لأكثر من قرن من الزمان، كانت الولايات المتحدة معروفة ببراعتها في أعمال الاتصالات السلكية واللاسلكية، منذ اختراع التلغراف أحادي الأسلاك ومن ثم تطوير "ألكساندر غراهام بيل" للهاتف الحديث في القرن التاسع عشر، بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
أسس "بيل" شركة "أمريكان تليفون آند تلغراف" المعروفة حاليًا باسم "إيه تي آند تي"، والتي أصبحت واحدة من أكبر شركات الاتصالات في العالم، لكن في القرن الحادي والعشرين، يبدو أن الريادة انتقلت إلى مكان آخر.
خوف أمريكي من "هواوي"
- مع قرب العام 2020، حيث أصبح العالم على أعتاب نشر شبكات الجيل الخامس فائقة السرعة، وجدت الولايات المتحدة نفسها بلا بطل وطني في هذه الصناعة، يمكنه منافسة اللاعبين الرئيسيين الذين يقودون هذا التحول مثل "هواوي" الصينية، و"نوكيا" الفنلندية، و"إريكسون" السويدية.
- من المتوقع أن تُحدث شبكات الجيل الخامس للاتصال اللاسلكي، ثورة في كل شيء من إنترنت الأشياء إلى السيارات ذاتية القيادة وتقنيات الواقع الافتراضي، مع تحقيق مكاسب اقتصادية بقيمة مليارات الدولارات للبلدان التي بمقدورها مواكبة هذا التطور التكنولوجي.
- خلال السنوات الأخيرة، نشبت خلافات حول التجارة والتكنولوجيا بين واشنطن وبكين، أدت إلى منع استخدام تقنيات "هواوي" للجيل الخامس في شبكات الاتصال الأمريكية، على أمل أن تحصل الولايات المتحدة على المعدات بواسطة شركات من دول صديقة.
- اتهمت الولايات المتحدة "هواوي" بأنها على علاقة بالحكومة الصينية، وحذرت حلفاءها من إمكانية استخدام معداتها للتجسس عليهم من قبل الاستخبارات الصينية، وهي مزاعم تنفيها صانعة معدات الاتصال بشدة.
- من جانبه سخر رئيس مجلس إدارة "هواوي"، "قوه بينغ" من الولايات المتحدة ووصفها بـ"الخاسر الحزين" الذي يسعى لكبح جماح شركته بطريقة قال إنها أشبه بـ"التخلي عن جميع أداء المائدة".
تجاهل المعيار القياسي
- ضغوط الولايات المتحدة على حلفائها قوبلت في النهاية بآذان صماء، وخلال شهر مارس، رفضت المفوضية الأوروبية الحظر التام لـ"هواوي" وأخبرت أعضاءها أنها مسؤولة عن تقييم مخاطر الشبكة، وتبنت المملكة المتحدة موقفًا مشابهًا أيضًا.
- في ظل غياب اللاعب الوطني القادر على توفير معدات شبكات الجيل الخامس، أعلنت شركات الاتصالات الأمركية، بما في ذلك، "إيه تي آند تي" و"فريزون" و"سبرينت"، أنها ستعمل مع "نوكيا" و"إريكسون" و"سامسونج" كموردين للأدوات اللازمة.
- يشير الخبراء وموظفو الاتصالات الأمريكيون السابقون إلى عدد من العوامل التي أدت إلى تأخر صناعة الاتصالات الأمريكية، بما في ذلك تخفيف اللوائح التنظيمية في عام 1996، وعدم وجود معايير وطنية لأعمال الجوال.
- كانت أوروبا فرضت بالفعل معيار "جي إس إم" لشبكات الاتصال الجوال في عام 1987، لكن الولايات المتحدة على النقيض، سمحت لشركات تشغيل الاتصالات باستخدام المعيار الذي يفضلونه.
- اختارت شركتا "فريزون" و"سبرينت"استخدام معيار "سي دي إم إيه" الذي طورته شركة "كوالكوم" الأمريكية، والذي يعمل على ترددات مختلفة لنظام "جي إس إم" الذي تبنته شركتا "إيه تي آند تي" و"تي موبايل".
كيف بدا التدهور الأمريكي؟
- من المحتمل أن المستهلكين الذين اشتركوا في شبكة "فريزون"، اضطروا إلى تبديل جوالات حال أرادوا الانتقال إلى مزود خدمة آخر، لأن الجهاز الذي تم ضبطه للتوافق مع "سي دي إم إيه" قد لا يعمل على شبكة تدعم "جي إس إم".
- وجود العديد من معايير الجوالات في سوق واحد بسبب تخفيف اللوائح التنظيمية كان بموجب قانون الاتصالات عام 1996، والذي فتحت من خلاله الولايات المتحدة السوق، وأزالت احتكار شركة "إيه تي آند تي" لخدمات الاتصال، وسمحت للشركات الأصغر بالتوسع.
- فصلت بعد ذلك "إيه تي آند تي" أعمال المعدات إلى ما بات يعرف باسم "لوسنت تكنولوجيز" والتي جمعت 3 مليارات دولار خلال الطرح العام الأولي لها، ما كان الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة آنذاك.
- نمت إيرادات "لوسنت" بشكل سريع من خلال تزويد الشركات الجديدة بمعدات الشبكات، وعرضت في البداية مجموعة من المنتجات المتوافقة مع المعايير المختلفة للجوالات، لكن تعدد هذه المعايير جعل وفورات الحجم أمرًا صعبًا للشركة، ما اضطرها للرهان فقط على معيارين فقط لم يحققا انتشارًا في أوروبا وآسيا.
- تباطأ النمو بمرور الوقت، وتأثرت الميزانية العمومية، وفي إحدى الحالات، أضطرت الشركة إلى شطب 700 مليون دولار من الديون المعدومة، بعد تقديمها ملياري دولار لتمويل "وين ستار وايرليس" التي أفلست عام 2001.
- لكن "لوسنت" تأثرت أيضًا بسلسلة من عمليات الدمج والاستحواذ الفاشلة، وفي النهاية اضطرت للاندماج مع نظيرتها الفرنسية "ألكاتل" عام 2006، وبعد عقد من الزمان، استحوذت "نوكيا على "ألكاتل لوسنت" ودمجتها مع أعمالها للشبكات.
- أما "موتورولا" التي كانت يومًا مثل "لوسنت"، أحد أكبر صانعي معدات الشبكات في الولايات المتحدة، فتم الاستحواذ على أصولها للبنية التحتية للشبكات اللاسلكية من قبل "نوكيا" أيضًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}