في الرابع والعشرين من ديسمبر العام الماضي، كان مؤشر "إس آند بي 500" عند أدنى مستوى له منذ أبريل 2017، بعد انخفاض بنحو 20% متراجعًا عن مستواه القياسي المسجل قبل ثلاثة أيام من هذا التاريخ، بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
ومع ذلك، بحلول الحادي والثلاثين من ديسمبر ارتفع المؤشر بنسبة 6.5%، وزاد منذ ذلك الحين بنسبة 12.6% إضافية، ليبقى المؤشر بعيدًا عن أعلى مستوياته على الإطلاق بنحو 3.7% فقط.
سرعة وحجم التحول في معنويات المستثمرين، (شهدت الأسهم أسوأ ديسمبر منذ عام 1931، قبل أن تسجل أفضل بداية لعام جديد منذ عام 1987) فاجأت العديد من استراتيجيي الاستثمار، خاصة وأن بعض نقاط الضعف الرئيسية في الأسواق المالية لا تزال قائمة.
مخاطر
- من بين العوامل المسؤولة عن عمليات البيع الحادة في الربع الأخير من العام الماضي، يظل التباطؤ في اقتصادي الصين ومنطقة اليورو والحرب التجارية بين واشنطن وبكين بمثابة عقبات رئيسية في مسار الاقتصاد العالمي.
- وفقًا لنتائج استطلاع الرأي الأخير الذي أجراه مصرف "بنك أوف أمريكا ميريل لينش"، والذي نشره في التاسع عشر من مارس، فإن تباطؤ الاقتصاد الصيني قد حل محل الحرب التجارية باعتباره أكبر تهديد للأسواق.
- تشمل المخاطر الأخرى المستمرة، عدم اليقين الحاد بقضية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بجانب التدهور الحاد في أرباح الشركات الأمريكية المدرجة بالبورصة.
- مع ذلك، تبدو الأسواق غير منزعجة، فمن الناحية العملية حققت كل فئات الأصول الرئيسية عائدات إيجابية هذا العام، وتفوقت الأسهم على باقي الأصول في الأسواق المتقدمة والنامية (خاصة الصين).
- تراجعت الاضطرابات التي ألحقت الضرر بمحافظ المستثمرين أواخر العام الماضي إلى درجة أدت إلى إطلاق مصرف "جيه بي مورجان" في تقرير حديث له اسم "السوق الهابط المتقلب" على ما يجري في سوق الأسهم حاليًا.
أسباب تدعو للتفاؤل
- يعتقد الكثير من المحللين أن الشعور بالرضا عن الذات عاد إلى الأسواق، ما يجعل المستثمرين عرضة لخيبة أمل جديدة مفاجئة، لأن بعض العقبات الرئيسية في المفاوضات التجارية لا يمكن تجاوزها، ويبدو أن تعزيز النمو في أوروبا والصين أمر غير ممكن.
- مع ذلك، وفي حين أن هناك الكثير من الأسباب المشجعة للنظرة الهبوطية، فهناك أسباب أخرى تدعو للتفاؤل، حيث تحسنت الظروف المالية كثيرًا كما يتضح من مستويات التقلب المنخفضة في فئات الأصول، والانخفاض الحاد لعائدات سندات الخزانة العشرية الأمريكية.
- في بداية العام الماضي، كانت هناك جهود حثيثة لخفض الديون في الصين، ورفع الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة بوتيرة سريعة، لكن اليوم، تعطي بكين الأولوية للنمو وأوقف البنك المركزي الأمريكي خططه لزيادة أسعار الفائدة.
- خلال نصف عام أو نحو ذلك، أصبحت أنظمة السياسات في أكبر اقتصادين على مستوى العالم أكثر ميلًا للتيسير، إضافة إلى ظهور علامات (وإن كانت أولية) تشير إلى تحسن الأمور في الاقتصاد الصيني والأوروبي.
- في الصين، تشير أحدث مجموعة من البيانات، رغم أنها غير مكتملة، إلى أن تدابير التحفيز تساعد على استقرار الاقتصاد، حيث ارتفعت مبيعات التجزئة في أول شهرين من هذا العام بنسبة 8.2% على أساس سنوي، وزادت استثمارات الأصول الثابتة هامشيًا.
الوضع ليس سيئًا للغاية
- في منطقة اليورو، ظل نمو الأجور خلال الربع الأخير من العام الماضي ثابتًا، مسجلًا 2.3% على أساس سنوي، وهو أسرع معدل فصلي منذ عام 2009، وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء التابع للتكتل.
- استطاعت ألمانيا بالكاد تجنب الركود الاقتصادي العام الماضي، وبلغ معدل شغور الوظائف في البلاد أعلى مستوياته منذ عام 2006، في إشارة إلى تحسن سوق العمل، وبشكل عام فإن البيانات الاقتصادية لليورو فاقت التوقعات في 2018 رغم ضعفها.
- الأمر الذي يدعو للاطمئنان أكثر إزاء عدم المبالغة في الرضا، أنه في حين ارتفعت أسواق الأسهم هذا العام، فإن موجة التدفقات الخارجة من صناديق الأسهم الأمريكية التي بدأت في أكتوبر من العام الماضي تستمر بلا هوادة، في إشارة إلى تواصل قلق المستثمرين.
- مما لا شك فيه أن خطر انهيار المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين (أو التوصل لاتفاق سياسي سرعان ما سينهار لاحقًا) يخضع لتقدير المستثمرين حاليًا، كما هي الحال مع تهديد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
- مع ذلك، فليس الأمر كله كئيبًا، فمع خفض الاحتياطي الفيدرالي توقعاته للنمو في الولايات المتحدة هذا العام، أعلن تعطيل خطته لتطبيع السياسات، وهو إجراء كان يتمناه المستثمرون في أحلامهم قبل أشهر، وها هو قد أصبح واقعًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}