مع بداية يوليو، ستصبح فترة التعافي والنمو الاقتصادي الأمريكي الحالية هي الأطول منذ عام 1854، فمعدل البطالة عند أدنى مستوى في 49 عاماً بينما ارتفعت أسعار الأصول قرب مستويات قياسية، ولكن تقريراً نشرته "فاينانشيال تايمز" تحدث عن أن طول هذه الفترة ربما يكون مقلقاً.
وألمح الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض معدل الفائدة مجدداً بفعل عدم اليقين حول الرؤية الاقتصادية وضعف التضخم، ويتسبب هذا الأمر في مخاوف بشأن مدى السرعة التي سيتحول بها البنك المركزي من تشديد سياسته النقدية برفع الفائدة إلى الاستعداد لتيسيرها، وذلك لتجنب الركود القادم.
شكراً لإنهاء "بريتون وودز"
- قال "دويتشه بنك" في ورقة بحثية إن الاقتصاد الأمريكي أصبح يمر بفترات تعافٍ ونمو طويلة على مدار العقود الأخيرة، فمنذ عام 1982، أصبح طول الفترة بمثابة أمر عادي جديد.
- ربما يرى متفائلون أن هذا الأمر صحي ويرجع إلى تغيرات هيكلية إيجابية وتحسين خيارات السياسة النقدية للفيدرالي مما جعل الاقتصاد أقل عرضة للصدمات.
- أشار محللو بنك "جولدمان ساكس" إلى تحسن إدارة المخزونات والإمدادات خاصة في القطاع التكنولوجي بأمريكا الأمر الذي انعكس إيجابيا على دوائر الأعمال، كما استفاد الاقتصاد من أنشطة الشركات في التصنيع خارج البلاد، وفي نفس الوقت، قللت صناعة النفط الصخري الأمريكية مخاطر التأثر بصدمات أسعار الخام التي تسببت في ركود سابق.
- يسلط طول فترات تعافي الاقتصاد الأمريكي الضوء على مدى تحسن الرؤية في الاقتصاد في عالم يشهد تطورا تكنولوجيا وعولمة ودمجا وتكاملا صينيا في منظومة السوق وزيادة التبادل التجاري عبر الحدود وانتعاش الإنتاجية والنمو – في الوقت الذي راجع فيه التضخم.
- منح انتهاء العمل بنظام "بريتون وودز" المصرفيين بالبنك المركزي الأمريكي المزيد من المرونة في توسيع فترات التعافي الاقتصادي لأن القلق بشأن الحفاظ على علاقة ثابتة بين الذهب والدولار قد انتهى.
- نتيجة لذلك، تراجعت وتيرة تعرض الاقتصاد الأمريكي للركود، ولكن في نفس الوقت، ارتفعت مستويات الدين العام والخاص بفعل تمكن الحكومات حول العالم من تمويل عجز موازناتها واستفادت الشركات من الفائدة المنخفصة التي أقرتها بنوك مركزية.
الأسواق تعرف أفضل
- مشكلة ارتفاع الدين العام في أمريكا تسبب قلقا لدى الكثيرين في الآونة الأخيرة، وعكست هذه المشكلة عوامل سلبية أخرى كامنة في الاقتصاد الأكبر في العالم على مدار السنوات الأخيرة من بينها زيادة عدم المساواة وضعف الأجور.
- تبنى الديمقراطيون والجمهوريون بالكونجرس الأمريكي نهج "الأسواق تعرف أفضل" منذ ثمانينيات القرن الماضي لأنه سمح لهم بتجنب اتخاذ خيارات وقرارات غير مفضلة.. فلماذا الاختيار بين "العصا والجزرة"؟
- يجب معرفة أن الركود أمر عادي ومألوف للاقتصادات كما أنه جزء من الرأسمالية، ولا يمكن تجنبه لو أصبح حتمي الحدوث، ويرى محللون أنه كلما طالت فترة التعافي الاقتصادي، كانت صدمة تعرضه للركود أشد، ومن ثم، فإن طول الفترة ليس جيدا بالضرورة.
- ربما كان من الضروري تدخل الساسة في انهيار "ليمان براذرز" عام 2008 لتجنب انهيار أكبر، ولكن يجب الاستعداد حالياً لأزمة مماثلة وربما أكثر عنفاً، ففترات التعافي الطويلة ينتج عنها ثمار جيدة يليها حركات تصحيحية في الأسواق ثم عادةً ركود.
- ارتفعت ديون الشركات غير المالية من 35% بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي عام 1985 إلى 46% حالياً، ورغم ذلك، فإن نسبة التعثر في سداد تلك الديون ظلت ضعيفة على مدار 15 عاماً.
- في هذه الأثناء، يريد البيت الأبيض الإبقاء على الفائدة عند مستويات منخفضة حتى انتخابات عام 2020 على الأقل، كما هاجم الرئيس "دونالد ترامب" البنك المركزي الأوروبي بسبب ما يراه من سياسة نقدية (غير عادلة) تتسبب في خفض قيمة اليورو والحصول على ميزة تنافسية على حساب الدولار – على حد وصفه.
- على أثر كل هذه التكهنات، تبقى التقديرات منحصرة بين زيادة الإنتاجية خاصة في شركات التكنولوجيا مما يعني المزيد من الرخاء والرفاهية في الاقتصاد الأمريكي، وإما التعرض لركود أشد وطأة بعد طول فترة التعافي والنمو.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}