في خمسينيات القرن التاسع عشر، وُلد رجل الأعمال الأمريكي وصانع الشيكولاتة "ميلتون هيرشي" في ولاية "بنسلفانيا"، ورغم أنه بدأ نشاطاً تجارياً وهو لا يزال في السادسة والعشرين من عمره، فإنه حقق نجاحاً وضع بصمته عالمياً، وفقا لموقع "هيرشي ستوري".
البداية
- وُلد "ميلتون سنافيلي هيرشي" في الثالث عشر من سبتمبر عام 1857 لأسرة تنحدر من أصول سويسرية وألمانية لكنها استقرت في منطقة ريفية بولاية "بنسلفانيا" الأمريكية أوائل القرن الثامن عشر.
- على غرار الأسر الريفية في ذلك الوقت، كان من المفترض أن يساعد "ميلتون" في أعمال الزراعة الخاصة بالأسرة، وعُرف عنه عدم استمراره في مكان واحد لفترة طويلة، وهو ما جعله يتسرب من التعليم في سن مبكرة.
- عام 1871، ترك "ميلتون" المدرسة للتدريب والعمل على إحدى الطابعات في المنطقة المحيطة بمعيشته، وكانت طابعة تُسمى "سام إرنست" تنشر صحيفة ناطقة بالإنجليزية والألمانية.
- لم يحب هذا العمل كثيرا ورأى أنه ممل للغاية، ولكن في إحدى المناسبات أثناء العمل لدى "سام إرنست"، سقطت قبعته داخل آلة من الآلات، وهو ما دفع رئيس العمل لفصله.
- انتاب "ميلتون" قلق بالغ من ردة فعل والديه على فصله من العمل، وتحدث أبوه إلى "إرنست" لإعادته، وقرر بالفعل منحه فرصة أخرى، ولكنه والدته كان لها رأي مختلف، حيث أرادت منه تعلم صناعة الحلوى.
صناعة الحلوى
- عندما بلغ الرابعة عشرة من عمره، أُرسِل "ميلتون" إلى صانع حلوى شهير في ذلك الوقت يُسمى "جوزيف روير" بمدينة "لانكاستر" بولاية "بنسلفانيا"، وخلال الأربع سنوات التالية أتقن الفتى هذه الصناعة، ثم انتقل عام 1876 إلى "فلادلفيا" لبدء نشاطه التجاري الخاص في هذه الصناعة.
- سافر "ميلتون" إلى "دنفر" بولاية "كولورادو" وتعلم هناك من بعض صانعي الحلوى المحليين كيفية صناعة الكاراميل باستخدام الحليب الطازج، ثم ذهب لاحقاً إلى "شيكاغو" و"نيو أورليانز" للبحث عن فرص، قبل أن يستقر في نيويورك عام 1883 ليتدرب لدى شركة تسمى "Huyler’s".
- حاول "ميلتون" تأسيس نشاط تجاري في نيويورك من خلال بيع الحلوى التي صنعها بنفسه بناء على ما تلقاه من تدريبات وعمل في مختلف مناطق صناعة الكاراميل، وحقق نجاحاً لم يدُم طويلاً.
- عندما بلغ الـ26 من عمره، كانت جعبته خالية من النقود لكنها احتوت على بعض الفشل وخيبة الأمل، ولكن مع بعض الفضول والتدريب، حقق النجاح المنشود، وفي عام 1883 عاد إلى "لانكاستر".
"لانكاستر كاراميل"
- في ثمانينيات القرن التاسع عشر، اقترض "ميلتون" بعض الأموال من أحد المصارف لتأسيس شركته "لانكاستر كاراميل" التي حقق بها نجاحاً مبهراً، حيث اعتمد على وصفة كاراميل تعلمها وتدرب عليها من خلال سفرياته السابقة وتدريبه على صناعة الحلوى.
- من خلال رحلاته أيضاً، تعلم "ميلتون" كيفية بيع الكاراميل وتسويقه، وعندما زار أحد رجال الأعمال البريطانيين "لانكاستر كاراميل" وتذوق الحلوى التي تنتجها الشركة، أعجب بها كثيراً وطلب شراء كميات كبيرة منها لتوزيعها في بلاده.
- من هنا، تمكن "ميلتون" من سداد ديونه المستحقة للبنك، وتبقى معه بعض الأموال لشراء مكونات ومعدات، وتوسعت "لانكاستر كاراميل" حتى عمل بها أكثر من 1300 موظف في مصنعين، وفقا لـ"بريتانيكا".
