نبض أرقام
04:01 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

درء صراعات نووية واستنزاف الخصوم.. كيف تستخدم أمريكا الاقتصاد العالمي كسلاح؟

2019/06/27 أرقام

في عام 2002، شعر العالم بالقلق إزاء احتمال نشوب صراع نووي بين الهند وباكستان كان ليودي بحياة الملايين، وبدا هذا الخطر حقيقيًا مع توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا مواطنيهما بمغادرة المنطقة، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز" استعرض كيفية نزع فتيل الأزمة.

 

 

الكاتب الصحفي الشهير"توماس فريدمان"مغرم بالقول إن الشركات الأمريكية وخاصة "ديل" طالبت مورديها الهنود وتحديدًا "وايبرو" بالعمل على تهدئة الأوضاع أو وقف التعامل معهم، وبالفعل هدأت التوترات، وربما كانت المخاوف بشأن الخروج من سلسلة توريد "ديل" ما حال دون الكارثة.

 

صاغ "فريدمان" بعدها عبارة "نظرية ديل لمنع الصراعات"، ويقصد بها أن أي بلدين، لن يخوضا حربًا ما داما جزءًا من سلسلة التوريد العالمية نفسها، ورغم أنه لم يكن جادًا تمامًا في ذلك، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل كان على حق؟

 

نزوة "ترامبية" أم نهج أمريكي؟

 

- أحد الأمثلة على هذه النظرية، هو قرار واشنطن الأخير بمنع تعاون الشركات الأمريكية مع "هواوي"، ما يحرم شركة الاتصالات الصينية من الاستعانة برقائق "كوالكوم" ونظام تشغيل "أندرويد"، وأيضًا عندما هدد "دونالد ترامب" بفرض تعريفة جمركية على واردات بلاده من المكسيك لمعالجة مشكلة الهجرة.

 

- قد تبدو هذه التصرفات استثنائية لوجود "ترامب" في سدة الحكم، لكن رغم أن أي رئيس آخر سيتصرف بمزيد من الانضباط، يبدو من غير المرجح أن تتخلى الولايات المتحدة عن نهجها الحاد واستخدام سطوتها في الاقتصاد العالمي.

 

 

- أبرز أستاذا السياسة في جامعتي جورج واشنطن وجورج تاون "هنري فاريل" و"أبراهام نيومان" مصطلح "الترابط المسلح"، والذي اختاراه كعنوان لمقال حديث نشر بمجلة "إنترناشونال سكيورتي"، وأشارا خلاله إلى إمكانية استخدام سلاسل التوريد والشبكات الرقمية للمراقبة ومنع الوصول إلى بعض الخدمات الحيوية.

 

- كلتا المهمتين تتطلبان وجود أجهزة بيروقراطية معينة يصعب تفكيكها بمجرد إدخالها إلى حيز العمل، ما يشرح لم أن ما يحدث الآن من قبل الولايات المتحدة أكثر من مجرد كونه نزوة لرئيس أمريكي استثنائي بات يعرف بـ"رجل التعريفات".

 

أمريكا تحصل على ما تريد

 

- بالنظر إلى شبكة التواصل المالية الدولية "سويفت"، فهي لا تتعامل مباشرة مع تحويلات الأموال بين المصارف، لكنها توفر خدمة آمنة ، تجعل هذه التحويلات أمرًا ممكنًا وجديرًا بالثقة.

 

- "سويفت" هي شركة خاصة مقرها بروكسل، ووجدت نفسها الصيف الماضي طرفًا رئيسيًا في مطالب الولايات المتحدة بقطع العلاقات مع البنوك الإيرانية، وهو ما رفضه الاتحاد الأوروبي، لكنها اضطرت في النهاية للانصياع لرغبة واشنطن أواخر عام 2018.

 

 

- هذا مؤشر على قوة الضغط الذي يمكن للولايات المتحدة أن تمارسه إذا كانت مصممة على القيام بذلك، وبالنسبة لواشنطن، فمن باب الأمان أن تهاجم مصالح خصومها كالإيرانيين عبر شبكة تواصل مصرفي في أوروبا بدلًا من استخدام أحد تشكيلات سلاح البحرية.

 

- الولايات المتحدة ليست أول قوة عظمى عالمية تفكر في استخدام شبكات المال والاتصالات كسلاح للحرب، وفي أوائل القرن العشرين، كانت الاقتصادات الحديثة مدعومة بشكل متزايد من التمويل المعقد، حينما التفت بريطانيا إلى دور لندن في الأنظمة العالمية للمصارف والتأمين البحري والتلغراف.

 

- هذا الدور اقترن آنذاك بقوة البحرية الملكية، لذا فخططت أنه في حال اندلاع الحرب مع ألمانيا، يمكن استخدام هذه الشبكات للحفاظ على الاقتصاد البريطاني في الوقت الذي تسحق هي فيه خصمتها الأوروبية اقتصاديًا.

 

العالم لن يتحمل التسلط كثيرًا

 

- رغم أن الخطط البريطانية في أوائل القرن العشرين بدت معقولة، لكن يجدر القول إن الصدمة والمخاوف الاقتصادية فشلت في تجنيب العالم الحرب العالمية الأولى أو تقليص مدتها ووحشيتها، فهل من الحكمة استخدام أمريكا لنفوذها الاقتصادي بشكل أكثر وضوحًا؟ وهل على الدول الأخرى تدشين شبكاتها الخاصة؟

 

 

- بعدما أقامت مركزًا رئيسيًا للتمويل من خلال "وول ستريت" ومكانة الدولار العالمية، وحازت دورًا جوهريًا في الشبكات الرقمية بفضل وادي السليكون والتمويل المبكر من البنتاغون في الإنترنت، فإن تفوق الولايات المتحدة قد ينطوي على انتهاكات عدة.

 

- كلما سعت أمريكا إلى إجبار الآخرين عبر مكانتها الفريدة في النظام المصرفي والإنترنت، زاد الحافز لتطوير بدائل تدفع بها خارج المنظومة العالمية، مثلما فعلت "هواوي" بتطويرها نظام تشغيل خاصا بها للجوالات الذكية، ومثل نظام الدفع الأوروبي "إنستكس".

 

- في الظروف العادية، لا تبدو مثل هذه المحاولات تلقى اهتمامًا كبيرًا، لكن إذا ضغطت الولايات المتحدة بقوة على النظام العصبي للاقتصاد العالمي، فإن منافسيها وحلفاءها سيبحثون عن سبل أخرى لتخفيف الضغط.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.