ربما يتسابق الكثيرون في مختلف الاقتصادات على وظيفة مدخل بيانات على لوحة مفاتيح "كويرتي" – وهي اختصار للأحرف الموجودة في الصف الأول من اليسار على اللوحة – من خلال إظهار قدراته السريعة في الكتابة بعدد الكلمات في الدقيقة، وتساءل تقرير نشرته "بي بي سي": كيف أصبح هذا المنتج ذائع الصيت؟
صمم لوحة مفاتيح "كويرتي" الأمريكي من "ويسكونسن" "كريستوفر لاثام شولز" حيث باع أول آلة كاتبة عام 1868 لجامعة بشيكاغو، وكانت الآلة مصممة لمشغلي "التليجراف" الذين يكتبون بشفرة "مورس"، وبالتالي، فإنها مصممة لتناسب الكتابة بسرعة.
البداية
- فاز تصميم "كويرتي" في نزاع قانوني خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر، حيث كانت "E Remington an Sons" قد استولت على تصميم "شولز" وطرحت الآلة الكاتبة للبيع في الأسواق مقابل 125 دولارا – ما يعادل ثلاثة آلاف دولار بقيمة يومنا هذا.
- كان هذا المبلغ دخلاً شهرياً للعديد من الموظفين الإداريين في ذلك الوقت، وبالتالي، كان يصعب على الكثيرين شراؤها.
- لم تكن الآلة الكاتبة الوحيدة في ذلك الوقت، فقد وُصف "شولز" بأنه الشخصية الثانية والخمسون التي تبتكر آلة كاتبة، ولكن تصميم لوحة مفاتيح "كويرتي" كان بمثابة اختراع في حد ذاته.
- وفرت شركة "ريمينجتون" دورات تدريبية على استخدام لوحة "كويرتي"، وظهرت بجانب أربعة منافسين آخرين عام 1893، وكان الغرض الرئيسي للجميع تحقيق أكبر قدر من المبيعات والسيطرة على هذا السوق دون التفكير في المستقبل وأنها أصبحت الشكل الأساسي للوحات أجهزة إلكترونية.
تصميم "دفوراك"
- عام 1932، صمم "أغسطس دفوراك" لوحة مفاتيح مبسطة كانت تجمع الحروف الأساسية والأكثر استخداماً بالقرب من بعضها البعض كي يسهل الكتابة بشكل أسرع.
- عملت البحرية الأمريكية على دراسة في أربعينيات القرن الماضي أظهرت أن تصميم "دفوراك" كان الأفضل، وتم تدريب العديد من الكتَبة على استخدامها، ولكن لماذا لم يتحول الجميع لاحقا إلى هذا التصميم؟ الإجابة كانت في صعوبة التغيير.
- كان تصميم "كويرتي" قد أصبح ذائع الصيت عالمياً قبل ولادة الخاص بـ"دفوراك" بكثير، وتم تدريب غالبية الكتبة على استخدام "كويرتي" كما استثمرت الشركات الكثير في ذلك.
- بالتالي، كان سيصعب التغيير إلى تصميم جديد حتى لو كان أسهل، إضافة إلى إعادة التدريب على "دفوراك" والإنفاق مجددا، لا سيما أن العديد من الأسواق كانت تستخدم "كويرتي".
- لم يحظ تصميم "دفوراك" بأي فرصة لإثبات نفسه أمام تصميم "كويرتي" الذي أصبح نموذجاً للآلة الكاتبة ولوحة المفاتيح المثالية.
والآن..خارج المنافسة
- في عصرنا هذا، لا يقتصر الأمر على آلة كاتبة أو إرسال رسالة، بل يتعلق ببرامج "مايكروسوفت أوفيس" و"ويندوز" وهيمنة "أمازون" على التجارة الإلكترونية وهيمنة "فيسبوك" على صناعة التواصل الاجتماعي.
- عندما يتحدث شخص مع أصدقائه على "فيسبوك" أو "واتساب" و"إنستجرام"، يكون أشبه بكاتب على آلة كاتبة بتصميم "كويرتي" وحده في ظل عدم وجود تصميمات بديلة على قدر المنافسة.
- في وقت لاحق من الكشف عن دراسة البحرية الأمريكية بشأن تصميم "دفوراك"، أثبت خبيران اقتصاديان هما "ستان ليوبويتز" و"ستيفن مارجوليز" أن ذلك التصميم معيب بشكل كبير.
- لم ينكر الخبيران الاقتصاديان أن تصميم "دفوراك" كان أفضل من "كويرتي" من حيث سرعة الكتابة، حيث حققت "باربارا برافورد" عام 2008 رقماً قياسياً به من خلال كتابة 212 كلمة في الدقيقة.
- رغم ذلك، لم يكن الخبيران على قناعة بإمكانية تحويل المجتمعات نحو تصميم "دفوراك"، ولكن في عصرنا هذا ربما يكون الأمر أسهل في التحول بفضل التطور في البرمجيات والتطبيقات.
- بل إن الأمر سيكون أسهل في الاستخدام ولا داعي لإقناع الآخرين للتحول نحو "دفوراك"، بل يمكن استخدامه بشكل شخصي والتواصل بواسطته دون إجبار الآخرين على استخدامه، حتى دون أن يلاحظوا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}