يقف الاقتصاد الأمريكي على بعد أشهر قليلة من تسجيل أطول فترة نمو له على الإطلاق، متفوقًا على الفترة المسجلة بين مارس 1991 ونفس الشهر من عام 2001، لكن مع قرب هذا الإنجاز تزداد المخاوف بشأن الركود المحتمل خلال السنوات المقبلة، بحسب تقرير لموقع "إنسياد نولدج".
الكثيرون يخشون أن تكون هذه الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة قد اقتربت من نهايتها بعد طول أجلها، وهو ما ينذر بقرب الركود أيضًا، لكن الأدلة التجريبية تشير إلى عدم وجود علاقة واضحة بين طول مدة النمو واحتمال ركود الاقتصاد، وبقول آخر، فإنها لا تموت نتيجة التقدم بالعمر.
التوسع، هو الفترة التي يعود فيها الاقتصاد إلى وضعية التوظيف الكامل، ومع انخفاض معدل البطالة ووصوله إلى المستوى الطبيعي أو دونه، هل يكون من الممكن الحفاظ على هذه الحالة لعدة سنوات؟ أم أنها تتسبب تلقائيًا في اختلالات تقود إلى الأزمة التالية؟
مؤشر البطالة
- في حالة الولايات المتحدة (صاحبة أكبر اقتصاد في العالم) يشير التاريخ إلى أن "التوظيف الكامل" ليس وضعية مستدامة وأنه بمجرد بلوغ هذه المحطة، من المحتمل جدًا حدوث زيادة مفاجئة في البطالة.
- على الرسم البياني، تتخذ الدورات شكلًا أشبه بالرقم "سبعة" أو الحرف "V" عندما يتعلق الأمر بتطور البطالة، التي عادة ما بلغت أدنى مستوياتها قبل 12 شهرًا من الركود، وفي بعض الحالات بدأت الارتفاع خلال الأشهر القليلة السابقة له.
- ما يثير الاهتمام هو عدم وجود حلقة واحدة من البطالة المنخفضة (أو التوظيف الكامل) مستقرة لفترة طويلة، ويبدو كما لو أن الوصول إلى هذا الهدف يؤدي دائمًا إلى ديناميات تقود الاقتصاد نحو الركود.
- إذا كان هذا النمط بصدد التكرار، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة تقترب اليوم من نقطة الانعكاس (الركود)، وبطبيعة الحال، يُحتمل أيضًا أن نرى نمطًا مختلفًا بعض الشيء هذه المرة.
المثال الأمريكي الفريد
- رغم أنه الاقتصاد الأكبر في العالم، فالنمط المعهود في الولايات المتحدة ليس معيارًا لجميع البلدان، ولعل المثل الأبرز على ذلك، أستراليا، التي حافظت على معدل بطالة منخفض طيلة عقود من الزمان.
- بعد الركود الأسترالي في أوائل التسعينيات زادت البطالة ثم عكست اتجاهها وانخفضت، تمامًا كما يحدث خلال أي دورة توسع تشهدها الولايات المتحدة، وبحلول عام 2000، بلغت مستوى منخفضا للغاية وظلت ثابتة عنده لسنوات طويلة، لذا تظهر على شكل أشبه بحرف "L" في الرسم البياني.
- وفقًا لبحث أجراه أستاذ الاقتصاد لدى "إنسياد"، "أنطونيو فاتاس"، فإنه في حالة الولايات المتحدة، فالأدلة تؤكد بقوة أن انخفاض معدل البطالة عادة ما يتبعه زيادة في البطالة (ارتداد إلى المستوى المتوسط).
- يشير "فاتاس" إلى أن هذا التغير قد لا يحدث تدريجيًا عن طريق الزيادة المتواضعة في البطالة، مضيفًا أنه في كثير من الأحيان تكون الزيادة كبيرة ويتبعها الركود، وهي ظاهرة غير شائعة في بلدان أخرى مثل أستراليا.
ما سر عدم استدامة "التوظيف الكامل"؟
- يشير نمط البطالة والركود في الولايات المتحدة إلى أن انخفاض مستويات البطالة يُعد مؤشرًا قويًا لارتدادها المفاجئ المرتبط بوقوع الأزمات الاقتصادية، ووفقًا لـ"فاتاس" فإن البيانات التي بحث فيها لم تكشف عن أي فترة ممتدة من انخفاض البطالة، لكن لِمَ؟
- تميل الكتابات الأكاديمية إلى التأكيد على مجموعتين من المتغيرات المرتبطة إما باختلالات الاقتصاد الكلي (مثل التضخم) أو الاختلالات المالية، وهو ما أكده "فاتيس"، قائلًا إن فترات الركود تتبع الانخفاض الحاد في معدلات البطالة بسبب الاختلالات التي تقع.
- الأمر اللافت للنظر هو أن الأدلة التي وصل إليها "فاتيس" تشير إلى أنه حتى الآن (وكما كان الحال دائمًا) لم ينجح الاقتصاد الأمريكي أبدًا في تحمل معدل بطالة منخفض دون إحداث اختلالات تؤدي إلى الركود في النهاية.
- حال كانت هناك آمال في استمرار التوسع الاقتصادي الحالي للولايات المتحدة إلى فترة أطول، فيجب أن تكون هذه الدورة ونمط البطالة بها مختلفين عن جميع الدورات السابقة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}