مرت ثلاثة عقود منذ أن قادت صناديق الاستثمار عالية المخاطر -والتي غالبًا ما تكون مرتفعة العائد- عالم إدارة الأصول إلى عصر جديد، بالانتقال من رهاناتها التقليدية إلى ما يقول عنه بعض الخبراء إنه يجب ضمه لأي محفظة استثمارية جيدة، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
وبحلول أواخر الثمانينيات، أصبحت الأسواق الناشئة جزءًا أصيلًا من الصناعة المالية، بعدما كان يطلق عليها سابقًا اسم العالم الثالث، وأقنع المستثمرون الأوائل في هذا التحول مثل السير "جون تيمبلتون" الأفراد والمؤسسات على اقتفاء أثرهم تدريجيًا.
ومن بين المؤسسات الاستثمارية المستهدفة كانت صناديق المعاشات التقاعدية، وأقنعهم "تيمبلتون" وأمثاله بأن الأسواق الناشئة ستضمن لهم نموًا أسرع، كما أن العائدات ستكون أقل ارتباطًا بما يحدث في دول العالم الصناعي (كانت نقطة ترويجية مهمة للغاية).
إعادة تشكيل الوعي
- بحلول عام 1987، أسهم حدثان بارزان في تشكيل الوعي بكون الأسواق الناشئة، بلدانا أقل تقدمًا لكن مع فرص استثمارية واعدة، حيث أطلقت "إم إس سي آي" أول مؤشر لأسهم هذه الأسواق، وتأسس صندوق "تيمبلتون إيمرجينج ماركتس" للأسواق الناشئة.
- ركز الصندوق على أسواق هونغ كونغ والفلبين وسنغافورة وماليزيا وتايلاند، وكانت القيمة السوقية الإجمالية لهذه الأسواق آنذاك دون 100 مليار دولار (مقارنة بـ2.5 تريليون دولار اليوم).
- انهيار الاتحاد السوفيتي وتخلص الصين من نموذج الاقتصاد الشيوعي، أتاح فرصًا للاستثمار في أصول بقيمة تريليونات الدولارات، ومالت معظم صناديق التقاعد في العالم للاستثمار في الأسهم والسندات المدرجة بمؤشرات الأسواق الناشئة.
- خلال التسيعينيات من القرن الماضي، تفوقت الأسهم التي يتعقبها مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة على نظيرتها في الأسواق المتقدمة بنسب بلغت 40% و50% خلال بعض السنوات.
- عند وقوع أزمة ما ولو في بلد واحد، مثل تخلف روسيا عن سداد ديونها أو أزمة العملة المكسيكية أو مشكلة البنوك التايلاندية، كان يهرب المستثمرون من الأسواق الناشئة لفترة محدودة من الوقت.
ناشئة سابقًا.. ناضجة حاليًا
- الآن، وبعدما أصبحت أسواق الأسهم والسندات أكثر نضجًا وأكبر بكثير، فإن منافع التنويع المفترض أن تقدمها الأسواق الناشئة بات نيلها أصعب كثيرًا، خاصة مع حجم هذه الأسواق الهائل مقارنة بما كانت عليه سابقًا.
- أسهم الأسواق الناشئة شهدت فترات من ضعف الأداء مقارنة بنظيرتها المتقدمة، لكن الاختلافات أصبحت أقل بمرور الوقت، مما يثير نقاشًا حول جدوى الاستثمار بها ومدى مساعدتها في عملية التنويع.
- شهد اقتصادان من بين أبرز الاقتصادات المدرجة في مؤشرات الأسواق الناشئة (تايوان وكوريا الجنوبية) نموًا اقتصاديًا قويًا حتى أنهما أصبحا أغنى من أسواق متقدمة مثل إيطاليا والبرتغال، من حيث تعادل القوة الشرائية.
- تغطي مؤشرات سندات الأسواق الناشئة التابعة لمصرف "جيه بي مورجان" بلدانًا أغنى من الولايات المتحدة وفقًا لنفس المقياس، ولا يبدو من المنطقي تجميع هذه البلدان معًا في محفظة واحدة، فمع ارتفاع الاستثمارات بهذه المؤشرات تصبح الأسواق أكثر تشابهًا.
- الدول التي لا تتشارك نفس الأساسيات الاقتصادية أو هيكل السوق، تشهد تدفقات داخلة وخارجة من رأس المال في الوقت نفسه مع تضمينها في المؤشرات القياسية مثل "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة، وفقًا لمعهد هونج كونج للأبحاث النقدية.
- ينبغي أن يسبب ذلك قلقًا، فهذا يعني أن هناك حافزا أقل لتشجيع الدول على اتباع ممارسات صحيحة، وعقوبة أقل إذا قامت بأفعال خاطئة، في الوقت الذي تتواصل فيه تدفقات الأموال إلى أسهم الأسواق الناشئة.
حان الوقت لإعادة التفكير
- تضمين الأسهم والسندات الصينية في مؤشرات الأسواق الناشئة مشكلة إضافية للأسواق الناشئة كفئة من الأصول، فأسهم الصين حجمها هائل ومخيف، والتي بتضمينها كاملة تشكل أكثر من 40% من مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة.
- باستثناء جنوب إفريقيا، فإن الأعضاء الثلاثة الآخرين في تكتل "بريكس"، وهم البرازيل وروسيا والهند يشكلون نصف المؤشر، وسيكون المستثمرون الذين يشترون فئة أصول أكثر تشابهًا، وتمثل قرارات السياسة في بكين أهمية لها أكبر من أي عامل آخر.
- من ناحية أخرى، فإن الحد بشكل مصطنع من التعرض لمثل هذه الدولة ضخمة الحجم والتي ما زالت ناشئة لن يكون له أي معنى أيضًا، ويجب على المستثمرين البحث عن طرق أخرى لتنسيق محافظهم.
- الاعتماد على التقلبات النسبية أو آفاق النمو أو غيرها من عوامل الاستثمار الملموسة سيكون أكثر منطقية من تقسيم المحفظة إلى أسواق ناشئة ومتقدمة، والتي باتت فكرة عفى عليها الزمن.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}