"الشيكولاتة"
- سافر "ميلتون" عام 1893 إلى "شيكاغو" لحضور معرض "World's Columbian Exposition"، ووقعت عيناه على إحدى الآلات – ألمانية الصنع – الخاصة بصناعة الشيكولاتة وقرر شراءها بالفعل.
- اشترى "ميلتون" الآلة وبدأ استخدامها في تجربة مزج الحليب المغلي مع السكر وبذور الكاكاو كي يحصل على منتج شيكولاتة يمكن بيعه كحلوى، وفي غضون سنوات قليلة، تمكن من إتقان الوصفة جيداً.
- قرر عام 1900 بيع شركة "لانكاستر كاراميل" مقابل مليون دولار لتركيز كل نشاطه ومجهوده على الشيكولاتة وتأسيس عمله البارز "Hershey Chocolate Company"، وامتلك عام 1904 مصنعاً جديداً يحمل اسمه بعد شراء مزرعة قرب مسقط رأسه.
- اختار "ميلتون" هذه المزرعة من أجل الحصول على إمدادات الحليب الطازج اللازم لصناعة الشيكولاتة التي كانت في ذلك الوقت بمثابة منتج فاره ليس من السهل شراؤه.
- تم إنتاج أول لوح شيكولاتة يحمل العلامة التجارية "هيرشي" عام 1900، وتم التطوير في السنوات اللاحقة سواء في الوصفة الأصلية أو في تنوع المنتجات.
- اعتُبر مصنع "هيرشي" الأكبر في صناعة الشيكولاتة على مستوى العالم في أوائل القرن العشرين بعد الانتهاء من بنائه عام 1905، وسرعان ما توسع "ميلتون" بصناعته وعلامته التجارية إلى الأسواق الدولية.
الأعمال الخيرية
- عندما أدرك "ميلتون" عدم قدرته على إنجاب أطفال، قرر وزوجته بناء مدرسة لتعليم الأطفال اليتامى في المناطق المحيطة به، وبعد تحقيق حلمه بالثراء والنجاح، قرر عدم تكريس الثروة لنفسه فقط بل أيضاً لجعل من حوله سعداء.
- على عكس أغلب رجال الصناعة في ذلك الوقت، لم تكن رؤية "ميلتون" التوسعية ترتكز على مصنع الشيكولاتة فقط، بل أيضاً من خلال بناء منازل ومتنزهات ومدارس ووسائل نقل عامة وبنية تحتية من أجل إثراء وتطوير المعيشة من حوله.
- يُذكر لـ"ميلتون" مساهمته في الحرب العالمية الثانية من خلال صناعة حلوى تُسمى "Ration D Bars" يمكنها البقاء دون ذوبان لفترة، كما أنها زُودت بكافة العناصر الغذائية اللازمة لتزويد الجنود بالطاقة.
- أُعجب القادة العسكريون المشاركون في الحرب بفكرة "ميلتون" وتم توزيع مئات الآلاف من قطع الحلوى المقاومة للذوبان في درجة حرارة عالية على الجنود أثناء المعارك، خاصة في الظروف التي كان يصعب فيها إمدادهم بالمؤن.
"تايتانيك" والنهاية
- عام 1912، حجز "ميلتون" وأسرته تذاكر للسفر عبر السفينة العملاقة الفاخرة في ذلك الوقت "آر إم إس تايتانيك"، لكن في اللحظات الأخيرة، قرر رجل الأعمال إلغاء الحجز بسبب أعمال تتعلق بتجارته تطلبت حضوره، بينما لم تسافر زوجته لمرضها.
- بالتزامن مع ذلك، قرر "ميلتون" شراء تذاكر للسفر عبر رحلة بسفينة فاخرة تُسمى "إس إس أمريكا"، لينجو رجل الأعمال الشهير من الغرق في مأساة "تايتانيك" الشهيرة.
- تم تأسيس متحف باسم "هيرشي" لعرض مقتنيات ونماذج من الآلات وشكل العلامات التجارية والمصانع والأعمال الخاصة بـ"ميلتون"، كما شملت المقتنيات تذكرة "تايتانيك".
- توفي "ميلتون" في مستشفى يحمل اسم "هيرشي" بمرض الالتهاب الرئوي في الثالث عشر من أكتوبر عام 1945 عن عمر ناهز 88 عاماً كان حافلاً بالإخفاقات والنجاحات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}