إشغال الذهن بموضوع محدد دون استعراض الموضوعات الرئيسية التي تهم المستثمر.
وكم تمنيت أن ينهض من يقوم بتحليل يومي لأداء الشركات شركة شركة واستعراض إنجازاتها ومشاريعها غير السرية، وقدرتها المالية وقوتها الائتمانية بما يعزز الثقة في الشركة، فينصرف الاهتمام بالنواحي التي تهم المستثمر بدلا من الاستمرار في ترويج فكر المضاربة.
وأرى أن الاكتفاء بعرض مؤشرات السوق في نهاية النشرات الإخبارية أفضل من وضع المشاهد في متابعة غير مجدية وكأننا نشاط مباراة كرة قدم أو سباق هجن.
حقيقة سعر السهم وفقا للسوق: يظهر في شريط الأسعار سعر السهم وفقاً للسوق، أرى أن هذا التحديد واستنتاج سعر السهم وفقا لما يقدمه العارض والطالب هو سر الإشكالية في انحدار المؤشر، خاصة في سوق ثبت للكثير أنها لا تتمتع بثقة الأمانة الافتراضية من قبل المتداولين.
وارى إعادة دراسة معادلات استنتاج قيمة السهم السوقية التداولية وفقا لمعطيات تتناسب وطبيعة السوق والظروف المحيطة وسلوك المتداولين، وإني أرى أهمية أن يضيف المساهم هذه الحقيقة إلى مجموعة الحقائق السابقة.