نبض أرقام
08:46 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

لماذا فشل العالم في تحقيق "التنمية المستدامة"؟ وما السبيل إليها؟

2019/04/12 أرقام - خاص

قبل عقدين من الزمان تقريبًا أقرت الأمم المتحدة ما يعرف بأهداف "التنمية المستدامة"، في محاولة للوصول إلى تحقيق نمو اقتصادي يراعي الأبعاد الاجتماعية والبيئية والديمغرافية، بحيث يصبح النمو مستقرًا وتصل ثماره إلى الجميع.

 

وعلى الرغم من تحقيق المنظمة الدولية لبعض أهدافها في هذا المجال، إلا أن "جيمس باخوس" أستاذ الاقتصاد في جامعة "فلوريدا" يرى في كتابه "عالم ذو إرادة: تشكيل ومشاركة ثمار التنمية المستدامة" ضرورة اتخاذ المزيد من التدابير التي تدعم مبادرة الأمم المتحدة وتحولها إلى واقع ملموس بشكل سريع.

 

 

أهداف على الورق

 

فعلى سبيل المثال نجحت مبادرات الأمم المتحدة -وفقًا للكاتب- في مجالات التنمية المستدامة بخفض البطالة عالميًا من 6.4% عام 2000 إلى 5.6% عام 2017، وذلك رغم أنها على ما يبدو لن تنجح بهذا المعدل في الوصول إلى هدف 3% بطالة بحلول عام 2030.

 

كما أن توزيع البطالة بين سكان العالم لا يزال حلمًا بعيد المنال، في ظل مناطق ترتفع فيها نسبة البطالة إلى 50% مثل قطاع غزة، ومناطق تنعدم فيها البطالة بشكل شبه كامل (البطالة الإجبارية وليست الاختيارية) مثل العديد من دول العالم المتقدم وأبرزها اليابان والدول الاسكندنافية التي تقتصر على البطالة الاختيارية مع وجود نسب هامشية للغاية من البطالة الحقيقية.

 

كما فشلت مبادرات الأمم المتحدة في تحقيق دمج الاقتصاد الموازي داخل الاقتصاد الرسمي، بما يحقق زيادة في الإنتاجية من جهة، ويضمن حقوق العاملين من جهة أخرى، إذ تصل نسبة العاملين بشكل قانوني إلى 51% من العمالة حول العالم فحسب، بينما يظل الباقون بلا شبكات ضمان اجتماعي أو رعاية صحية وإلى ما ذلك من حقوق العمال.

 

واللافت أنه في الوقت الذي استهدفت الأمم المتحدة تحديدًا القطاع الزراعي بإصلاح وضع العمالة فيه، فإن النسبة ازدادت لتصبح 70% من العاملين في قطاع الزراعة خارج أي مظلة رسمية في عام 2016، بينما كانت النسبة 61% فحسب عام 2000.

 

تفاوت الدخول

 

أما في مجال المساواة في الأجور فإن الرجال يحصلون في المتوسط على 23% أعلى مما تحصل عليه النساء (في نفس المهنة والدرجة الوظيفية) عالميًا، وتصل النسبة إلى 12.5% فحسب في الدول المتقدمة، وعلى الرغم من تراجع تلك النسب منذ إقرار مبادرة الأمم المتحدة إلا أن الوصول للمساواة في الأجور يستلزم الانتظار 68 عاما وفقا لهذه المعدلات البطيئة.

 

 

ولم تنجح الأمم المتحدة أيضًا إلا في زيادة نسبة تشغيل المرأة من 59% إلى 63% عالميًا، مقابل ثبات نسبة الرجال الذين يعملون حول نسبة 94% بما يقل كثيرًا عن أهداف الأمم المتحدة في هذا المجال بالوصول لتشغيل متوازن بحلول عام 2030.

 

ويشير "باخوس" إلى أن الاقتصاد العالمي سيعاني كثيرًا في ظل حاجته لتوفير حوالي نصف مليار وظيفة تقريبا خلال 14 عاما مقبلة، في الوقت الذي تزداد فيه الاتجاهات نحو استخدام البدائل الآلية والذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات بما سيفرض المزيد من الضغوط على الأهداف الإنمائية.

 

وفي العديد من المجالات الأخرى يتحقق نجاح "غير كاف" فالصين على سبيل المثال أصبحت من أكثر دول العالم استثمارًا في مجال الطاقة المتجددة، ولكنها لم تخفض حتى الآن من استعمالها للفحم وهو الطاقة الأكثر تلويثًا للبيئة، بينما لا يزال معدل ذوبان الثلوج في القطب الشمالي ضعف المعدلات التي تستهدفها الأمم المتحدة مع تردد الدول النامية في الانضمام للبروتوكولات المناخية خوفًا من تراجع معدلات النمو بسبب تغيير طرق الإنتاج.

 

الحلول

 

والسبب الرئيسي للفشل هو خوف الدول من تراجع نموها حال التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولذلك تبرز العديد من الاقتراحات في سبيل بلوغ الأهداف التي تحقق نموًا متوازنًا ومتواصلًا يحافظ على البيئة ويخلق فرصا للمرأة والفئات المهمشة في النمو، وعلى رأسها وضع قواعد مختلفة للتجارة العالمية من جانب الدول الكبيرة.

 

ويرى "باخوس" أن وضع الولايات المتحدة وأوروبا لتعريفة جمركية على واردات الدول التي تستخدم عمالة الأطفال -على سبيل المثال- من شأنه أن يقضي تدريجيًا على الظاهرة، أو يقلص منها كثيرًا بأن تصبح في التجارة بين مجموعة من الدول النامية فحسب.

 

 

كما يمكن فرض عدد من القواعد التي يصفها لـ"الاسكندنافية"، حيث اتجهت السويد على سبيل المثال لمنع استيراد السلع التي يتم إنتاجها باستخدام الفحم، وغالبا ما ستعقبها دول أخرى، ووجود اتجاه عالمي في هذا الأمر سيجعل الدول المنتجة والمستهلكة له تتجه لبدائل مثل النفط والطاقة النظيفة.

 

ويختتم "باخوس" أنه على الرغم من صعوبة الاتفاق على مثل تلك القواعد إلا أنها ليست مستحيلة، بسبب تحقيقها لقاعدة "ربح مقابل ربح" الذهبية، ففرض قيود على "الاقتصاد غير المرغوب فيه" من شأنه تنمية الاقتصاد "الصحي" وتشجيعه، مما سيفيد دول العالم أجمع، شريطة وجود إدراك عالمي واسع لأهمية الاستمرار في تحقيق التنمية المستدامة وليس تلك التي تخرب البيئة وتؤذي البشر.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.